IMLebanon

“الفيسبوك” هو الأفضل لكشف الخيانة الزوجية!

كتب مازن مجوز في “نداء الوطن”:

في وقت بات العديد من اللبنانيين وحتى بعض السياسيين يسترجعون مصطلح “كمّ الأفواه” من قواميسهم، برز مجدداً السؤال: “هل تشكل هذه الثقافة ثقافة راسخة لدى الطبقة الحاكمة تسعى إلى تكريسها في العقل الإجتماعي؟”. والسؤال هل نشهد حالياً فصلاً من مرحلة كمّ الافواه داخلياً؟ الامثلة كثيرة وربما لن يكون آخرها ما حصل مع الزميل الصحافي عامر شيباني إثر إستدعائه إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية لكتابته تغريدة قال فيها: “إن مصرف “السوسيتيه جنرال” لا يوجد فيه دولارات”. فأي جرم هذا؟ وهل هو الوحيد الذي توجه إلى مصرفه ولم ينل ما طلبه؟ هذا الواقع ربما يقودنا إلى الغوص أكثر في بعض خفايا تعاطي اللبنانيين سياسيين ومواطنين مع شبكات التواصل الإجتماعي، في محاولة للخروج بمشهد أشمل عن طبيعة ومخاطر هذا التعاطي على اللبنانيين أنفسهم.

لم تعد المسافات تشكل عائقاً امام الناس، وفي ظل الازمة الاقتصادية والمالية نلاحظ أن المواطنين باتوا يفضلون التوجه نحو الشكوى والتذمر، إذ بنظرهم إن الرؤساء الثلاثة أو حتى الوزراء ومسؤولين كبار في القطاعات كافة يرون مدوناتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما من شبه المؤكد أن أياً من هؤلاء لا يرى هذه المدونات، إلا في حال النقد أو الشتيمة، لنشاهد عندها أنه مطلوب لزيارة “مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية” أو “القضاء” للتحقيق معه.

في المقابل تحول “الهاتف الذكي” إلى الصديق اليومي للبناني، حيث أنه يحمله معه أينما ذهب وطيلة اليوم من الصباح وحتى المساء، فعالم اللبنانيين بات يختصر بالهاتف الذكي، وهذا ما يبرر حالة القلق والضياع عند اللبناني في حال فقد هاتفه الجوّال لأنه محمّل بمعلومات وصور وتطبيقات وداتا بحاجة اليها.

وبالعودة إلى العلاقة القائمة بين اللبنانيين وشبكات التواصل الاجتماعي، نجد أنهم أصبحوا بارعين في نسج القصص والتعليقات المرتبطة بالشأن الاجتماعي والاقتصادي والمالي، تعليقات غالباً ما تكون مضحكة و”مهضومة” عندما تتعلق بالشأن السياسي أيضاً، من دون ان ننسى تغريدات ومدونات مرتبطة بالتطرف والتشهير وتجريح بالناس خصوصاً في الاسبوعين الماضيين اللذين يصفهما الخبير في وسائل التواصل الإجتماعي أمين أبو يحيى بأنهما “أسبوعان أسودان” مرّا على لبنان.

الخطأ الاكبر عند اللبنانيين

وفي نظرة تحليلية لما جرى في الاسبوع الماضي تعلّق ألين زكا، خبيرة في بناء الصورة القيادية: “كان الحديث الاساس على شبكات التواصل الاجتماعي يرتكز على وضع الليرة والوضع النقدي والاقتصادي وهو أمر يهم كل اللبنانيين، وفجأة يبرز خبر عن رئيس الحكومة ( 16 مليون دولار) وخبر آخر عن توظيف مقربة من الوزير باسيل براتب 6 ملايين، وهنا يحصل حرف الإنتباه عن العناوين الإجتماعية من خلال إثارة الامور الشخصية وهذا الخطأ الاكبر الحاصل في لبنان”.

