IMLebanon

خطاب نصر الله والصمت الرسمي يرفعان منسوب الخطر

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

المراقبون والمحللون: ألم يسأل السيّد حسن نفسه عن أسباب قبوله الاشتراك بالحكومة على أساس مضمون بيانها الوزاري باعتماد لبنان سياسة النأي بالنفس قبل ان يضع لبنان في عين العاصفة؟

تحفل الساحتان الداخلية والدولية بتطورات دراماتيكية بالغة الخطورة، يجمع المراقبون والمحللون على ان تكون لها ارتدادات غير محمودة العواقب على الوضع العام في البلاد الذي ينوء اساساً تحت أعباء اجتماعية واقتصادية جد خطيرة.

فعلى الصعيد الداخلي، يبرز ما تضمنه خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لجهة نسف البيان الوزاري لحكومة الوفاق والوحدة الوطنية وسياسة الحياد والنأي بالنفس عن المحاور من خلال جعل لبنان ليس في قلب محور قوى الممانعة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الخامنئي بل قاعدة عسكرية لهذه الجمهورية ومنصة للدفاع عنها في حال تعرضها لأي هجوم من الاستكبار الأميركي.

ويتخذ موقف السيّد مع استئناف الحملة المبرمجة على المملكة العربية السعودية ودول الخليج ابعاده الخطيرة على لبنان أولاً في ضوء السخونة التي تتحكم بالعلاقات الاميركية- الإيرانية التي يُمكن ان تنزلق في أي لحظة إلى مواجهات عسكرية بدأت تظهر مؤشراتها على غير صعيد أميركي وأوروبي في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي يجعل لبنان الذي كان يجدر به ان يحكم العقل ولا ينزلق في لعبة أكبر منه، يكون هو أكثر الخاسرين فيها.

وفي هذا السياق، يتصدر سؤال أساسي عند هؤلاء المراقبين والمحللين: ألم يسأل السيّد حسن نفسه قبل ان يضع مصير البلد امام هذا الخطر عن الأسباب والخلفيات والمسببات التي حملته إلى قبول الاشتراك في الحكومة الحالية على أساس ما تضمنه بيانها الوزاري من اعتماد لبنان سياسية النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، وعدم الدخول في أية محاور أكانت ممانعة أم غير ممانعة، أليس لأنه اقتنع بهذه السياسة الحكيمة التي تجنّب لبنان الكثير من المخاطر التي تصل إلى حدّ تهديده بوجوده، أم انه انقلب على هذه القناعة لأن هناك املاءات خارجية عليه ليس في مقدوره، ان يتجاهلها ولا يلتزم بها، والمقصود بذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم يخف السيّد في خطابه الأخير تقيده بكل ما تفعله وما تعتزم فعله فجاء انقلابه على الدولة اللبنانية من خلال اختزاله القرار السيادي بنفسه تأكيداً لهذا الانتماء العضوي، لكن السؤال الأخطر الذي طرحه المراقبون والمحللون هو ما ورد على لسان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في معرض تعليقه على ما تضمنه خطاب السيّد، ومفاده ان يضع كلام السيّد برسم رئيس الجمهورية الذي لم يصدر عنه رغم مرور اكثر من 48 ساعة أي موقف ولو من باب رفع العتب لا أكثر ولا أقل امام أكثرية الشعب اللبناني الذي كان لا يزال يأمل في ان يلتزم حزب الله بسياسة الابتعاد عن المحاور وسياسة النأي بالنفس حتى ولو كان المقصود بذلك حزب الله بحكم كونه امتداداً للحرس الثوري الإيراني ويلتزم التزاماً كاملاً بسياسة ولي الفقيه وفق ما عبّر عنه بكل وضوح السيّد حسن نصر الله في خطابه الأخير.

وإذا كان هؤلاء المراقبون والمحللون يجدون عذراً لرئيس الجمهرية لألف سبب وسبب فما هو عذر رئيس الحكومة ليسكت على ما تضمنه خطاب السيّد من نسف للبيان الوزاري وللاستراتيجية التي بنت عليها حكومته سياستها الخارجية والتي اتفق على تسميتها بسياسة النأي بالنفس وعدم الدخول في المحاور، هل معنى هذا السكوت ان أركان الدولة سلموا بكلام السيّد وقراراته لنسف استراتيجية الحكومة والامساك بقرار الحرب والسلم واستطراداً جعل لبنان عملياً وفعلياً جزءاً من الدولة الإسلامية في إيران.

ومن المفارقات ان تتزامن المواقف التي أطلقها أمين عام حزب الله مع القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي ترامب باقالة جون بولتون مستشار الأمن القومي والمعروف بتشدده تجاه إيران وإعلان مبعوث طهران لدى الأمم المتحدة مجيد تحت روانجي أمس ان إقالة بولتون من منصبه لن تدفع حكومته إلى إعادة النظر في الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية وان لا مجال للحوار مع واشنطن ما دامت العقوبات المفروضة على إيران سارية، وبدوره انتقد وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف الولايات المتحدة لفرضها عقوبات جديدة على بلاده على الرغم من رحيل بولتون الذي وصفه بأنه أكبر داعية للحرب وكتب على الـ«تويتر» بينما كان العالم يتنفس الصعداء للاطاحة برجل الفريق باء في البيت الأبيض أعلنت واشنطن فرض المزيد من عقوبات الإرهاب الاقتصادي على طهران… التعطش للحرب والضغوط القصوى ينبغي ان تزول مع غياب أكبر داعية للحرب.

من جانبه، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني ان الولايات المتحدة ستفشل في سياستها القائمة على التهديد بشن الحرب على إيران. وقال خلال اجتماع لمجلس وزرائه «يتعين على الأميركيين ان يفهموا ان سياسات الحرب والوعيد لا طائل منها، وان عليهم التخلي عنها.. لقد فرض العدو علينا أقصى قدر من الضغوط، وردنا هو مقاومة ذلك والتصدي له».

وبناء على ردود الفعل الإيرانية إزاء خطوة إقالة مستشار الأمن القومي التي اقدم عليها الرئيس الأميركي ترامب، أليس السؤال الذي يطرح بعد خطاب السيّد عمّا إذا كان لبنان انضم عنوة أو طوعاً إلى محور الممانعة يصبح مشروعاً.؟