IMLebanon

رسالة قوية من واشنطن للنظام المصرفي في لبنان

تقول دوائر سياسية لبنانية، إن اضطرار مصرف “جمال ترست بنك” إلى التصفية نتيجة العقوبات الأميركية التي طالته الشهر الماضي بتهمة تقديم خدمات لحزب الله رسالة قوية للنظام المصرفي في لبنان من مغبة التساهل في مراقبة التحويلات المالية.

وهذه أول مؤسسة مالية تنهار تحت تأثير العقوبات، وإن كان البعض يرى أن مثل هذه المؤسسات يمكن أن تعاود الظهور بأسماء وواجهات مختلفة.

وأعلن مصرف لبنان المركزي الخميس موافقته على طلب “جمال ترست بنك” التصفية الذاتية، في إجراء من شأنه أن يضمن أموال المودعين. وأفاد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان نقلته وكالة الإعلام الرسمية اللبنانية بأنّه وافق على “طلب جمال تراست بنك.. التصفية الذاتية”.

وأوضح أنّ “قيمة الموجودات الثابتة والحقوق كافة العائدة للمصرف المعني، إضافة إلى قيمة مساهمة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، هي كافية، من حيث المبدأ، لتسديد كامل ودائع والتزامات” المصرف، مؤكداً أنه “سيتم تأمين أموال المودعين كافة بتاريخ استحقاقها”.

ويعد “جمال تراست بنك” مصرفا متواضعا نسبةً إلى حجم القطاع المصرفي اللبناني، حيث أن إجمالي الموجودات لدى هذا المصرف، تساوي أقل من نصف نقطة بالمئة، من حجم القطاع ككل، وبالتالي لا يمكن أن تكون لتصفيته تداعيات اقتصادية كبيرة، ولكن بالمقابل فإن القرار يحمل بعدا رمزيا وسياسيا عميقا، خاصة في ظل الوضع المأزوم في البلاد.

من المرجح أن تشمل لوائح العقوبات الأميركية المستقبلية المزيد من المصارف المتهمة بأنها واجهة لغسيل أموال
وفي وقت لاحق، أورد “جمال ترست بنك” في بيان أنّ مجلس الإدارة “اضطر إلى اتخاذ القرار بالتصفية الذاتية بالتنسيق الكامل مع مصرف لبنان”، موضحاً أن ما “يعتمده من تدابير ينطلق من حرصه على حقوق المودعين والموظفين”.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في 29 أغسطس إدراجها المصرف المذكور على لائحة العقوبات، لاعتبارها إياه مؤسسة مالية أساسية لحزب الله. واتهمته بالسماح لحزب الله بـ”إخفاء علاقاته المصرفية الناشطة مع العديد من المنظمات للحزب”.

وقالت الخزانة إن “المصرف ضالع في رعاية وتقديم الأموال لحزب الله ودعمه تكنولوجيا، ويقدم خدمات مالية للمجلس التنفيذي للحزب ومؤسسة الشهداء” التي تقدم الأموال لأسر الانتحاريين وتتخذ من إيران مقرا لها.

ومؤسسة الشهداء مدرجة على لائحة العقوبات الأميركية منذ العام 2007 وهي كيان شبه حكومي إيراني يؤمن دعماً مالياً لحزب الله خصوصاً.

ولفت وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الاستخبارات المالية والإرهاب، سيغال مندلكر، إلى أن الوزارة استهدفت المصرف وشركات تابعة له “لتمكينه بوقاحة الأنشطة المالية لحزب الله. مؤسسات مالية فاسدة مثل جمّال تراست بنك، تشكل تهديدا مباشرا لسيادة لبنان ونظامه المالي”.

وأُدرِجت أربع شركات تأمين تابعة لمصرف “جمال تراست” أيضا على اللائحة السوداء.

ويرى مراقبون أن العقوبات الأميركية باتت تعطي مفعولا واضحا على وضع حزب الله الذي بدأ منذ أشهر في إعادة تموضع عناصره في مناطق النزاع التي يشارك فيها بطلب من إيران، في محاولة للضغط على المصاريف.

وحزب الله يشكل قوة رئيسية في لبنان، وهو ممثل في الحكومة والبرلمان، ويتلقى الحزب دعماً من إيران التي تمده بالمال والسلاح، ويعد طرفا رئيسيا في العديد من النزاعات في المنطقة، ويشارك منذ العام 2013 بشكل علني في الصراع  في سوريا دعماً للرئيس السوري بشار الأسد.

واكتسبت عناصر الحزب في سوريا خاصة خبرات قتالية كبيرة، كما أنه نجح في استغلال الأزمة المندلعة في هذا البلد منذ العام 2011 لتعزيز ترسانته المسلحة، وسط تأكيد قيادته بأنه صار يمتلك مخزونا من الصواريخ الدقيقة، الأمر الذي يشكل تهديدا كبيرا لأمن المنطقة.

وسبق أن حذرت واشنطن مرارا لبنان من مغبة التعاطي مع الحزب وتسهيل الخدمات المالية عليه. ويعتبر خبراء أن خطوة وضع “جمال ترست بنك” ضمن قائمة الإرهاب، رسالة واضحة للدولة اللبنانية تفيد بأن الإدارة الأميركية جادة في نهجها حيال وضع حد للحزب، بغض النظر عن السهام التي قد تصيب لبنان، خاصة في علاقة بالجانب الاقتصادي.

ولا يستبعد مراقبون أن تشمل لوائح العقوبات الأميركية المستقبلية المزيد من المصارف اللبنانية، المتهمة بأنها واجهة لغسيل أموال يستخدمها الحزب.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر الأسبوع الماضي متوجها للبنانيين “حزب الله يستغل نظامكم المالي والقانون يفرض علينا تحديد هذه المصارف”. وشدد شنكر على أن قائمة عقوبات جديدة ستعلن تضم كيانات وشخصيات قريبة من الحزب.