IMLebanon

حق الفلسطيني في العمل

كتب بشارة مرهج في صحيفة “اللواء”:

إنّ إجراءات التضييق على الشعب الفلسطيني في لبنان، سواء في مجالات العمل أو الصحة أو التربية أو التملك لا مبرّر لها على الإطلاق، وتتسبب باحتقان الأوضاع، وتوتير الأجواء بين اللبنانيين والفلسطينيين، بما يتعارض مع مصلحة الشعبين الشقيقين والمصلحة القومية العليا.

ويزداد الأمر سوءا عندما تؤخذ هذه الاجراءات في هذه المرحلة التي تتطلب منّا جميعاً تهدئة الجبهة الداخلية، وإشاعة أجواء الثقة والتضامن بين اللبنانيين من جهة، وبينهم وبين الفلسطينيين من جهة أخرى، لمواجهة «صفقة القرن» وتداعياتها الخطيرة على كل صعيد محلي أو اقليمي، كما لمواجهة الاعتداءات  الصهيونية المتصاعدة على لبنان والشعب الفلسطيني وسوريا والعراق، تلك الاعتداءات التي تعكس منهجية ثابتة للكيان الصهيوني الممعن في خطط الاستيطان والتهويد، والعامل على تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه سواء بالقهر والقمع أو بالتجويع والتضييق.

وإذا كان العدو الصهيوني الذي اعتدى اعتداء صارخاً على لبنان وسيادته، يعمل على تفكيك كيانات المنطقة وإضعافها ويحرص على تفادي الهزائم، كالتي مُنِيَ بها عام 2006، ويصر على استفراد الفلسطينيين وممارسة سياسته العنصرية الاستعلائية عليهم، فإنه ولا شك يرحّب في المدى المنظور بكل تطوّر سلبي من شأنه إضعاف أي كيان عربي محيط بفلسطين، ويوظفه لصالحه، ما يدفعنا للتنبه والحذر من كل خطوة ناقصة أو خاطئة يمكن ان تتسبب مباشرة أو مداورة بنشؤ أي توتر أو صراع داخلي على حساب المواجهة القومية التي يفرضها وجود الكيان الصهيوني الغاصب على أرضنا الفلسطينية والعربية الغالية.

وتأسيساً على هذه البديهيات نقول بأنّه إذا كانت المصلحة اللبنانية العليا تقضي برفض التوطين باشكاله الصريحة أو المقنّعة لأنه يناقض الدستور ويطعن في جوهر القضية الفلسطينية، فإن هذه المصلحة تقتضي في الوقت نفسه مواجهة سياسة التضييق والتهجير التي تتعارض مع التزام لبنان بحقوق الانسان وتتناقض مع مصلحة الشعب الفلسطيني الملتزم بحق العودة وتحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني.

من هنا ندعو الحكومة اللبنانية إلى إعادة النظر بقرارات وزير العمل المجحفة، التي تتجاهل حقيقة الأوضاع التي يعيشها لبنان محلياً وإقليمياً، كما ندعوها لاتخاذ القرارات التي تكفل للإخوة الفلسطينيين العيش بكرامة في وضعهم الانتقالي في لبنان ومساعدتهم على مواجهة الأوضاع الصعبة التي يعيشونها في مجالات العمل والصحة والتربية والتملك، ونقول التملك ايضا لانه لا يجوز  التمييز ضد الفلسطينيين بينما يتمتع جميع الأخوة العرب كما الأجانب بحق التملك المتاح تحت رقابة القانون .

وكما يتعلق موضوع العلاقات اللبنانية الفلسطينية بالحكومة اللبنانية، فإنه يتعلق ايضا بمجلس النواب الذي ندعوه إلى النظر في هذه العلاقات بمنظار الأخوّة القومية، والمصالح المشتركة بحيث تُعاد صياغة المنظومة القانونية ذات الصلة على قاعدة الانصاف والعدالة ولا سيما القانون رقم 129 الصادر عام 2010 لاستثناء الأخوة الفلسطينيين من شروط المعاملة بالمثل أو شرط الحصول على إجازة عمل.

إنّ موقف الفلسطينيين في لبنان كما في كل بلدان الشتات هو الرفض المطلق للتهجير والتوطين وتمسك مطلق بحق العودة الى فلسطين وهم بهذا الموقف انما يلتقون مع المصلحة اللبنانية العليا، وينسجمون مع أنفسهم وتاريخهم النابض بالعطاء والاستشهاد وقد فضلوا العيش في أصعب الظروف وأقساها متمسكين بحقوقهم الوطنية والقومية الكاملة على أي أمر آخر ينشده الفرد في حياته المحدودة بالزمن.

نحيي الشعب الفلسطيني على مواقفه المشرفة ونحيي كل طرف لبناني يؤمن بالأخّوة اللبنانية الفلسطينية، ويدعم حقوق الشعب الفلسطيني الانسانية والاجتماعية، كما حقه في العودة وتحرير ارضه من الاحتلال الصهيوني.