IMLebanon

الحكومة والإعتداءات… “الحزب” هم “الحاكمون”

كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

لم ينتظر أحد سماع موقف الحكومة اللبنانيّة من الإعتداءات الإسرائيليّة بقدر ما انتظروا كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله بعد ظهر الأحد والذي أعلن أن الردّ سيكون حتمياً.

بدّلت حادثة سقوط الطائرتين الإسرائيليتين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت من قواعد الإشتباك بين “حزب الله” وإسرائيل، هذه القواعد التي لم تتعرّض للإهتزاز منذ نهاية حرب تموز 2006 على رغم كل الأحداث التي حصلت في مزارع شبعا وحتى في الداخل السوري، والغارات الإسرائيليّة المتكرّرة على مراكز إيرانية وأخرى تابعة لـ”حزب الله” في سوريا. وتترقّب الدولة اللبنانيّة، مثلها مثل أيّ مواطن عادي، كيف سيردّ “حزب الله”، وأين، وكم سيبلغ حجم الضربة وكيف سيكون ردّ فعل إسرائيل.

وكان ملفتاً، ما عبّر عنه وزير الإعلام جمال الجرّاح بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، عندما سُئل عن مطلب وزير “القوات اللبنانية” ريشار قيومجيان بأن يكون قرار السلم والحرب بيد الدولة، فأجاب الجرّاح قائلاً: “هذا مطلب دائم لـ”القوات اللبنانية” ولمعظم القوى السياسية، وهو متروك إلى حين بتّ الإستراتيجية الدفاعية التي يعمل عليها الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري، وهي ستناقش كسلّة متكاملة، ولكن ليس في هذا الجو حيث تمارس الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان. علينا انتظار أن تهدأ الأجواء وزوال خطر العدوان الإسرائيلي عن لبنان لمناقشتها بهدوء”.

ويعقد مجلس الوزراء جلسة عاديّة اليوم في بيت الدين لمناقشة الأوضاع العامة وإقرار عدد من البنود. وتؤكّد مصادر وزاريّة لـ”نداء الوطن” أنّه قبل الإعتداءات الإسرائيليّة التي حصلت، كان هناك قرار متّخذ بتفعيل عمل مجلس الوزراء بعد لقاء المصالحة والمصارحة الذي عُقد في قصر بعبدا، ولم يتغيّر أي شيء في هذا المجال”.

وتشدّد المصادر على أن “لا شيء يدعو إلى توقّف الجلسات، بل على العكس عليها أن تتكثّف لملاحقة التطورات الحاصلة، وعدم السماح للأمور بالفلتان”. وتلفت المصادر إلى أنّ “مجلس الوزراء يحاول أن يكون بحجم الأحداث، فهو عانى من الشلل بعد أحداث قبرشمون، لذلك فإن تفعيل عمله في هذه المرحلة بالذات هو بمثابة رسالة إيجابيّة إلى المواطن من أجل حلّ كل المسائل العالقة”.

وفي سياق متابعة الإعتداءات الإسرائيليّة، فقدّ تمّت المعالجة على خطّ وزارة الخارجيّة التي ستتقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن حول الإنتهاكات، كذلك، فإن الحريري أعلن في جلسة مجلس الوزراء أمس الاوّل أن الحكومة اللبنانية ستتقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن ضدّ اعتداءات إسرائيل، من هنا تؤكّد المصادر أن “لبنان الرسميّ سيقوم بكل ما يتوجّب عليه، وسيتبع كل الطرق الديبلوماسيّة والقانونيّة من أجل التصدّي للإعتداءات الإسرائيليّة التي لم تتوقّف ولا يعرف أيّ كان المدى الذي يمكن أن تبلغه في المراحل المقبلة”.

وسيحضر موضوع الإعتداءات الإسرائيليّة في جلسة بيت الدين، وقد تابع الرئيس عون أمس التطورات من خلال التقارير التي وردت إليه عن التحقيقات التي تُجريها النيابة العامة العسكرية، وردود الفعل المحلية والخارجية على العدوان، كذلك تابع تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه الطارئ في قصر بيت الدين.

وفي ظلّ التطورات التي تحصل، فإن مطالبة بعض الأفرقاء ومن ضمنها “القوّات اللبنانيّة” بحصر قرارَي السلم والحرب بيد مجلس الوزراء يبقى أقرب إلى الحلم غير القابل للتحقيق في الوقت الراهن بسبب الظروف التي يعلم بها الجميع، ووضع “الحزب” يده على هذا القرار.

ويرى بعض الأفرقاء في الحكومة أن مجلس الوزراء كان يجب أن يضع يده على قضية الإعتداءات منذ البداية وتستلم الأجهزة الأمنية التحقيقات فيها، لكن مسارعة “حزب الله” في الحركة والمبادرة، وكلمة السيّد نصرالله بعد ظهر الأحد، جعلتا المواجهة مباشرة بين إسرائيل و”الحزب” فيما الدولة غابت عن مسرح الأحداث، في حين أن مواجهة تل أبيب مع الشرعيّة اللبنانيّة أصعب بكثير من مواجهتها “الحزب”.

ومن الآن وحتى وضع استراتيجيّة دفاعيّة وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة، يبقى “حزب الله” هو الحاكم والمتحكّم بمفاصل اللعبة… من صغيرها إلى كبيرها.