IMLebanon

“عروس الثورة” طرابلس… الاحتجاجات تتّسع

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

أسبوع أول شارف على بداية الثورة الشعبية في لبنان ضد السلطة والنظام، تناغمت وتماهت معها ساحة عبد الحميد كرامي (النور) في طرابلس. أصوات وصيحات وهتافات المعتصمين المتظاهرين لم تتغير بل هي تزداد بالمطالبة برحيل السلطة القائمة تحت شعار “كلن يعني كلن”.

ثمة مفارقة في التظاهرات التي تشهدها مدينة طرابلس، أن وتيرة الحشود التي تشهدها الساحة وفي يومها السادس، لم تتغير عن الأيام السابقة، لا بل هي آخذة في الاتساع بما يؤشر إلى أن لا مجال للمراهنة على تعب أهالي طرابلس والشمال وإخلائهم الساحة التي نزلوا إليها مرغمين بسبب تعنت السلطة في الإستجابة إلى مطالب ناسها وشعبها.

وحافظت مدينة طرابلس لليوم السادس على التوالي على الحشود الغفيرة التي تجمّعت بشكل كبير ليس من طرابلس وحدها، بل أتى مواطنون من عكار والمنية والضنية وزغرتا والكورة والمناطق الشمالية، وباتت ساحة النور بالنسبة إليهم مقر الثورة وأيقونتها وعاصمة الثورة الشمالية.

ما تشهده ساحة تجمع الثوار يومياً من فعاليات على هامش يوم الإعتصام الطويل أصبح محط جذب للناس من كل المناطق أيضاً، فما يقام من فعاليات وأجواء على الهامش، مع أصوات الموسيقى الحماسية والوطنية، يجعل الواحد منا يفكّر: “هل هذه هي فعلاً طرابلس التي قيل يوماً إنها قندهار لبنان؟ هل هذه هي طرابلس التي شهدت أكثر من 20 جولة من العنف بين أبنائها؟ هل هذه طرابلس نفسها التي لطالما رفعت أعلاماً ورايات في كل اتجاه؟ ما حصل ويحصل في طرابلس في زمن الإنتفاضة جعلها تستحق لقب “عروس الثورة”.

لم يأبه الطلاب والطالبات المشاركون والمشاركات لقرار رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب الذي دعا إلى استئناف الدروس اليوم. فكان ردّ الطلاب في طرابلس: “القرار يعنيه… من هون ما منفل حتى يفلو كلن… كلن يعني كلن”. تعتبر الناس أن ما يحصل بمثابة عصيان مدني، فبعد أن فقدت أملها بهذه السلطة بالكامل، قررت الإنتفاض سلمياً وحضارياً حتى سقوط كل منظومة الفساد بكل رموزها، وحتى يعود الحكم إلى الشعب مصدر السلطات في لبنان. ورغم أنه لم يتبلور للثورة الشعبية والحراك الشعبي القائم أي قيادة تفاوض باسمها أو تستثمر المطالب، إلا أن البعض من المشاركين عبّروا لـ”نداء الوطن” عن رغبتهم برحيل هذه الحكومة وقيام أخرى تكنوقراطية مصغرة تدير الأزمة حتى إنجاز انتخابات نيابية في مهلة أشهر قليلة محددة، كما عبّروا عن ضرورة رحيل رئيس الجمهورية وسقوط هذا العهد بما يمثل والذي لا يمثّل طموحات اللبنانيين”.

وجالت في اليوم السادس على الثورة مسيرات دراجات نارية في مناطق من طرابلس حاملة الأعلام اللبنانية وانتهى بها المطاف في ساحة عبد الحميد كرامي. وكانت ملفتة المشاركة الكثيفة من زغرتا في ساحة النور والصوت والشعار واحد: “إرحل ميشال عون”. كما انطلقت مسيرة من الساحة باتجاه فرع مصرف لبنان في البحصاص تعبيراً عن رفضهم لسياسة مصرف لبنان وحاكمه.

تحت ظلال العلَم اللبناني وشمس الثورة التشرينية، ما زالت حناجر أبناء الشمال تصرخ من ساحة النور “ثورة ثورة ثورة… الشعب يريد إسقاط النظام”. ومن طرابلس إلى عكّار المشهد ما زال على حاله. الناس في ساحتين مركزيتين هما العبدة وحلبا، تتظاهر وتحتشد يومياً للمطالبة بإسقاط النظام.

وفي طرابلس بيانات شكر باسم منظمي الحراك الشعبي وروّاد الساحة إلى المطاعم والمؤسسات التي تقدّم الوجبات والضيافة إلى المتظاهرين. وفي عكار ارتفعت أصوات المستشفيات وأطلقت نداءات إلى المتظاهرين “اتركوا ممرات للمستشفيات والمرضى لا سيما الطرق الفرعية وعدم إقفالها، خصوصاً لأجل تزويد المستشفيات بالمستلزمات الطبية والأدوية ولجهة القدرة على نقل المرضى وحالات الإسعاف”، بعد أن قيل أن هذه المستشفيات قد ينفد مخزونها من هذه المستلزمات في غضون يومين أو ثلاثة.

في المحصلة طرابلس وكل الشمال في انتفاضة حقيقية لم تتوقف منذ الخميس المنصرم وحتى اليوم. فالناس هنا تعتقد أن مجرد التراجع أو التخفيف من حدة التظاهر يعني استسلاماً للسلطة، وأن أي عودة من دون تحقيق نتائج ستكون بمثابة إجهاض للثورة وعدم القدرة لاحقاً على تحقيق أي مكسب سياسي واجتماعي، فبالنسبة إليهم هذه فرصة تاريخية لتحقيق الأهداف وقد لا تتكرر أبداً.