IMLebanon

 إجراءات حاسمة لوقف التهريب والتهرُّب الجمركي

كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:

وضعت التحذيرات التي أطلقها سفير مؤتمر «سيدر» بيار دوكان المسؤولين أمام التحدي الأصعب  في كيفية السير بعملية إنقاذ الوضع الاقتصادي الذي يعاني كثيراً من أزمات، قد لا يمكن إيجاد الحلول لها إذا لم يتم المباشرة باتخاذ ما يلزم من إجراءات فاعلة لتصحيح مكامن الخلل التي أشار إليها المبعوث الفرنسي الذي شدد على أن الأولوية يجب أن تكون لإقرار الموازنة ومعالجة عجز الكهرباء الذي يشكل لوحده قسماً كبيراً من الدين العام، إلى جانب العديد من المشكلات التي تعرقل تحسن الأداء الاقتصادي، بالرغم من الخطوات التي تم اتخاذها من تأليف الحكومة حتى الآن.

وإذا كان اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برئيس الحكومة سعد الحريري، قد أكد استمرار الدعم الفرنسي والدولي للبنان من خلال «سيدر»، إلا أن الرئيس الحريري يدرك أن الوضع صعب ولا بد من بذل جهود استثنائية لتجاوز المأزق القائم، من خلال المزيد من الخطوات الاقتصادية المدروسة التي تستجيب لمتطلبات الدول المانحة، والتي ما زالت ملتزمة مساعدة لبنان الذي عليه أن يلاقي هذه الدول في منتصف الطريق، باعتماد سياسية اقتصادية ومالية واعدة، قادرة على انتشاله من الوضع الصعب الذي يعانيه. وهذا الأمر سيكون أولوية، كما أبلغت أوساط وزارية في المرحلة المقبلة، بعدما يكون بدأ مجلس الوزراء بمناقشة مشروع موازنة ال2020، انطلاقاً من الأسبوع المقبل، على أن يحيلها إلى مجلس النواب في وقتها الدستوري، في حين كانت زيارة رئيس الحكومة إلى مرفأ بيروت كما تقول الأوساط، رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر بأن الحكومة ستعمل بكل قوة على وقف التهريب والحد من التهرب الجمركي بكافة الوسائل، باعتبار أنه ما عاد مقبولاً أن يبقى الوضع على ما هو عليه، بالتوازي مع الإجراءات التي اتخذها الجيش والقوى الأمنية لإغلاق المعابر غير الشرعية.

وتشير الأوساط إلى أن هاجس الحكومة في الأشهر المقبلة سيكون اقتصادياً بالدرجة الأولى، بهدف تصحيح مكامن الخلل وتصويب المسيرة على هذا الصعيد، لأن لبنان ليس بإمكانه تجاهل التحذيرات الدولية التي تطالبه باتخاذ ما يلزم من حلول لأزماته الاقتصادية. وبالتأكيد سيكون لملف الكهرباء أولوية أساسية، انطلاقاً من القرارات التي اتخذها اجتماع بعبدا الاقتصادي الذي أشار إلى مجموعة اقتراحات عملية سيجري العمل عليها، من أجل وضعها موضع التنفيذ في أقرب فرصة، على أن يتواكب ذلك مع سلسلة اجتماعات رئاسية وزارية تصب في هذا الإطار، من شأنها تزخيم العمل لإحراز تقدم على صعيد إجراءات المعالجة، انطلاقاً من الطروحات التي تم التوافق عليها.

وتكشف أن مسؤولي البنك الدولي الذين زاروا لبنان، تكونت لديهم انطباعات بأن لدى لبنان إمكانات تجعله قادراً على الصمود، لكن ذلك يتطلب جهداً رسمياً أكبر من أجل الاستفادة من هذه الامكانات وعدم استنزافها مع الوقت، لإن ذلك لن يكون في مصلحة البلد، إذا لم يتواكب مع مجموعة تدابير وإن كانت موجعة، لتوظيف هذه الإمكانات في إطار دعم الاقتصاد اللبناني وتوفير شبكة أمان له في هذه الظروف الصعبة التي يواجهها، حيث أن عامل الثقة الدولية بلبنان لا يزال موجوداً، وهذا لوحده يحمي لبنان، شريطة أن توفر الحكومة الأرضية المناسبة لتنفيذ التعهدات التي قطعتها للمانحين.

وتشكل زيارة الرئيس الحريري فرنسا في النصف الثاني من الشهر الحالي، مناسبة لإطلاع الرئيس ماكرون على ما يقوم به لبنان على صعيد تحسين أدائه الاقتصادي، وفقاً لمقررات «سيدر» الذي لازال محط اهتمام فرنسا الدائم، والتي تحاول جاهدة دعم الحكومة اللبنانية في عملها من أجل النهوض بالواقع الاقتصادي المأزوم الذي يتطلب الاستفادة من كل عوامل الدعم العربية والدولية التي كان لباريس دور أساسي في توفيرها.