IMLebanon

الراعي: إذا كان الجبل بخير يكون لبنان كله بخير

اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم الثاني من زيارته الراعوية إلى أبرشية صيدا، بزيارة بلدة كفرقطرة – الشوف حيث ترأس الذبيحة الالهية في كنيسة القديسة تقلا، عاونه فيها راعي الابرشية المطران مارون العمار والنائب العام المونسنيور مارون كيوان وكاهن الرعية الخوري طانوس طانوس ولفيف من الكهنة والرهبان.

وقال الراعي، في العظة: “أزور رعية كفرقطرة العزيزة والذكريات تعود بي إلى أواخر الخمسينات، عندما كنا إخوة ناذرين نقضي عطلة الصيف في دير مار عبدا – دير القمر، ونأتي إلى الرعية لتلقين الأولاد التعليم المسيحي، وبخاصة لنحيي عيد القديسة تقلا. وكان في تلك السنوات رئيس الدير يتولى خدمة الرعية، ويعاونه الآباء المتواجدون فيه. أقول هذا تأكيدا للروابط الروحية القديمة التي تشدني إليكم. إننا ندعم توجهكم إلى توطيد الوحدة في الجبل والتضامن والتعاون من أجل إعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية إليه بشكلها الفاعل. ومن الملح بمكان الإفساح في المجال للجميع ليجدوا وظيفة سواء في مؤسسات الدولة العامة، أم في مؤسسات خاصة. وهذا عنصر أساسي لحفظ الاستقرار في الجبل، ميزان الاستقرار في البلاد”.

وأضاف الراعي: “يا مريم أمنا، في يوم مولدك، بزغ فجر الخلاص على البشرية جمعاء. نسألك نعمة الانفتاح على هذا الفجر، بانتظار شمس المخلص والفادي، فنعيش في نور كلمته التي تشركنا في أمومتك الروحية. لقد أعطيت جسدا للكلمة المقبولة في قلبك، ساعدينا كي نجسد نحن بدورنا الكلمة إياها في أفعالنا وثقافتنا، فنرفع معك نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

بعد القداس، التقى الراعي ابناء الرعية ووفدا من المشايخ الدروز. ومن ثم زار والوفد المرافق كنيسة السيدة للروم الكاثوليك حيث كان في استقباله كاهن الرعية الاب وسام فرح وابناء الرعية.

وقال الراعي بعد القداس: “انها لفرحة كبيرة ان نزور كنيسة السيدة في عيدها ونبارك اعمال بناء الكنيسة الجديدة مجددين التهاني والتمنيات لكم بالعيش بطمأنينة بالرغم من كل الصعوبات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها. ولكن نحن جماعة الرجاء لا نخاف لأن ايماننا يبدد الصعوبات. وكلمة يأس لا توجد في قاموسنا المسيحي. وأنتم اختبرتم المحنة في الجبل لتعودوا فتعيشوا القيامة. وكونوا على ثقة ان شفعاءنا وقديسينا لن يتركونا يوما”.

ومن هناك توجه الراعي الى البيت الدرزي في كفرقطر وكان في استقباله حشد من المشايخ ومن ابناء طائفة الموحدين الدروز.

وأكد الراعي “المصالحة التي اجراها المثلث الرحمة البطريرك صفير والأستاذ وليد بك جنبلاط”، مشيرا إلى أن “أصبح علينا اليوم ان نصونها ونواصلها. تلك المصالحة وضعت الأساس ونحن علينا بناء المداميك كما في كل بناء. الجميع يعلم ان الحياة تبدأ بولادة طفل وحتى قبل ولادته يبقى تسعة أشهر في بطن امه. وعندما يولد لا تتوقف القصة هنا، فهو يحتاج الى عناية ورعاية، ثم الى تعليم. وفي كل المراحل يحتاج الى صحة. ما يعني ان هناك كينونة وهناك صيرورة. الحياة الزوجية تبدأ لكن صيرورتها تحتاج الى بناء يومي والا يحكمها التنافر. الامر عينه ينطبق على حياتنا الوطنية”.

وأضاف: “بالنسبة لكلامنا عن المصالحة، فانها حصلت ولكن صيرورتها اصبحت بين أيدينا. علينا ان نبنيها كل يوم كمواطنين صالحين، وعلى الدولة ان تساعدنا كي يتمكن اهل الجبل من العيش فيه. يجب على الدولة أن تقوم أيضا بتأمين فرص عمل لهم ونحن أيضا نتأمل من المؤسسات الخاصة أن توجد ظروف عمل ووظائف لشعبنا حتى يبقى هنا وأن لا يضطر للنزول إلى بيروت ويعود كل يوم أو لفتح بيت آخر في بيروت. هذا ما اعنيه بالصيرورة التي على كل واحد منا ان يعمل ويحافظ عليها من جهته”.

وتابع: “نحن فيما يختص بنا ككنيسة، وكما ترون، حافظنا على كل مؤسساتنا، مدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا وهيكلياتنا في الجبل. وهذا واجب اساسي بالنسبة لنا كي يشعر الشعب برجاء وأمل بأنه ليس متروكا، ولذلك نحن بحاجة لان تبقى أيدينا مشبوكة لكي يشعر الجميع بفرح العيش معا من جديد”.

وختم الراعي: “أود ان اتمنى لكم كل التوفيق مع الدعاء إلى الله لكي يستمر هذا العيش معا في هذا الجبل الذي نعتبره العمود الفقري للحياة اللبنانية. فإذا كان الجبل بخير يكون لبنان كله بخير لأن الجبل هو قلب لبنان النابض. هو العامود الفقري الذي علينا ان نحميه معا. ولدينا مع أخواننا الموحدين الدروز، بني معروف، تاريخ طويل من التعاون من أيام فخر الدين. وهذا التعاون ادى الى تأسيس الكيان اللبناني وإعلان دولة لبنان الكبير 1920. لذلك نحن معنيون موحدين الدروز ومسيحيين بالمحافظة على هذا الوطن ليبقى وطن التعددية، وطن التنوع الديني والثقافي والحزبي والسياسي كي يبقى وطن الديموقراطية ووطن الحريات العامة، وطن الإنسان.”