IMLebanon

لجان التحقيق البرلمانية “بلا فعالية وإقرار بفشل القضاء”

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

 

كثرت في الآونة الأخيرة مطالب النواب والكتل البرلمانية بتشكيل لجان تحقيق برلمانية في عدد من الملفات التي يكتنفها الكثير من علامات الإستفهام حول هدر المال العام والفساد ولا سيما ملفات الاتصالات والبواخر والتوظيف، فماذا يقول النظام الداخلي عن دور وتشكيل هذه اللجان، وما رأي الكتل النيابية فيها؟ وكيف كانت التجارب السابقة، وماذا عن دور القضاء والسلطة القضائية المستقلة طالما سيقوم مجلس النواب بالأمر؟

يُحدد النظام الداخلي لمجلس النواب في مواده من المادة 139 حتى المادة 143 آلية تشكيل هذه اللجان وطريقة عملها لجهة أن لمجلس النواب في هيئته العامة أن يقرر إجراء تحقيق برلماني في موضوع معين بناءً على إقتراح مقدم إليه للمناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب في موضوع معين أو مشروع يطرح عليه.

وبناء على المادة 139 فإن عدداً من النواب قد طلب شفهياً أو خطياً تشكيل اللجنة في جلسة مناقشة الموازنة وجلسات أخرى، وهناك من يستعد لتقديم طلب رسمي جديد لرئيس المجلس نبيه بري إذ أعلن نائب “حزب الله” حسين الحاج حسن أن كتلته النيابية ونواباً آخرين سيتقدمون بطلب تشكيل لجنة تحقيق في ملف الخليوي. ووفقاً للمادة 140تجري اللجنة تحقيقها وترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس المجلس الذي يطرحه على المجلس للبت في الموضوع.

أما المادة 141 فتقول إن للجنة التحقيق أن تطلع على كل الأوراق في مختلف دوائر الدولة وأن تطلب تبليغها نسخاً عنها وأن تستمع الى الإفادات وتطلب الإيضاحات التي ترى أنها تفيد التحقيق.

ويحق للجان حسب نص المادة 142 أن تعيّن لجنة فرعية من أعضائها لاستقصاء الحقائق في قضية معينة. وفي حال امتناع الإدارة المختصة عن توفير المعلومات المطلوبة إلى اللجنة الفرعية ترفع هذه الأخيرة تقريراً بالأمر إلى اللجنة التي انتدبتها، التي تقوم بدورها بطلب تعيين لجنة تحقيق برلمانية من الهيئة العامة.

كما يمكن للمجلس وفق المادة 143 أن يولي لجان التحقيق البرلمانية سلطات هيئات التحقيق القضائية على أن يصدر القرار في جلسة للهيئة العامة. يتم التحقيق وتمارس اللجنة صلاحياتها وفقاً لأحكام القانون رقم 11/72 تاريخ 25 أيلول 1972.

وفي السياق لا يرى خبراء في الدستور أي فعالية للجان التحقيق البرلمانية في لبنان بسبب غياب المعارضة الفعالة والحقيقية لأن غالبية الكتل النيابية ممثلة في الحكومة وبالتالي فإن هذا الأمر لا يعدو كونه عنواناً جديداً لحملات محاربة الفساد المطروحة على الساحة السياسية.

موقف الكتل النيابية

أما النواب والكتل البرلمانية فقد اختلفت نظرتهم للتعامل مع الملف لكنهم سجلوا شبه إجماع حول ضرورة تعزيز دور أجهزة الرقابة واستقلالية السلطة القضائية الأمر الذي لا يترك مجالاً للذهاب إلى خيار لجان التحقيق.

وقالت النائبة بولا يعقوبيان لـ”نداء الوطن”: “كل لجان التحقيق والأسئلة والإستجوابات لا تصل إلى نتيجة إلا إذا كان هناك طرف يتربص بالآخر، ولدينا مجموعة من السارقين يحكمون مع بعضهم البعض ويختلفون ويُهددون بعضهم بالقانون والدستور والمراقبة والمحاسبة ثم يتصالحون وتوضع كل الملفات جانباً بعد التسويات، فهم ملوك الإلتفاف على القوانين”.

