IMLebanon

يوم المثول أمام النائب العام… احترام للقضاء ودفاع بأقلام الرصاص

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

 

أمام قصر العدل في بيروت وقف رئيس تحرير جريدة “نداء الوطن” بشارة شربل وناشرها ميشال مكتّف ومديرها المسؤول جورج برباري وأسرة الجريدة ويحيط بهم صحافيون وسياسيون وناشطون متضامنون. رفع فريق عمل “نداء الوطن” الأقلام كتأكيد على استمرارها بخوض الكلمة ورفضها كسر قلمها. ورفع المتضامنون “حرية الإعلام” شعاراً، ورفضوا مع “نداء الوطن” استهداف الجريدة وقمع الإعلام أو محاكمة الصحافة حيث يُحاكم المجرمون. فالصحافة تُحاكم في محكمة المطبوعات إن كان من ضرر قد سببته لأحد، ومن يعتبر العمل الصحافي جريمة ما عليه سوى إعادة النظر باعتباراته، ومن لا يحتمل النقد فليبتعد عن السلطة وعن “كراسي” الشأن العام… فالمناصب مسؤولية ومحاسبة قبل أن تكون تسلطاً ومكاسب. (تصوير: رمزي الحاج وفضل عيتاني)

أمام قصر العدل، احتشد المتضامنون باكراً، وشارك في الوقفة التضامنية: وزير الصناعة وائل أبو فاعور، الوزير السابق غازي العريضي، النائب السابق الدكتور فارس سعيد، رئيس حركة “اليسار الديموقراطي” النائب السابق ​الياس عطاالله، أمين السر العام في “الحزب التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر، مفوض الإعلام في “الاشتراكي” رامي الريس ووفد من “تيار المستقبل” ضم عضو المكتب السياسي للتيار الزميل جورج بكاسيني ومنسّق الإعلام في التيار الزميل عبد السلام موسى، وإعلاميون وصحافيون أبرزهم رئيسة «مؤسسة سمير قصير» جيزيل خوري ومديرة الأخبار في تلفزيون “الجديد” مريم البسام، والشاعر بول شاوول، بالإضافة إلى الأب طوني خضرا.

ساعة أمام النائب العام

حان موعد الجلسة المحدد عند الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس، دخل شربل وبرباري إلى مكتب النائب العام التمييزي بالإنابة الرئيس عماد قبلان الذي استمع إلى إفادتيهما.

واستمرّ التحقيق على خلفية مانشيت “أهلاً بكم في جمهورية خامنئي” نحو الساعة وربع الساعة. بعدها ترك شربل وبرباري بسند إقامة وخرجا من قصر العدل وإلى جانبهما وكيلاهما المحاميان النائب السابق بطرس حرب وألكسندر نجار، ورفضوا جميعهم الإدلاء بأي تصريح من أمام قصر العدل مباشرةً، فابتعدوا من أمامه احتراماً لموقع النيابة العامة. واكتفى شربل بوصف الجلسة بالممتازة والمريحة رافضاً الإدلاء بأي تفاصيل تتعلق بالتحقيق حفاظاً على سريّته. وبعد الظهر أصدرت النيابة العامة قرارها بإحالة شربل وبرباري إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت لاتخاذ القرار المناسب.

حرب: نية الصحيفة حماية الرئيس

وأصدر مكتب النائب السابق بطرس حرب للمحاماة بياناً قال فيه: “تم الاستماع إلى إفادتي شربل وبرباري حول المقال الافتتاحي للجريدة بتاريخ 12/9/2019، والذي تضمن مانشيتاً بعنوان “سفراء جدد في بعبدا… أهلا بكم في جمهورية خامنئي” ومقاصد الصحيفة، فتمّ توضيح مضمون المقال لجهة التعبير عن رأي قسم كبير من الرأي العام اللبناني الرافض لمواقف أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، ولا سيما لجهة تجاوز الدولة الشرعية ومصادرة قرارها في القيام بعمليات عسكرية من الأراضي اللبنانية، ولجهة إعلان ولائه وتبعيته لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي ولاء وتبعية وزرائه في الحكومة، ما يشكل إساءة إلى الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية، وعلى رأسها مقام رئيس الجمهورية وصلاحياته، وأن نية الصحيفة دعم رئيس الجمهورية وحماية صلاحياته الدستورية”.

بالعودة إلى التضامن أمام قصر العدل، كانت لافتة المشاركة التضامنية “الاشتراكية” الوازنة، بحيث وصف العريضي الوضع القائم “بأننا أمام سلطة محترفة في التهور مراراً وتكراراً”. بينما رأى أبو فاعور أنه من المفترض الاتفاق على عدم المسّ بالحريات، “لا أطمئن أن وضع الحريات بخير طالما أنّ في لبنان جنوحاً ضد الحريات، وهو مكوِّن سلطوي تاريخي في لبنان ولا يزال مستمرّاً”. بينما تمنى حرب أن تتم “لملمة هذا الملف”.

وأكدت مريم البسام تضامنها مع زملائها ورفضها الإنقسام السياسي عندما يتعلق الأمر بحرية الإعلام وتضامن الزملاء في ما بينهم. بينما عبّرت راوية أبي يونس زوجة وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان عن تضامنها مع “نداء الوطن” معتبرة أنها قضية حق. ورأت أن سبب استسهال استدعاء الصحافة هو أنه من السهل المساس بغير المحميين. أما سبب النقمة على الجريدة فهو “أنهم بيقدرو يفشو خلقن بصحيفة بينما ما بيقدرو يدقو بمرجعية”، وفق أبي يونس.ورفع المتضامنون والإعلاميون أعداداً من الجريدة “المتهمة”، ولافتات ترفض كمّ الأفواه وتعتبر أن القوة في الحفاظ على الحريات ودعم القانون. أحاديث كثيرة دارت بين المتضامنين أثناء تواجد شربل وبرباري في المحكمة، تعبّر عن مواقفهم الرافضة لسياسة كمّ الأفواه وملاحقة الناس على خلفية أي كلمة يتفوهون بها وتعبر عن آرائهم. واستغرب المتضامنون حجم القمع والتضييق على الحريات الذي يعانيه لبنان اليوم. والملفت أنه ولدى الحديث عن القمع الذي يتّهم المتضامنون العهد بممارسته، غالباً ما يربطون بين ممارساته الحالية وبين مواقف “التيار الوطني الحر” السابقة المؤيدة للحرية في إشارة إلى التناقض بين الوعود والتطبيق.

أما بعد جلسة أمس، فالأمل في أن تتخذ الدعوى مسارها القانوني، وأن لا تستدعى أي مؤسسة إعلامية إلى القضاء بتهمة ممارسة عملها. فمكان الصحافة ليس قصر العدل، والصحافي ليس بمصاف الفارين من وجه العدالة ليوقّع سند إقامة. بل من يضع لبنان في غير هويته هو الفارّ… من وجه الحقيقة.