IMLebanon

“الرؤية” تنقشع على مزيد من الضرائب

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

 

في إطار تبريرها لعدم دعوة ممثلي أصحاب العمل والعمال إلى اجتماع بعبدا الإقتصادي، قالت مصادر مقربة لمحطة OTV الناطقة باسم العهد “إن الحوار ليس إقتصادياً إنما سياسي، هدفه مواكبة المعالجات الإقتصادية عبر تأمين الغطاء السياسي لأي نقاط قد يتم تبنيها لاحقاً بمعالجة الأزمة الإقتصادية”.
تبريرٌ يُخرج مفتاح الحل من قفل الأزمة، ويؤكد المخاوف مما يجري التحضير له من إجراءات لن تصيب إلا المواطنين. فالهدف الاقتصادي المعلن للإجتماع ما هو إلا حصان طروادة، الذي يخفي هدفاً وحيداً يتلخص بالبحث في كيفية تخفيض عجز الموازنة من الناتج المحلي في موازنة 2020 إلى 6.5 في المئة. أما الطريقة فستكون عبر وصل ما انقطع في موازنة 2019 تحت ضغط الشارع، لجهة فرض المزيد من الضرائب على المواطنين واصحاب الدخل المحدود والمتقاعدين.

نقاط البحث

هذا ما تؤكده النقاط التالية التي يجري بحثها: رفع الضريبة على المعاشات التقاعدية من 6 الى 7 في المئة. زيادة الرسوم على صفيحة البنزين عبر تحديد سقفها الأدنى عند 25 الف ليرة. رفع الضريبة على القيمة المضافة بمعدل واحد في المئة على السلع الكمالية، على أن تحدد لاحقاً ما هي الكماليات، وعليه تصبح قيمة الـ TVA المعمول بها بعد احتساب ضريبة 3 في المئة على السلع المستوردة، 15 في المئة، رفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 10 الى 11 في المئة. وبهذه الإجراءات الضريبية المباشرة تكون الدولة قد انتقت من مطالب صندوق النقد الدولي مطلبي رفع الضريبة على البنزين بمعدل 5 آلاف ليرة، وتحديد الضريبة على القيمة المضافة بـ 15 في المئة، وأهملت بقية المطالب الأساسية التي تتعلق بإصلاح القطاع العام ومؤسساته المهترئة وعلى رأسها الكهرباء. أما ما تبقى من خطوات تتعلق بالكهرباء، وتطبيق مقررات “سيدر”، وتنظيم الإدارة العامة، ومحاربة الهدر والفساد.. فما هي إلا حبة الكرز على قالب الضرائب الموعودة.

إحراج الأحزاب

الإجتماع “التضحية”، وضع رؤساء الأحزاب في موقف لا يحسدون عليه، “وسيجبرهم على تبني خطابين، الأول، بالموافقة على صعوبة الوضع وضرورة التضحية أمام الرئيس، والثاني برفض أي إجراءات ضريبية جديدة أمام قواعدهم الشعبية”، يقول رئيس حزب العمال اللبناني مارون الخولي، ويتابع إن “النية الحسنة في هذا الإجتماع، بددها إنعدام الرؤية الإقتصادية والإجتماعية. وغياب المنطق الإصلاحي عند أهل السلطة أنفسهم. فنحن نعيش اليوم تجربة موازنة 2019، التي بدأت بشعارات تخفيض معاشات النواب والوزراء، والغاء مخصصاتهم التقاعدية، وعدم جواز إزدواجية الرواتب في القطاع العام، وتطهير الإدارات الرسمية من آلاف الوظائف غير المستحقة، والتي تنافي مبدأ وقف التوظيف، ووقف الهدر والفساد…لكنها مع الاسف انتهت بفرض المزيد من الضرائب والرسوم. وهذا ما يدفعنا الى التخوف من ان تكون مقررات هذا الاجتماع مجرد غطاء لمزيد من التدابير القاسية وغير المنصفة بحق المواطنين”.

الرؤية المفقودة

الغطاء الرؤيوي الشمولي لاجتماع بعبدا نقضته مجموعة من النقاط حتى قبل أن يبدأ. ومن دون التطرق الى معادلات الإقتصاد الحقيقي القائم على دعم القطاعات الانتاجية، وتصغير حجم القطاع العام المسبب الأول لكل المشاكل، سواء على صعيد الكهرباء والاستشفاء ومجمل الخدمات، أو على صعيد التسبب برفع كلفة خدمة الدين العام والفوائد الجنونية. فان “انعدام الرؤية يظهر من خلال الإصرار على فرض الضرائب على البنزين، من دون أن يتم تأمين نقل عام يستطيع المواطنون استخدامه، مع ما يرتبه ذلك من رفع كلفة مختلف السلع والمواد الغذائية والخدماتية. ويظهر أيضاً برفع الضريبة على القيمة المضافة، بحجة حماية الانتاج الوطني، من دون أن نملك صناعات وطنية بديلة للسلع المستوردة. كما يظهر من خلال البحث في خطة مستدامة لأصل البلى، أي الكهرباء، من دون أن ننجح في تعيين مجلس إدارة لشركة كهرباء لبنان، ولا هيئة ناظمة للقطاع”، يقول عضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي عدنان رمال. ويضيف “إذا كان الهدف تخفيف النفقات، فانه كان الأجدر بالمسؤولين الإنطلاق من نقطتين اساسيتين: تصغير حجم القطاع العام وتخفيف أعبائه المتعاظمة عن الدولة، والبدء فوراً بإصلاح قطاع الكهرباء. وأنا على ثقة أن النفقات سوف تنخفض بحدود 4 مليارات دولار سنوياً، من دون الإضطرار الى فرض الضرائب على القطاع الخاص المنهك وعلى المواطنين”.

تجمع مصادر مطلعة على أن الإجتماع ما هو إلا محاولة توفير إجماع وطني على وصفة أعدت سلفاً من مكونات ضريبية من دون إضافة ملح الإصلاح. فهل سيبصم ممثلو الاحزاب على المقررات وهل سيبقى الشارع ساكناً إزاء كل التطورات، أسئلة كثيرة ستبدأ أجوبتها بالظهور مع بدء مناقشة موازنة 2020 التي ستتضمن الترجمة الفعلية لكل المقررات.