IMLebanon

ليلة القبض على الدواليب

سألت صحيفة “اللواء”: هل يمكن القول ان «فتنة المحروقات» التي كانت تُهدّد الأخضر واليابس أخمدت؟ أم أن الجمر تحت الرماد؟ وكيف جرت الأمور، في ما يسمى «بليلة الدواليب» التي لم تشتعل، لتفسح في المجال امام الإجتماع الذي عقد عند الثالثة من بعد ظهر أمس في السراي الحكومي، إذ التقى الرئيس سعد الحريري وفداً مشتركاً من نقابات المحطات والصهاريج والموزعين ومستوردي النفط في لبنان.. جرى نقاش للأزمة الممثلة بالامتناع عن تسليم أصحاب الصهاريج أصحاب المحطات البنزين، مما أوجب اصطفافات امام المحطات، سرعان ما تفرعت إلى دعوات للتظاهر وقطع الطرقات، وتعطيل المدارس والجامعات.

وقضى الحل: استخدام الليرة اللبنانية والدولار في البيع، والقبض.. فأصحاب المحطات يتسلمون من الشركات المحروقات، ويقبض هؤلاء بالليرة، ثم يحوّل المبلغ إلى الدولار عبر مصرف لبنان بسعر يتفق عليه، يُحاكي سعر صرف الليرة، وفقاً لنشرات المصرف المركزي، على ان تشمل الآلية التي هي قيد البلورة مصرف لبنان والمصارف وشركات المحروقات.

ووراء ليلة القبض على الدواليب، كشفت المعلومات والتصريحات عن تجاذبات سياسية، تتعلق بأطراف تقف وراء أزمة المحروقات والدولار، وتالياً، بمخططات مطروحة شبيهة بتلك التي استخدمت مع العراق وليبيا ودول عربية أخرى مثل النفط مقابل الغذاء قبل غزو العراق عام 2003.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع عن احتدام التجاذب الايراني- الأميركي فوق الساحة اللبنانية، من زاوية عدم إفساح الأميركيين المجال لطهران بانتزاع الهيمنة والسيطرة على القرار الرسمي اللبناني.

وأدرجت المصادر ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية من ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعث برسائل للرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، مؤداها: «معنا أو ضدنا»، بأنه جزء من حرب تعمية أميركية تهدف إلى تصديع الأجواء السياسية اللبنانية المتماسكة نسبياً، بما في ذلك محاولات المواجهة عبر حكومة الوحدة الوطنية.

وقللت مصادر شبه رسمية من احتمالات صحة خبر الصحيفة الأميركية على الرغم من سمعتها العالمية.

ووسط دعوات مجهولة الهوية والأهداف للتظاهر يوم الأحد في العاصمة احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية، كشفت ساعات النهار ما كان يخبئه أصحاب الغايات من نيات من وراء «تهديد الليل» بالإضراب المفتوح في قطاع المحروقات، مما ألهب الشارع بتحركات عفوية، مما شهده اللبنانيون ليل أمس الأوّل، قبل ان يأتي لاحقاً اجتماع السراي نهاراً مع أصحاب المحطات ونقابات موزعي ومستوردي المحروقات، ليطفئ هذه المحاولات أو النيّات، من خلال الاتفاق على حل نال رضى الموجودين، من شأنه إيجاد حل لازمة شبح شح الدولار في الأسواق، فيما يتوقع ان يُخفّف التعميم الذي سيصدره البنك المركزي الثلاثاء المقبل لتنظيم عمليات استيراد البنزين والدواء والطحين، الضغط على العملة الخضراء، ويعيد انتظام السوق، في حال ظل الوضع هادئاً ولم تتحوّل تظاهرة الأحد إلى عمليات استهداف وشغب.

وبحسب المعلومات فإنه سيتم اعتباراً من الثلاثاء فتح اعتمادات بالدولار للاستيراد، على ان يكون الشرط الأساسي استخدام هذه الاعتمادات حصراً للدفع للخارج، على ان تتم العمليات الأخرى الداخلية بالعملية الوطنية.

وهذا الأمر يعني بالنسبة لأصحاب المحطات ان يتسلم هؤلاء المحروقات من الشركات بالعملة الوطنية، على ان تحول الشركات المبلغ إلى الدولار عبر مصرف لبنان.

ولكن كان لافتاً للانتباه، تقاذف المسؤولين لكرة مسؤولية التدهور في ضبط أسعار الدولار وتركه عُرضة للمضاربات، وتمثل ذلك في إلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولية ما حصل على البنك المركزي ووزير المال، بينما هو غائب في نيويورك ولا يعلم بما حصل، فيما تحدث وزير الخارجية جبران باسيل، الذي انتقل من نيويورك إلى كندا عن «فتنة اقتصاد» تحضر، وعن شركاء في داخل الحكومة يتأمرون على البلد واقتصاده، إلا انه لم يكشف عن هؤلاء الشركاء، ولم يسم أحداً، فيما تهمة التآمر على البلد توازي جريمة الخيانة العظمى.

واللافت أيضاً، ان الفريق الرئاسي المتمثل بالرئيس عون والوزير باسيل، وضع البلبلة الحاصلة على الصعيد المالي – الاقتصادي في خانة محاولة استهدافه، إذ رأي باسيل ان «هناك فتنة جديدة تحضر هي فتنة الاقتصاد»، لافتاً إلى «أننا نتعرض لضغط خارجي سواء في اقتصادنا أو عملتنا الوطنية، وان هناك شركاء في الداخل يتأمرون على البلد واقتصاده»، معتبراً ان هؤلاء الذين يعملون للتخريب من الداخل يتبعون أجندة خارجية ظناً منهم ان هذه الأجندة ستربحهم بالداخل».

وعلمت «اللواء» من مصادر مطلعة ان لقاء سيعقده الرئيس عون مطلع الأسبوع المقبل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، للوقوف منه على تفاصيل ما حصل في السوق المالية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ1600 ليرة للدولار، وعما ينوي اتخاذه من إجراءات لعودة انتظام حركة السحوبات والتحويل من الليرة إلى الدولار.