فيما أكد نائب الكتائب الياس حنكش لـ”نداء الوطن” أن حزبه أول من طلب تشكيل لجان تحقيق برلمانية، مذكراً بموقف رئيس الحزب النائب سامي الجميل في جلسة 6 آذار 2019 عندما قال، سبق وتقدمنا بطلبين لتشكيل لجان تحقيق برلمانية، أحدهما يتعلق بالنفايات والآخر بالبواخر واليوم تقدمنا بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بموضوع التوظيف العشوائي وغير القانوني في القطاع العام منذ 2017 حتى اليوم.

وعبّر عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن عبر “نداء الوطن” عن رأيه الشخصي الذي لا يعتقد أنه يتعارض ورأي الكتلة واللقاء لجهة أنهم “مع الوصول إلى الحقيقة في كل الملفات وضبط كل مزاريب الهدر والفساد في إدارات الدولة وهذا يتطلب تعزيز دور الهيئات الرقابية واستثنائها من قرار وقف التوظيف ورفع يد السياسيين عنها وإنجاز قانون استقلالية السلطة القضائية وترك النواب يقومون بدورهم الرقابي والتشريعي”.

وأشار إلى أن “فتح الملفات لن يوصل إلى نتيجة في لبنان إلا إذا رُفع الغطاء السياسي عن الجميع سياسياً وطائفياً وأوقفنا منطق الفيتوات المتبادل، فلنذهب كتجربة وبادرة حسن نية إلى رفع الغطاء عن المهربين الذين يستخدمون 136 معبراً غير شرعي والتي تُدر ملايين الدولارات على خزينة الدولة ومن ثم ننتقل إلى الملفات الأخرى، فنحن هدفنا الأبعد إلغاء الطائفية وتعزيز دور الدولة ومؤسساتها”.

أما نائب “القوات اللبنانية” عماد واكيم فأكد لـ”نداء الوطن” أن “الكتلة ستدرس الأمر في أول اجتماع لها” ولكن برأيه الشخصي “إذا كان الهدف من تشكيل لجان التحقيق البرلمانية سياسياً فهو ضده أما إذا كان لتصحيح مسار الإدارة فلا مانع ولكن ليس على قاعدة لكل عطسة لجنة”.

ويُعتبر النائب جهاد الصمد أول المطالبين بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف أوجيرو والصفقات والتلزيمات في قطاع الاتصالات خلال جلسة مناقشة الموازنة، وقال لـ”نداء الوطن”: “إذا بقيت الأمور غير جدية لدى القضاء فلا بد من اللجوء إلى هذا الخيار وأنا بانتظار ما سيحصل الثلثاء المقبل مع المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم حيث لدي موعد بناء على إحالة الملف إليه من مدعي عام التمييز بناء على طلب رفعته لوزير العدل بهذا الخصوص”.

وللتذكير وبتاريخ 28 نيسان 2012 كان تقدم النواب علي فياض وياسين جابر وإبراهيم كنعان، بإقتراح لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول التجاوزات التي شابت الإنفاق العام منذ مطلع العام 1993 ولغاية آخر العام 2011، وتضمن الإقتراح طلب منح اللجنة بعض صلاحيات قضاة التحقيق بموجب أحكام القانون 11/72.

وكان مجلس النواب خصص جلسة له العام 1994 لمناقشة لجنة التحقيق البرلمانية حول صفقة طائرات البوما الفرنسية. كما عقد جلسة سرية في 16/12/2003 خصصت للتصويت على تشكيل لجنة تحقيق في مضمون العريضتين الإتهاميتين بحق وزير المالية (آنذاك) فؤاد السنيورة في ما يتعلق بملف محرقة برج حمود، ووزير النفط السابق شاهي برصوميان في ملف الرواسب النفطية. وخلصت الجلسة إلى امتناع النواب عن التصويت على تأليف لجنة تحقيق برلمانية في ملف السنيورة بينما تم تشكيل لجنة في ملف برصوميان وقضية الرواسب النفطية.