IMLebanon

مضمون مقترحات بعبدا… إسمع تفرح جرّب تحزن

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

ورقة المقترحات للإجراءات الإصلاحية الأولية لمواجهة الأزمة التي كانت محور لقاء بعبدا المالي والإقتصادي أمس الأول، لم تتضمن ضرائب جديدة بشكل مباشر، إنما جاء بعضها مغلفاً كتحديد سعر أدنى وأعلى لصفيحة البنزين.

وتضمّنت الورقة ضرورة إعادة النظر بالنظام الضريبي عموماً ليصبح اكثر كفاءة ومساواة بدءاً من إقرار الضريبة الموحّدة التصاعدية على الدخل. وقدّمت سلسلة اقتراحات منها ما هو قديم ومعروف في الوسط المالي والإقتصادي ومنها ما هو جديد لاقتصاد ينزف.

فعلاً من يقرأ تلك الورقة يراها في بعض نقاطها مثالية واذا ما طبقت ستغيّر مسار حياة واقتصاد اللبنانيين، كونها تتناول مواضيع ملحّة سبق أن تمت قراءة مزاميرها على الدولة مراراً وتكراراً من قبل الإقتصاديين والدراسات الإقتصادية لا سيما “ماكينزي” وما زالت قابعة في الأدراج .

شددت الورقة على ضرورة خفض العجز الى 6.5 % في موازنة 2020 من خلال خفض الإنفاق الجاري لا سيما عجز الكهرباء وخدمة الدين…بزيادة الإيرادات عبر تحسين الجباية ومكافحة التهرّب الضريبي والجمركي …وتنفيذ وزارة الطاقة والمياه خطة الكهرباء والإلتزام بسقف لتحويلات الخزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان لا يتجاوز 1500 مليار ليرة في العام 2020، ورفع حصّة المشاريع الإستثمارية الممولة من خلال قروض خارجية ميسّرة بعد دراسة جدواها المالية…

إجراءات

كما تضمنت الورقة ضرورة إتخاذ إجراءات للتمكن من تصحيح المالية العامة وضبط الدين العام ومعالجة الخلل في الحساب الجاري الخارجي، وبناء اقتصاد منتج تنافسي واحتوائي يحقق نمواً مستداماً بمعدلات مرتفعة. لم تغفل الورقة ذكر أن تحقيق ذلك يتطلب قراراً سياسياً موحّداً، وخطّة وطنيّة صارمة وعاجلة لمكافحة الفساد والهدر وتضامن قوى الإنتاج حول مشروع إنقاذي يفتح آفاقاً جديدة على الصعد المالية والإقتصادية والإجتماعية…

أما الجديد في الورقة، فهو التأكيد على اقتراح تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات مع الإحتفاظ بحقوق الموظفين في القطاع العام وبدرجاتهم .

– تشكيل لجنة لإصلاح النظام التقاعدي ونهاية الخدمة في القطاع العام خلال فترة سنة.

– زيادة الحسومات التقاعدية من 6 الى 7% للعاملين في القطاع العام.

– ملء الشواغر في ديوان المحاسبة.

– وضع حدّ أدنى وحدّ أقصى لأسعار البنزين . وزيادة الضريبة على دخل الفوائد من 10 الى 11% وجعلها دائمة.

– فرض ضرائب أرباح مرتفعة على الإمتيازات والأنشطة المضرّة بالبيئة وعلى الإحتكارات ومراجعة كل الإعفاءات الضريبية وإعادة ربطها بدعم الإنتاج والعمل والإبتكار والمساواة وحماية البيئة والصحة العامة.

واللافت في سلسلة الإقتراحات المقدمة اعتماد ثلاثة معدّلات للضريبة على القيمة المضافة VAT كما يلي: – 0% على السلع المعفاة حالياً ، 11% على السلع غير المعفاة والمعتبرة من غير الكماليات، و15% على السلع المعتبرة من الكماليات على أن تحدد هذه السلع الكمالية لاحقاً مع إمكانية زيادة النسبة بعد ثلاث سنوات. مضحك مبكٍ

أما المضحك المبكي فكان زيادة الرسوم على السجائر بمعدل 500 ليرة لعلبة السجائر المنتجة محلياً و1000 ليرة لبنانية لتلك المستوردة.

فـ”التدخين يقتل” تصرّ وزارة الصحة اللبنانية على طبعها على علب الدخان وبخط كبير جداً وواضح. فهو لا يقتل فحسب بل يتسبب بـ”أمراض مميتة” كما يدوّن آخرون، ما يكبّد وزارة الصحة أموالاً طائلة لمعالجة مرضاها. ألم يكن من الأجدى زيادة قيمة الرسم للحد من مفاعيل التدخين على غرار سائر الدول، أم ان الأمر سيحول دون إفادة تجار التبغ المحسوبين على فئات معينة؟

من يسمع الإقتراحات المقدمة من زيادة الإنتاج وخلق فرص العمل، الى اقتراح خطة “ماكينزي” وتطوير قطاع التأمين مروراً بإقرار نظام تقاعد وحماية اجتماعية لجميع اللبنانيين والتغطية الصحية الشاملة ووضع سياسة إسكانية … وصولاً الى اقرار خطة مستدامة لإدارة النفايات الصلبة، فضلاً عن اقتراح اقرار مشاريع قوانين عدة، كلها خطوط عريضة نفرح عندما نسمع عنها ونحزن عندما نجرّبها ونكتشف أنها تحتاج الى مفتاح “التوافق السياسي” السحري لتدخل حيّز التطبيق!