IMLebanon

موجودات مصرف لبنان…تحت الضغط

كتبت إيفون أنور صعيبي في “نداء الوطن”:

 

تتزايد القيود التي يفرضها غياب الاصلاحات الجدّيّة والهيكلية على الاقتصاد. لذا من المتوقع ان يشهد لبنان، بعد تقريرَي “فيتش” و”موديز”، وخفض تصنيف لبنان الائتماني من B- الى CCC، زيادة على فوائد اليوروبوندز، وكذلك سيسجل ارتفاعاً على كلفة الدين المتلاصقة وعجز الخزينة والذي سيتفاقم بدوره. وعليه، من المرجح ان ترتفع الفوائد على الاقتصاد. وفي حال حدوث هذا السيناريو، فإن النمو الاقتصادي سينكمش ومعه عائدات الدولة ليُقوّض لا بل يخنق الاقتصاد ككل. لتقرير فيتش الاخير عوائد سلبية على موازنة 2020 قد تطيح الجهود المبذولة لتقليص العجز بما فيها “اصلاحات” موازنة 2019. فكلفة الدين العام التي كانت حوالى 8 مليارات دولار قد ترتفع سيما وان الامور ذاهبة، بحسب ما يقول الخبراء، باتجاه زيادة 20% على اليوروبوندز كما وعلى تراجع عائداتها. بالتالي مهما كانت الاجراءات فهي لن تكون ذات نفع إن لم يتمّ اعتماد مقاربة تعيد تعزيز الثقة.

لمن لم يطّلع على تقرير وكالة “فيتش” الاخير، فانه يشير الى أن مجمل ديون مصرف لبنان حتى نهاية أيار 2019 من المصارف التجارية بلغت 63 مليار دولار. ويبيّن التقرير عينه ان احتياطي المركزي بالعملات الاجنبية يبلغ 30 مليار دولار لكنّ الاحتياطي الصافي السلبي Net Negative Reserves يبلغ 33 مليار دولار، أي بعد احتساب ودائع المصارف لدى “المركزي”، علماً أن احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان في نهاية العام 2019 والتي يمكن استعمالها (usable) لتغطية حاجات لبنان التمويلية سيبلغ 19.2 مليار دولار.

هذه الواقعة كان قد أكدها وزير المال الاسبق جورج قرم في مقابلة نشرت أمس في “نداء الوطن” حول ان 80% من احتياطات مصرف لبنان تتشكل من ودائع البنوك التجارية. أي أن جزءاً كبيراً مما يملكه المركزي من احتياطي بالعملات الاجنبية يعود الى المصارف التجارية.

من وجهة نظر وكالات التصنيف، لا فرق عندما يصبح الوضع كما هو عليه بين البنك المركزي والحكومة خصوصاً بعد ما ورد عن وكالة “ستاندر أند بورز” عن أن احتياطات لبنان ستنخفض وأنها قد تغطي حاجات البنك المركزي فقط لـ 12 شهراً. وشددت “الوكالة” على المخاطر المتأتية من تسارع وتيرة السحب من الاحتياطات مما سيشكل اختباراً لربط العملة.

في قانون التصنيف، يؤخذ في الاعتبار تقرير وكالتين من أصل ثلاث أي انه ان قامت “فيتش” و”موديز” بخفض التصنيف، عندها لا يعود هناك اهمية لتقرير “ستاندر اند بورز” بالنسبة الى المستثمرين. من هذا المنطلق فان الفوائد على لبنان ستشهد ارتفاعاً والأمر سيان بالنسبة الى الفوائد المصرفية. والى ذلك من شأن خفض التصنيف ان يخلق مشاكل وقد نضطر الى تعديل قيود “بازل” لا سيما تلك التي لها علاقة بمعدل الملاءة المصرفية ورأسمالها. وتجدر الاشارة الى ان الفوائد على أي دين جديد سترتفع لكن هذه الزيادة لن تشمل ديون الدولة القديمة كما ان الفوائد على اليوروبوندز ستلامس الـ 20% وربما اكثر.

عن الموضوع يرى الخبير المالي وليد ابو سليمان أنه “عندما نبحث في اعماق نتائج خفض التصنيف فلا بدّ لنا من التطرق الى كلفة الاستدانة التي سترتفع وترفع معها خدمة الدين ما يزيد من عجز الموازنة. واذا كانت 33% من النفقات مخصصة لأكلاف خدمة الدين فلا شك ان هذه النسبة سترتفع أكثر مع خفض التصنيف، وذلك طبعاً في حال تمكنّا من اصدار سندات خزينة في ظلّ الـ CCC”.

ويضيف أبو سليمان: “إن خفض التصنيف سيؤثر على تصنيف المصارف التي ستجد نفسها مضطرة الى اعادة تكوين رأس المال كما ستزداد التحديات امام المودعين لاتخاذ قرار ترك ودائعهم في المصارف اللبنانية ام نقلها للخارج. وإن تحقق السيناريو الثاني، عندها سنشهد خروج المزيد من الدولارات. الى ذلك ستزداد نسبة تردد المستثمرين لتوظيف أموالهم في السوق اللبنانية لاعتبار ان مفتاح الجذب لأي عمل استثماري يكون الثقة”.

أما حول ما ورد عن وكالة “ستاندر أند بورز” فيوضح أبو سليمان أن “موجودات البنك المركزي تخوّل الحكومة تمويل نفسها لـ 12 شهراً وذلك ان لم تتحسن الاوضاع بشكل ملموس. وهذا ما ذكرته وكالات التصنيف عندما خفض تصنيفنا الائتماني… وعن الاحتياطي الصافي السلبي للمركزي، صحيح ان ملكية هذه الاحتياطات قد لا تعود بالكامل الى مصرف لبنان وانها ودائع المصارف، لكن يحق للمركزي ان يتصرف بها. فهذا كان الغرض من الهندسات المالية بما انها تستحق بعد حوالى عامين”.

يدل خفض التصنيف على عدم الثقة حيال لبنان وسيؤدّي حكما إلى ارتفاع أسعار الفائدة للحفاظ على قدرة استقطاب الدولارات من الخارج…ان استُقطبت.