IMLebanon

قريباً… الجيش بلا مواد غذائية ولا أدوية ولا محروقات

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

علم قائد الجيش العماد جوزف عون كيف يمرر رسائله ولمن، وعلى اللبيب أن يفهم. واللبيب هنا قد يكون شخصاً معنياً أكثر من غيره أو فريقاً أو مجموعة من السياسيين ممن كان لهم الفضل بأن يكون هذا العام عام المؤسسة العسكرية بامتياز، ليس لناحية تعزيز وضعها عديداً وعدة وتجهيزات وإنما لكثرة ما تعرضوا لها بالمواقف أو بالاجراءات التي تنال من وضعية المؤسسة وسمعة عسكرييها.

خلال وضع حجر الأساس لمشروع بناء “مبنى سجن الشرطة العسكرية النموذجي” أكد العماد جوزف عون أن العسكريين “ماضون في أداء مهامهم المقدّسة المكلّفين بها لحماية الوطن بكلّ شرف وإصرار، لا يلتفتون لصغائر أو يتوقفون عند كبائر، كانوا وسيبقون حُرّاساً للتاريخ والمستقبل”، وأكمل في اتجاه تشعّب الرسائل وفحواها: “الجيش هو حارس الديموقراطية وحامي الدستور. كان ولا يزال، يسعى إلى تقديم نفسه أُنموذجاً يُحتذى به على مستوى الوطن ومؤسّساته. لدينا من العزيمة ما يكفي للقيام بالمهام الموكلة إلينا. لن تثنينا الشائعات ولا حملات التجنّي والتخوين عن المُضيّ قدماً في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، متسلّحين بمحبّة شعبنا وثقته بنا”.

رسائل تكررت مضامينها على لسان قائد الجيش في الآونة الأخيرة لا سيما بعد التعرض للمؤسسة العسكرية بشخص قائد الجيش على خلفية الصورة التي جمعته بالعميل عامر الفاخوري والتي تم توضيح ظروفها وملابساتها، لتتجه الشكوك إلى أحد الضباط المقرب منه والتي طاولته الشائعات في الموضوع نفسه أيضا بينما هو لا يزال يتابع مهامه.

وبدل أن يكون الالتفاف حول المؤسسة العسكرية لتزداد الثقة بقدراتها، تتعرض إلى حملات تشكيك تنال من سمعتها محلياً، فيما هي محل ثقة دولياً. ولا يمكن فهم كيف يتم النيل من مؤسسة عسكرية جامعة في وقت يلتف البعض من السياسيين حول هذا الجهاز أو ذاك لحمايته والدفاع عن مستحقاته؟ وتكاد تكون مؤسسة الجيش في هذا المعنى يتيمة إلا من التفاف الشعب حولها.

ولولا لم تكن المؤسسة العسكرية مستهدفة لما تكررت رسائل قائدها وتوزعت في أكثر من إتجاه، ولما أوجبت زيارة تأييد من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عبّر عنها موفده رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر الذي أكد دعم بكركي للجيش ووقوفها إلى جانبه دوماً، مستنكراً الحملات التي تتعرّض لها المؤسسة العسكرية.

وربما كان النائب نهاد المشنوق من بين القلة التي انتقدت الحملات التي “تنال من الجيش وقائده” الذي هو “فوق الشبهات” ومن “دور الجيش الوطني”. ووقع الكلام هنا قد يكون مضاعفاً بالنظر الى وزارة الداخلية التي شغلها المشنوق سابقاً والتي تعرّف من خلالها إلى المؤسسة العسكرية ولمن الإمرة فيها وهو الموضوع الذي يحتاج إلى المعالجة عاجلاً أم آجلاً.

المؤسسة مقبلة على أزمة

يبقى الكلام والنيل من الجيش في السياسة في حدوده المقبولة لو لم ينل من سمعة المؤسسة ومعنويات عكسرييها، ولو لم يتم لغايات متصلة بالصلاحيات حيناً وبأمور إدارية أحياناً، المس بمخصصات المؤسسة العسكرية وإرجاء البت بمسائل تدخل في سياق الحياة المعيشية للعسكريين، على حساب أمور تحتمل التأجيل. ولعل ظلم ذوي القربى هنا أشد مضاضة على المؤسسة العسكرية. لا سيما حين يتعلق الأمر بموازنة أقرها مجلس النواب أو بإجراءات إدارية يرجئ وزير الدفاع الياس بوصعب التوقيع عليها لسبب أو لآخر فيتم تقاذف المسؤوليات لنكون أمام واقع يلحق الأذى المعنوي والمادي بالعكسريين.

كانت بدايات استهداف المؤسسة العسكرية ما ورد في صلب موازنة العام 2019 من بنود تتحدث عن خفض ميزانية الجيش، ومنع التطويع، ومنع التسريح مع بعض الاستثناءات، وعدم تطويع تلامذة ضباط، ما قد يحوّل المؤسسة العسكرية إلى مؤسسة هرمة مستقبلاً، وصولاً إلى عدم صرف اعتمادات في أكثر من مجال من مجالات تسيير الأمور الحياتية للعسكريين كالمأكل والمشرب والدواء وغيرها.

وتفيد المعطيات في هذا المجال أن الاعتماد السنوي للمحروقات المخصص للجيش والبالغة قيمته 290 مليار ليرة لم يوقع بعد كالعادة، ما دفع قيادة الجيش إلى استخدام الاحتياط المخصص عادة للحالات الطارئة.

ولناحية المواد الغذائية للجيش على اختلاف أنواعها، لم توقع حتى اليوم المحاضر المتعلقة بمؤونة الجيش من المواد الغذائية من وزير الدفاع لإحالتها إلى وزارة المال لصرف الأموال اللازمة. لوائح الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي موجودة لدى وزارة المال لدفع بدل قيمتها للمتعهدين بينما المحاضر اللاحقة لم توقع بعد من وزير الدفاع.

ناهيك عن ملف الأدوية والطبابة وتفاصيله الكثيرة. وهنا الموضوع الأخطر فمن المحتمل أن ينفد مخزون الأدوية في شهر تشرين الثاني المقبل أي بعد شهرين فيما قرارات التلزيم لشركات جديدة تحتاج 194 يوماً لاتمامها بعد التدقيق بها من الجهات المختصة. وهذه المناقصات ستتأخر حكماً حتى لو تم توقيعها اليوم قبل الغد. ما يعني أن المؤسسة مقبلة على أزمة جديدة في هذا الإطار تطاول مئات العسكريين.

ولا تدوّر الاعتمادات المرصودة لتأمين الأدوية والمواد واللوازم الطبية إلى العام المقبل في حال لم تعقد النفقة في العام الحالي (تسقط الاعتمادات).

وبدأت الأدوية في الصيدليات العسكرية بالنفاد حيث تقوم الطبابة العسكرية بتأمين الأدوية غالية الثمن، كما تصل الكلفة الشهرية للعلاج في بعض الأحيان إلى 32.000.000 ل.ل من السلفات الموضوعة بتصرف رئيس الطبابة العسكرية والتي بالكاد تكفي حتى نهاية شهر تشرين الأول.

هذا فضلاً عن مراسيم الضباط ممن يجب ترفيعهم في الأول من الشهر المقبل ومرسومهم لم يوقع حتى تاريخه، كي يحال إلى قيادة الجيش لتنظيم المراسيم وإرسالها الى مجلس الوزراء، والتأخير الحاصل يؤدي الى تأخير الترقيات حكماً.