IMLebanon

كلفة عدم الاستقالة!

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

لا داعي لتوصيف الثورة اللبنانية العارمة التي ينفذها جميع اللبنانيين ويقودونها بأنفسهم من دون زعيم أو حزب أو مرجعية، فالإعلام العالمي تحدث بما يكفي وحسم بأن الثورة اللبنانية هي من أروع الثورات العالمية.

الكارثة باتت في مكان آخر. المسؤولون في لبنان يراهنون على تعب اللبنانيين وعلى دفعهم إلى اليأس، وربما على الأحوال الجوية والأمطار ليخرجوا من الشارع والساحات.

بعد أسبوع بالتمام والكمال على انطلاق الثورة الشعبية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لا يزال المسؤولون يحسبون حساب كلفة الاستقالة عوضاً عن اجراء حسابات كلفة عدم الاستقالة أو التأخر بتقديمها إلى الشعب!

ربما كانت هذه الحسابات مبررة في اليومين الأولين للتظاهرات، بذريعة الخوف من الدخول في فراغ مؤسساتي وعدم إمكانية تشكيل حكومة جديدة بسرعة، لكن كل هذه الحسابات سقطت مع تمدد الثورة بشكل غير مسبوق في التاريخ العالمي وليس في تاريخ لبنان فحسب، وباتت كلفة معاندة المسؤولين وممانعتهم لتقديم استقالتهم باهظة جداً على لبنان واللبنانيين واقتصادهم وأوضاعهم المالية، وبالتالي فإن ثمة محاسبة باتت أكثر من ضرورية، محاسبة لا تشمل المرحلة الماضية حصراً، بل تشمل تحديداً مرحلة أيام الثورة والإصرار على عدم الاستقالة ما كبّد البلد خسائر أكبر من أن تُحصى.

لن يكتفي اللبنانيون بكبش محرقة من هنا وكبش محرقة من هناك، مثل الإدعاء على الرئيس نجيب ميقاتي ونجله وشقيقه، لأن ميقاتي جزء من المنظومة، مثله مثل أكثرية المسؤولين والسياسيين، وبالتالي لن يرضى اللبنانيون بتقديم “ضحية” إليهم، لأن المطلوب محاسبة الجميع، وكم من “ميقاتي” في هذه المنظومة، إذا كان مضمون الادعاء عليه صحيحاً، استغل نفوذه واستفاد من المال العام، والأمثلة أكثر من أن تُحصى!

لكن الأهم هو رفض اللبنانيين أن يحاول البعض أن يجعل من العماد جوزاف عون ضحية على مذبح مصالح بعض السياسيين وعشاق السلطة، ضحية من خلال دفعه في مواجهة أهله وناسه، في محاولة مكشوفة لضرب صورة قائد الجيش الذي قاوم كل الضغوط في الأيام الستة الأولى للتظاهرة رافضاً الاصطدام بالمواطنين!

الجيش اللبناني ليس جيش النظام السوري ليتولى قمع شعبه، ومن غير المقبول أن يتحوّل الجيش اللبناني جيش نظام فاسد. لذلك فإن عدم استقالة المسؤولين يعني أن ثمة من يحاول أن يغيّر وجه لبنان ونظامه ليشبه أنظمة القمع والفساد من حولنا، وليجعل من لبنان وشوارعه مساحات للقمع والتنكيل باللبنانيين، وهذا أسوأ ما يرتكبه الحكام وسيرتب عليهم محاسبة أمام الشعب اليوم قبل التاريخ!