IMLebanon

أسئلة حول توقيت رد “الحزب” ومدى ارتباطه باستحقاقات سياسية

كتب غاصب المختار في صحيفة “اللواء”:

دخل اركان الادارة الاميركية الكبار نائب الرئيس مايك بينس ووزير الخارجية مايك بومبيو مباشرة على خط التصعيد الاسرائيلي، الذي تمثل الاحد الماضي، بشن عدوان بطائرتين مسيّرتين على منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، فأصابت مركز العلاقات الاعلامية لـ «حزب الله»، وعدواناً آخر في الوقت ذاته تقريباً على مركز مبيت لعناصر الحزب في بلدة عقربا بريف دمشق، وجرى تفسير دخول المسؤولين الاميركيين من باب محاولة طمأنة  لبنان -عبر الاتصال برئيس الحكومة سعد الحريري- الى السعي لعدم تجدد مثل هذا الخرق للقرار 1701، مع التأكيد « على ضرورة تجنب اي تصعيد، والعمل مع كافة القوى المعنية لمنع اي شكل من اشكال التدهور»، بعدما اعلن «حزب الله» بلسان امينه العام السيد حسن نصر الله شخصيا ان المقاومة سترد على العدوانين .

وبالتوازي، كان بومبيو نفسه «يُطمئن» رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو باتصال هاتفي، « أن الولايات المتحدة تقدم الدعم الصريح لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مع تلك التهديدات الناشئة عن ​الحرس الثوري الإيراني​«، وهو نوع من التبرير اللاحق للعدوان، والاستباقي لأي عدوان آخر على لبنان اوسوريا او ربما في اية بقعة عربية ترى اسرائيل موجبا لها للتدخل عسكريا كما حصل في العراق.

لكن النتيجة المباشرة للكلام الاميركي كانت تجدد طلعات الطيران الاسرائيلي وبكثافة فوق لبنان، ربما كنوع من جس نبض «حزب الله» حول ما اذا كان سينفذ تهديده بإسقاط الطائرات المسيرة والاستطلاعية والتجسسية فوق لبنان، لكن الرد الاولي جاء من الجيش اللبناني وبإطلاق النار من سلاح فردي بداية باتجاه الطائرات الاسرائيلية، وهي رسالة لبنانية صريحة بأن لبنان لن يسكت على الخروقات الاسرائيلية، وأن السلاح الفردي من البنادق قد يتطور الى سلاح ثقيل، وذلك ترجمة لقرار المجلس الأعلى للدفاع الذي أكّد على حق اللبنانيين بالدفاع عن النفس، بكل الوسائل.

ووفقاً للتجربة القديمة والجديدة،  فإن السياسة الاميركية تُطمئن لبنان كلاميا، وتضع له عملياً قيوداً وشروطاً سياسية وعسكرية، وتزيد الضغوط عليه بالعقوبات المالية، بينما تؤكد لنتانياهو تأييدها لما  تصفه «حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها»، ولو كانت هي المبادرة الى العدوان كما حصل في عدوان الضاحية ، والعدوان على عقربا السورية الاحد الماضي.

‏ وبنتيجة قراءة سياسة ازدواجية المعايير الاميركية ونتائجها، يتضح حسب بعض المحللين الاستراتيجيين، أن استباحة اميركا واسرائيل  الساحات العربية ومنها لبنان، وبكل الوسائل السياسية والعسكرية والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية والمالية وتجويع شعوبها بالحصار الغذائي والدوائي، بحجة مواجهة ايران وحلفائها، لا توفر الاستقرار لها ولهذه الساحات، بل تزيد عوامل التوتر وتدفع المواجهات الى مزيد من التصعيد في الشرق الاوسط،  لاسيما مع دخول القطب الروسي في المواجهة العسكرية (في سوريا)، وفي المواجهة السياسية- الدبلوماسية الضمنية مع اميركا.

هكذا يقف لبنان بين حدّ ترقب ردّ «حزب الله»، والمرجح ان يتم بعد الاحتفال بذكرى تغييب الامام موسى الصدر الذي يتحدث فيه الرئيس نبيه بري في النبطية، وانقضاء مراسم عاشوراء التي يحييها الثنائي في كل مناطق تواجدهما من الضاحية الى الجنوب والبقاع، وبين حدّ تسارع المساعي الدبلوماسية التي يجريها الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، بمواكبة من رئيس المجلس النيابي ايضا، والتي لا تهدف فقط الى لجم اسرئيل ومنع اعتداءاتها، بل ربما تذهب الى طلب الوصول الى تطبيق الجزء الثاني والاهم من القرار 1701، والمتلعق بوقف اطلاق النار نهائيا وليس التوقف فقط عند الشق المتعلق «بوقف الاعمال الحربية» المفروض ان يكون ساري المفعول منذ العام 2006، ولكن اسرائيل تخرقه كل يوم براً وبحراً وجوّا .

وفي وقت استبعد فيه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم اندلاع حرب مؤكداً «ان الحزب سيرد على الاعتداء الإسرائيلي، وأن كل الأمور ستقرر في حينها، تاركاً للأيام المقبلة ان تكشف التفاصيل»(كما ورد في عدد اللواء الخميس)، فثمّة من يرى «ان الرد على العدوانين قد يكون موضعياً ولكن موجعاً لمنع اسرائيل نهائياً من التفكير مجدداً بخرق وتغيير قواعد الاشتباك، ومن التمادي في اعتداءاتها على العمق اللبناني»..

ولذلك تُطرح الاسئلة حول توقيت الرد وحجمه، والى متى تبقى الساحات مشدودة الى «الحدث المنتظر» وكأنه قدرمحتوم، وهل سيرتبط بحدث سياسي او بتوقيت سياسي يريده «حزب الله»، مثل الرد قبيل او عشية الانتخابات النيابية الاسرائيلية(للكنيست) المقررة في السابع عشر من شهر ايلول المقبل؟ وهل ستلتزم اسرائيل بوقف التعديات بعد اتضاح حجم ونوعية الرد، وهل يسعى لبنان الرسمي للاستفادة من التحرك الدبلوماسي الغربي نحوه، لوضع كل النقاط على حروف القضايا العالقة مع الكيان الاسرائيلي، بممارسة ضغط لبناني رسمي باتجاه تطبيق الشق العالق من القرار ١٧٠١، حول «وقف اطلاق النار نهائيا» ووقف التحرشات والخروقات الجوية والبرية والبحرية وخطف الرعاة وحفر الطرقات وتجاوزالخط الحدودي؟ وباتجاه فرض شروطه كاملة في عملية تحديد الحدود البرية والبحرية، التي سيعيد الموفد الاميركي ديفيد شينكر التفاوض حولها في ايلول المقبل؟

فكل هذه الامور عالقة بين لبنان والكيان الاسرائيلي منذ توقفت حرب تموز-آب، ولا زال العدو يماطل في تنفيذها، وزاد في المماطلة  منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 ودخوله طرفا مباشرا فيها سواء بشن العديد من الاعتداءات على سوريا، مستخدماً في معظمها سماء لبنان لشن العدوان، أو بدعم بعض الفصائل الارهابية في مناطق الجنوب السوري دعما واضحاً وعلنياً.