إنتفاضة الـ”سوشيل ميديا”

وتضيف زكا أن “الانتفاضة على “السوشيل ميديا” يجب أن تحصل مرحلة تلو الاخرى، مثلها مثل الانتفاضة في الشارع، أي المطالبة بموضوع واحد الى حين الوصول الى حلول له”، مبدية أسفها حيال الفوضى العارمة في لبنان على الـ”سوشيل ميديا”، فكما ينزل مؤيدو العديد من الاحزاب الى الشارع كي “يخربوا ويضربوا ويشاغبوا”، السيناريو نفسه يتكرر على الـ”سوشيل ميديا”، اذ يدفعون بأناس فقط كي يتحدثون بالشخصي و”تمييع الموضوع”.

وتكشف زكا أن أغلبية المغردين على “تويتر” ( 9%) يستخدمون أسماء مستعارة لأنهم يخافون الظهور بأسمائهم الحقيقية. فمثلاً هناك مغردون يستخدمون أسماء مسيحية وهم في الحقيقة مسلمون او العكس، بهدف الاساءة لمن ليسوا من دينهم وهذا سلوك خاطئ جداً على الـ”سوشيل ميديا”، وخصوصاً على “تويتر”، مؤكدة أنه لا يمكن لأحد منع “التجييش الحاصل” لأنه يعد أحد أهم الاستراتيجيات المعتمدة عند السياسي اللبناني حتى أن بعضهم يطلب من مناصريه التجييش على الـ”سوشيل ميديا” حيث يقوم بشراء الـ comments من خلال fake account ومن ثم يتفاخرون بقدرتهم على التجييش على “تويتر” وهذا يسبب فتنة.

وتشدّد زكا على أن الاشخاص الذين يريدون الخير للبنان يعانون على الـ”سوشيل ميديا” في مواجهة روبوتات التجييش التي بمعظمها fake account فينسحبون متسائلين: وهل يقع تغيير البلد على عاتقي؟ وهكذا تبقى جيوش الاحزاب التويترية هي الوحيدة التي تغرد مع بعضها البعض.

وبالنسبة إلى الحلول المطلوبة تفيد بأن ما يحتاجه السياسيون في لبنان هو أن ينشطوا على موقع الحزب التابعين له ويضعوا الـ forums عليه، وإفساح المجال أمام الناس للمشاركة في الرأي، بعد وضع قيود تمنع الشتيمة والاساءة وإلا ستكون هناك ملاحقة قانونية. كما ينسحب هذا الطرح على الناشطين غير المنتمين لاحزاب بإنشاء forums على “تويتر”، منصات معينة، تفسح المجال لحرية التعبير بالطريقة الصحيحة.

وإنتقالاً إلى الأسباب التي تقف وراء تواجد أغلب السياسيين على “تويتر”، توضح زكا أنهم “أخذوها كـ”تراند” من سياسيي الغرب كونها الطريقة الأسرع للوصول إلى الصحافيين، حيث غالبية المغردين هم من الصحافيين ومن السياسيين ومؤيدي الأحزاب، فنادراً ما نرى مغرداً يعلّم غيره او يقدم افكاراً مفيدة لغيره، الكل يريد التحدث بالسياسة”.

دخلنا مرحلة كمّ الأفواه

وفي ما يتعلق بتفاصيل التحقيق الذي أجراه معه مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية (مع الزميل عامر شيباني) وذلك في أول خطوة تنفيذية لتعميم صدر منذ يومين يحدد ماهية النشر، وإنزال العقوبات بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية، يقول في حديث لـ”نداء الوطن”: “توقيف اعتباطي وضد حرية التعبير، أستغرب ما حصل لأنه “تويت” لا يهدد الاستقرار المالي”، واستغرب خضوعه للتحقيق بناء لإشارة النيابة العامة المالية، وقالوا لي: “مش مستاهلة القصة” لكننا ننفذ ما طلب منا”، ومن ثم “تمنوا عليّ حذف “التويت” فحذفته وقد خرجت بسند اقامة، ولم يكونوا يعرفون أنني صحافي وأن ما حصل، حصل معي فعلاً في البنك كون حسابي بالدولار لديه”.

