IMLebanon

درّاجات “التخريب”… ماذا لو وصلت إلى الأشرفيّة؟

كتبت جنى جبّور في “نداء الوطن”:

الاستفزازات الحزبية على الدراجات النارية أو “المبادرات الفردية” من مناصري “حزب الله” وحركة “أمل”، لم تفاجئ أحداً. لا بل على العكس إندرجت ضمن التوقعات التي بنيت عليها الفرضيات الأمنية، إنطلاقاً من كلام الأمين العام لـ”حزب الله” الراعي الأول للعهد والمتمسك الشرس بالحكومة الحالية. هذه المشهدية، تفتح الاحتمالات على أكثر من مستوى: ماذا لو وصل هؤلاء الى الأشرفية أو اشتبكوا مع الجيش؟ ماذا لو تحولت الاستفزازات المتواصلة إلى صدامات أمنية حقيقية؟.

بعد مرور أيام عدّة على التظاهرات وقطع الطرق في مختلف الأراضي اللبنانية على خلفية الأمور المعيشية والمطلبية، كان التخوف الأمني موجوداً بالحد الأدنى نظراً إلى الانتماءات المختلفة في الشارع، عكس تحركات “8 و 14 آذار” في العام 2005 إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث كان الاحتكاك واضحاً بين الشارعين. إلّا أّنّ هذا لم يمنع الاستفزاز الذي نتج عن تحرك موكب دراجات نارية رفعت أعلام “حزب الله” و”حركة أمل” في بيروت.

يشرح خبير أمني لـ”نداء الوطن” أنّ “مضمون هذه الرسالة واضح، ويرتكز على تخويف المحتجين. رغم تأكيد “الحزب” و”الحركة” عدم مسؤوليتهما عن هذه التحركات، وحتّى لو سلمنا جدلاً أنها “عفوية”، فنحن ندرك جيدّاً أنّ هذه الامور ليست غريبة عن “الحزب”، ما يؤشر أنها “قبة باط” منه، ليقول للجميع “أنا موجود”. إضافة إلى وجود عامل أساسي يتمثل بوجود الجيش اللبناني الذي منع أعمال العنف لو بشكل فردي”.

“حزب الله” و”أمل” بغنى عن القيام بنزاعات أمنية، ولا سيما في ظل العقوبات الدولية ووجود “الحزب” تحت المجهر الدولي، ولا فائدة من توجيه اللبنانيين ضدهما، وإعطاء الأفضلية لخصومهما. ويرى المصدر أنّه “لو أراد الحزب القيام بتحرك أمني مشابه لـ7 أيار لكان أنجز عملية مفاجئة، خصوصاً أنه يملك القدرات البشرية واللوجستية. ولكن هل سيتحرك فعلاً ضد بيئته أو ضد الناس العزّل؟ هنا تأتي الحسابات الاستراتيجية “للحزب”. فلماذا يدخل في عراك ويعادي المزيد من اللبنانيين، في وقت يحصل على كل ما يبتغيه من هذه الحكومة. من هنا، نستبعد أي حركة مشابهة لـ7 آيار، إلّا في حال دخول عامل آخر على الخط، وتشكيله خطراً فعلياً على “الحزب”، ولا وجود لاحتمال كهذا حتّى الساعة”.أوامر الجيش اللبناني إختلفت بحسب النقاط. ومنع تنقل الدراجات النارية يعود الى معرفة هوية مرسلها، بحسب ما يؤكد مصدر أمني لـ”نداء الوطن”، مشيراً الى أنّ “الخيار الأنسب كان بإغلاق الطرق التي تقود إلى ساحة الشهداء ورياض الصلح وساسين، كالجميزة ومونو وغيرها، لمنع توجه أي دراجة نارية إلى الساحات. وفي جل الديب تم إغلاق الطرق ما قبل مكان الاحتجاج وبعده كي لا تصل الدراجات النارية. أمّا في الذوق فلم يطبق ذلك لأنه بالأصل لم يكن هناك أي تواجد للدراجات النارية. وفي ما يخص إغلاق الطرق على الأوتوسترادات، فلم يتدخل الجيش بذلك شرط ترك مسلك واحد لمرور الآليات العسكرية والدفاع المدني والصليب الأحمر.

وفي حالات الشغب يتم فض الاشكالات بين المحتجين فقط. أمّا بالنسبة إلى الطرق البحرية فهناك أوامر واضحة بمنع إقفالها نهائياً”.تحية إلى الجيش الذي أظهر حمايته للمحتجين، وتركيزه على منع الشغب والتسبب بأضرار للأملاك العامة. ولكن ومنذ انتشار فيديوات حشود الدراجات النارية والحديث عن إمكانية توجههم إلى الأشرفية، أعدّت الكثير من السيناريوات، لا سيما بعد أن عبّر أبناء الأشرفية عن الحادثة قائلين: “أهلاً وسهلاً… ناطرينن”. في هذا السياق، يقول الخبير الأمني: “الجيش قام بواجبه ما يدفع المستفزين لأي جهة انتموا إلى عدم تكرار المحاولات في المستقبل. وفي حال وجود نية التكرار، فعندها ستتركز التحركات في أماكن لا يتواجد فيها الجيش أو القوى الأمنية. من جهة أخرى، التوجه إلى الأشرفية كان سيتسبب بمشكلات كبرى ولا سيما أنّ التجمعات فيها من لون واحد تقريباً، ولهذه المنطقة رمزيتها في الوجدان المسيحي، ما يفتح الاحتمالات أمام حدوث نزاعات كبيرة جدّاً، وهذه النقطة يعرفها “الحزب” و”الحركة” جيّداً. ورغم ذلك، لم يخلُ الأمر من بعض الاستفزازات البسيطة، التي عولجت من قبل سكان الأشرفية بشكل يمنع المستفزين من العودة”.

الوعي الذي يتحلى به اللبنانيون يبعد كل فرضيات نشوب حرب أهلية، ولكن هذا لا يمنع الخشية من تحوّل الاستفزازات المتواصلة إلى نزاعات أمنية ومناطقية حقيقية. وهنا لا بد من معرفة أصول التصرف في حال تعرض المحتجون لأي هجوم تخريبي مضاد. في هذا الاطار، ينصح الخبير الأمني “بضرورة التوجه الى أقرب نقطة للحماية الذاتية وإبعاد الخصم في آنٍ واحد من قبل مجموعة متراصة واحدة من الناس. ومن المهم التذكير، بأهمية الابتعاد عن التنقل بشكل فردي أو حتّى ثنائي أثناء وقوع أعمال شغب، بل من خلال مجموعات كبيرة فقط. كذلك، يجب حصر الأطفال والشابات والنساء والمسنين في أماكن تسهل حمايتهم فيها. وبشكل أوضح، يُنصح بتشكيل دائرة كبيرة محصنة من أي خروقات ووضع الناس المولج حمايتهم ضمن إطار هذه الدائرة لتفادي تعريضهم لأي خطر أو احتكاك”.