IMLebanon

المساعدة المالية السعودية فعل ثقة بمستقبل لبنان

 

كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:


جاء إعلان وزير المال في المملكة العربية السعودية محمد الجدعان عن وجود اتصالات مع الحكومة اللبنانية لتقديم مساعدة مالية للبنان الذي يعاني ظروفا اقتصادية ومالية بالغة الدقة، بمثابة جرعة دعم كبيرة من شأنها أن تساهم في إخراجه من المأزق الذي يهدده، وفي تعزيز الثقة العربية والدولية بإمكاناته الاقتصادية والمالية في المرحلة المقبلة، عشية اللقاء المنتظر، الجمعة، بين رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، للبحث في تنفيذ بنود مؤتمر «سيدر» الذي خصص 11 مليار دولار لمساعدة لبنان وتأهيل بنيته التحتية، مقابل التزامه القيام بإصلاحات اقتصادية ومالية، استجابة لشروط الدول المانحة.

وفيما لم يكشف النقاب عن شكل أو نوعية المساعدة السعودية المرتقبة، إلا أن مجرد الإعلان عنها، قد ترك ارتياحاً في الأوساط السياسية والمالية اللبنانية، وأكدت كما قالت أوساط حكومية لـ«اللواء» احتضان المملكة الدائم للبنان في كل الأوقات، تعبيراً من قيادتها على التزامها بمد يد العون للبنانيين للخروج من أزماتهم، وهو ما ترجمته في الكثير من المناسبات، وآخرها مؤتمر سيدر، إلى جانب الأشقاء الخليجيين الذين ما قصروا يوماً في الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه، مشددة على أن المملكة العربية السعودية، أرادت من خلال إعلان وزير ماليتها، توفير أكبر دعم للرئيس الحريري قبل لقائه بالرئيس الفرنسي، وهذا فعل إيمان ودليل ثقة كبيرة بمستقبل لبنان، وبحرص المملكة على الالتزام بتعهداتها تجاه هذا البلد وشعبه.

وتأتي زيارة الرئيس الحريري الذي يتولى ملف تعزيز وتطوير العلاقات مع السعودية شخصياً، السريعة إلى الرياض، غداة تسلمه من السفير السعودي ببيروت وليد البخاري، دعوة للمشاركة في مؤتمر استثماري بالمملكة، لتؤكد على الحرص على متابعة تفاصيل هذا الملف، بالتوازي مع الاستعدادات الجارية، في كل من بيروت والرياض، للمضي قدماً في ترجمة الاتفاقيات الموقعة بين لبنان والمملكة، من أجل توفير الدعم المطلوب للبنان في الظروف الصعبة التي يواجه، حيث أشارت الأوساط إلى حركة دبلوماسية لافتة بين البلدين في المرحلة المقبلة، في سياق مواكبة ما تم التوافق عليه على صعيد الاتفاقات الثنائية، وهو ما يشدد عليه السفير البخاري الذي يحظى باحترام وتقدير القيادات السياسية والرسمية، في الكثير من المناسبات، لناحية وقوف بلاده الدائم إلى جانب لبنان، وهذا ما تعكسه بوضوح المبادرات السعودية المستمرة تجاه هذا البلد الذي يبادل المملكة وشعبها، مشاعر المودة والاحترام».

ولم تستبعد الأوساط الوزارية، أن تحذو حذو المملكة دول خليجية أخرى، بتقديم مساعدات مالية للبنان، تكون على شكل ودائع بالدولار الأميركي في مصرف لبنان، بهدف دعم احتياطه من العملات الأجنبية، وتحسين أوضاعه المالية وزيادة الثقة باقتصاده وعملته الوطنية، في إطار توفير المناخات المؤاتية التي تسمح له بمواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمالية التي تنتظره، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة اللبنانية مطالبة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين الأداء المالي، والقيام بالخطوات الإصلاحية الضرورية التي نص عليها مؤتمر «سيدر»، باعتبار أن الدول المانحة لا ترى مناصاً من تنفيذ هذه الإجراءات، حتى يظهر لبنان  جديته في تنفيذ ما هو مطلوب منه.

ومن المتوقع بعد عودة الرئيس الحريري من باريس، أن تشهد جلسات الحكومة تزخيماً إضافياً، لناحية مناقشة موازنة 2020 وإقرارها في وقتها الدستوري، تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، وسط إجماع وزاري كما تقول الأوساط، على أنه لا مفر من شد الأحزمة بشكل كبير، لأن وضع البلد الاقتصادي دقيق للغاية، وبحاجة إلى جهود وتدابير لإصلاحه وإخراجه من مأزقه. ففرصة الإنقاذ لا تزال موجود ويجب استثمارها والسير على طريق الإصلاح، لأنها قد لا تتكرر في المستقبل، لأن لبنان قد لا يجد من يقف إلى جانبه ويأخذ بيده، كما في كل مرة.