هذا الواقع الذي وصلت إليه العلاقة بين اللبنانيين وشبكات التواصل الإجتماعي، يجد أبو يحيى في حديث لـ”نداء الوطن” أنه يقودنا إلى وجوب تحديث القوانين المرعية الاجراء، إذ لا يجوز أن يكون مستقبل الناس وكرامتهم وسمعتهم بأيدي أناس مرضى، همهم الوحيد أذية الآخرين، مع ضرورة التصدي لظاهرة التنمر والتشهير والتجريح بالناس واتهامهم بأمور ربما تكون غير صحيحة. والاهم من كل هذا ضبط الشائعات، ففي الأسبوع الماضي كاد أن “يفرط” البلد بسبب الشائعات من هنا وهناك، ومن دون أن ننسى أن جرائم الإبتزاز الجنسي إلكترونياً في إرتفاع مستمر”.

“فلتان” لا حدود له

وحول عدد اللبنانيين المتواجدين على هذه الشبكات اونلاين هناك مليون و800 ألف مواطن، تتنوع استخداماتهم بين “الواتساب” والـ “تويتر” والفيسبوك، والـ”إنستغرام والسناب شات”، لافتاً إلى أنه في الآونة الأخيرة تحولت شبكات التواصل الإجتماعي وعلى رأسها “الواتساب” إلى وسيلة لنشر الشائعات والاخبار المغلوطة وإستخدامها للايقاع بالآخرين ونشر الاخبار من دون التأكد من صحتها، معطياً مثالاً عن خبر وصله منذ أيام عن أن أحد البنوك سيعلن إفلاسه خلال 24 ساعة، “ولكنني بالطبع لم أتداوله لأنه يشكل خطراً على سمعة لبنان المالية ويحدث بلبلة”، مبدياً أسفه لحالة “الفلتان” التي لا حدود لها على هذه المنصات.

ويؤكد أبو يحيى أن الشعب اللبناني اصبح يوازي الشعب المصري بـ”الهضامة” وروح النكتة، ويضحك على مآسيه، موضحاً أن لبنان يمر حالياً بأزمات كثيرة والازمات أحياناً تولد سخرية مع وجع، ولكنها مضحكة وهذا ما لمسته في تركيب صور لفنانين وسياسيين تقوم على التنمر وأحياناً تشكل تعبيراً مضحكاً عن موقف سياسي.

والدليل على ذلك إحدى القصص الطريفة التي حدثت على الفيسبوك عن قيام احدى الزوجات (42 عاماً) بإنشاء حساب وهمي على الفيسبوك باسم فتاة، كي تكتشف أن زوجها يخونها وضغطت على طلب الصداقة، ووافق عليه الزوج، ليتعرفا على بعض من جديد، وهذا أمر مؤلم أيضاً لأنه قد يؤدي إلى دمار عائلات بكاملها وتشريد الأولاد، وفق أبو يحيى.

ومع كل هذا يرى أبو يحيى أن علينا ألا نتجاهل حقيقة مفادها أن اللبنانيين اليوم يحرقون اصابعهم بهذه الوسائل، لأن كل ما يريدونه أو ينشرونه عن تفاصيل حياتهم الشخصية والمهنية حتى لو تم حذفه (delete)، سيبقى موجوداً على السيرفيرات التابعة لهذه الشركات؛ من دون أن ننسى أن كل الشركات في لبنان بات لديها حساب على شبكات التواصل الاجتماعي حتى ان صفحة الـ face book والـ twiter والـinstagram لأي شخص تحولت الى CV خاص به، فالشركات ترصد مدونات وكتابات طالب العمل او الوظيفة هل هو محرض؟ او هل ينشر صوراً غير لائقة؟ أو هل هو شخص مكروه أو يدعم الارهاب او التطرف؟ وعلى ضوء هذا الرصد يتم قبوله أو لا.

الفيسبوك لم يعد المفضّل

على صعيد توزع الفئات العمرية على شبكات التواصل الإجتماعي يأتي التوزيع بحسب أبو يحيى كالتالي:

1 – بين عمر الـ 13 و 17، فئة شبابية النسبة الاكبر منها تتواجد على instagram و snap chat.

