IMLebanon

“حزب الله” و”الإشتراكي”: اللقاء بذاته هدف

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

اليوم ستلتقط عدسات المصوّرين الصورة نفسها. رئيس مجلس النواب نبيه بري يجمع في عين التينة كلاً من مسؤولي “حزب الله” الحاج حسين خليل ووفيق صفا من جهة، ومسؤولي “الحزب التقدمي الاشتراكي” غازي العريضي ووائل أبو فاعور من جهة أخرى. وربما يكون اللقاء الموعود تمهيداً للقاء يعود ليجمع، يوماً ما، الأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصر الله برئيس “الإشتراكي” وليد جنبلاط.

في كل مرة يختلف “حزب الله” و”الاشتراكي” تراهما يتحيّنان الفرصة لإعادة التواصل في ما بينهما، كأنهما محكومان بتنشق هواء واحد يكاد لا يكفي الجهتين، ولا تستطيع الجهتان أن تستغني إحداهما عن الأخرى.

يوم خاطب وليد جنبلاط السيد حسن نصرالله: “أنا معك بفلسطين” كأنه تقصد القول إن تلك القضية المحورية والأساسية في المواجهة مع إسرائيل لا تزال تجمعنا، أي اننا ورغم كل الخصام والتباعد في التفاصيل فلا نزال نلتقي على الاستراتيجي. ويوم شارك عبر موفد حزبي في ذكرى حرب تموز التي أقامها “حزب الله” أراد أن يبعث برسالة انفتاح جديدة باتجاه “الحزب” الذي كان سباقاً باتصالات معايدة إلى وزراء “الاشتراكي”. وبعد الاعتداء الاسرائيلي سارع جنبلاط الى تأكيد الوحدة الوطنية كأفضل طريقة لمواجهة العدوان الاسرائيلي.

مستجدات كثيرة طرأت على المشهد السياسي في الفترة الزمنية الفاصلة ما بين اللقاءين، كان من بينها ذاك الدعم الأميركي الذي تلقاه جنبلاط في أعقاب ملف قبرشمون. جرعة لم يستغلها جنبلاط في تعميق المواجهة مع “حزب الله”. فضّل المهادنة على السير قدماً في الخصام وهو الذي يعاني من قلق مزمن بأنه مستهدف وبأنّ على “حزب الله” تقديم ضمانات تهدئ من روعه.

طوال فترة الخلاف كان رئيس مجلس النواب نبيه بري عرّاب التهدئة، وجهد في نقل تطمينات “حزب الله” لجنبلاط. وبعد حادثة قبرشمون طلب من “الحزب” ترتيب جلسة حوار جديدة مع “الاشتراكي”. تريث “حزب الله” في انتظار تحقيق أمرين: إتمام المصالحة بين جنبلاط ورئيس الحزب “الديمقراطي” طلال ارسلان، وأن يسلك ملف قبرشمون مساره القضائي. تمت المصالحة وصار الملف في عهدة القضاء. اعتبر “حزب الله” أن الشرطين نفذا بما يحفظ ماء وجه حليفه ارسلان. وإثر لقاء المصالحة في بعبدا فاتح بري الطرفين بضرورة الجلوس مجدداً، ونال منهما تفويضاً رسمياً لترتيب اللقاء، وهو رأى أنّ موعده قد حان… فكان له ما أراد.

وإلى المعطى المحلي ثمة معطى إقليمي كان دخل على خط المعالجة، وهو الجانب المصري المقرب الذي تربطه صداقة بين طرفي النزاع، وكان يسعى ولو من بعيد إلى وقف التدهور في العلاقة بينهما. يشجع جنبلاط على دور مصر التي تطالب بوجود حوار عربي – إيراني، وليس “حزب الله” بعيداً من العلاقة مع المصريين، وربما كان يكفي أن تعطي زيارة جنبلاط إلى مصر جرعة دعم إضافية للقاء مع “حزب الله”.

واليوم بعد انقطاع طويل، ينعقد اللقاء الثاني. هو ليس لقاء مصالحة بقدر ما هو لقاء “غسل قلوب” في محاولة لتصفية ترسبات المرحلة الماضية. الذي سيحصل بين الطرفين من وجهة نظر عين التينة هو “استكمال للحوار الذي يرعاه الرئيس بري والذي بدأ منذ مدة”.

يحاول رئيس المجلس قدر المستطاع تقريب وجهات النظر. بإيجابية تنظر عين التينة إلى اللقاء المرتقب وترى فيه استكمالاً للجلسة السابقة والتي كان هدفها معالجة التباينات والخلافات الموجودة بين الحزب “الاشتراكي “و”حزب الله”. وتقول مصادرها: “لا جدول أعمال محدداً للجلسة ولكل طرف أن يتحدث بما لديه ويعرض وجهة نظره. المهم هو التواصل لأن القطيعة بين الطرفين ممنوعة في شرعة رئيس السلطة التشريعية”.

“عين دارة” نقطة خلافية عالقة

يرى “حزب الله” أنه من الطبيعي بعد الانقطاع أن “تحكي العالم مع بعضها”. يرفض الأحكام المسبقة عن اللقاء، ويكتفي بالقول: “إن اللقاء بذاته هو هدف، ولاحقاً نرى ما سينتج عنه”، أي أنّ هذا اللقاء “سيحدد اتجاه العلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة”.

ومن وجهة نظر “الاشتراكي”، فإن اللقاء يأتي “استكمالاً للقاء الأول، يوم حصل لقاء عتب طويل استعرض خلاله الطرفان نقاط الخلاف التي كانت تزيد على نقاط التقارب” ورغم ذلك يصر “الاشتراكي” على لقاء الطرف الآخر الى منتصف الطريق وهو “يعتزم تقديم قراءة للمرحلة التي تلت اللقاء الأخير وما استجد من تطورات”. وينتظر “ما سيشهده اللقاء كي يبنى على الشيء مقتضاه مع تمسكنا بما سبق وتحدثنا بشأنه وبعدم القطيعة مع أي طرف وإنما لا بد من إعادة الحوار مع الجميع”.

للوزير السابق غازي العريضي أن يفاخر بنجاحه اليوم هو أيضاً في التخفيف من التشنج على خط حارة حريك – كليمنصو. طريق حفظه عن ظهر قلب وقد انشغل مرات ومرات في تأمين لقاء كاد أن ينعقد بين جنبلاط والحاج حسين الخليل لولا أن استفحل الخلاف حول ملف عين دارة الذي لا يزال نقطة خلافية عالقة ينتظر “حزب الله” تراجع “الاشتراكي” عنها وقد تعود الأمور إلى مجراها السابق. والسؤال هنا هل سينجح لقاء عين التينة ويُستكمل وفق السيناريو المرسوم بلقاء قريب في دارة الزعيم الدرزي وبحضوره؟