2 – الفئة الانضج بين 20 و 40 سنة وصولاً الى الـ 45، النسبة الاكبر من هذه الفئة تستخدم “تويتر” لتدوين افكارها وأيضا الواتساب.

3- الفيسبوك لم يعد المفضل لدى اللبنانيين، نظراً لميل اللبنانيين الى ظهور بشكل مباشر على “الواتساب”، و”الانستغرام” و”سناب شات” بهدف تصوير أحداث مهضومة أو طريفة حصلت معهم في يومياتهم.

4 – “الانستغرام” تنشط عليه الفئة العمرية الصغيرة اجمالاً الى حدود الـ 15 أو 16 عاماً.

5 – “تويتر” تنشط عليه الفئة العمرية بين الـ 20 و45 وايضاً “الفيسبوك” بين الـ 20 وصولاً الى الستين(رجالاً وسيدات) لأن السيدات فوق الـ 60 عاماً سيكون هناك من يساعدها على تفعيل حسابها (حفيدها أو ابنها مثلاً).

وسواس الإنترنت القهري

وسواس الإنترنت القهري الذي اكتشف من قبل المختصين، هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق من ضعف شبكة الإنترنت أو غيابها والذي يؤثر على مستخدمي الإنترنت في لبنان. ويقول أحد الباحثين اللبنانيين في 30 تشرين الثاني 2018 في مقال حمل عنوان “الانترنت في لبنان يتسبب بمرض” على موقع “القوات اللبنانية”: “هذه ظاهرة غريبة جداً لم نشهد مثلها من قبل. إنه وباء. بغياب الإنترنت، تبنّى المرضى سلوكيات تجعلهم يبدون مثل المجانين، على الرغم من أن سلوكهم العام لا يشير إلى ذلك”؛ شارحاً أن الأعراض تشمل الخوف من المطر، والضغط المعتاد على الأزرار، والخوف غير العقلاني من الظلام، والغناء والرقص العفوي. هذه ليست سوى بعض الحالات.

وفي خبر غير سار لشريحة من اللبنانيين أعلن تطبيق “واتساب” منذ أيام قليلة أنه سيتخلى بشكل نهائي عن مجموعة من الهواتف الذكية، إذ سيتوقف عن العمل على أجهزة وأنظمة تشغيل معينة مع مطلع العام 2020.

وأشار إلى أن “كل هواتف أندرويد التي تعمل بواسطة نظام التشغيل (Android 2.3.7) وأجهزة آيفون العاملة بواسطة نظام التشغيل (iOS 7) لن تدعم “واتساب” بحلول الأول من شهر فبراير/شباط 2020″، وفق ما نقل موقع “بزنس توداي”. ولن يتمكن بعض المستخدمين لأنظمة التشغيل القديمة من إنشاء حسابات جديدة أو إعادة التحقق من الحسابات الحالية. فكيف ستتصرف الشريحة الاكبر من اللبنانيين مع هذا الإجراء؟ وهل سيَسلم عندها هذا التطبيق من “تنميرهم” عليه لتخليه عنهم؟.

«أدمنت الانترنت منذ سنين، هاتفي لا يفارقني الا عند النوم، لا تكاد تمر دقيقة من دون ان اقلب في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يقول أحمد ق ( 36 عاماً) ويضيف «بين التسلية والاطلاع على اخبار ما يدور في لبنان والعالم، يكلفني الامر مبلغاً كبيراً، فتعبئة الهاتف بالدولارات من اجل الاشتراك بالانترنت أمر يتكرر معي كل اربعة ايام، حيث احتاج الى مبلغ 23 دولاراً مقابل حصولي على 5 جيغا، ما يعني أني اضطر الى دفع 172 دولاراً شهريا، مع العلم انني استخدم الواي الفاي في المنزل لكن في العمل واثناء تنقلاتي ووجودي في الخارج لا بد من استخدام الانترنت (الجيغا) وهنا الكارثة الكبرى حيث أن راتبي لا يتعدى 800 دولار، ما يعني أن ربعه يذهب من أجل تشريج هذه الخدمة التي بات الاستغناء عنها، أو حتى التخفيف من اللجوء اليها امراً مستحيلاً.