IMLebanon

صيدا تفتح الطرقات وتُمهل السلطة 48 ساعة

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

كرّس اليوم الخامس عشر من “الحراك الاحتجاجي” في صيدا، ترجمة لـ “الاتفاق” الذي جرى بين الجيش والمحتجين، ومشهداً مزدوجاً بين فتح الطرقات في المدينة وتحديداً عند تقاطع “ايليا” الذي تحول على مدار اسبوعين الى مكان للاعتصام المفتوح من جهة، وبين البقاء في الساحات على مدار الساعة من جهة أخرى، مع حشد المزيد من المشاركين ليلاً، للتعبير عن إصرارهم على مواصلة حراكهم حتى تحقيق كامل مطالبهم التي بدأت بإستقالة الحكومة وتنتهي بإستعادة الاموال المنهوبة.

وتميز “اليوم الصيداوي” بالهدوء التام، لم تشهد المدينة أي قطع للطرقات الرئيسية أو الفرعية، وفتحت المحال ابوابها في السوق التجاري، كما المؤسسات الرسمية، بينما أقفلت المدارس الرسمية والخاصة والمصارف، وبدا الانتظار “سيد الموقف” لكلمة رئيس الجمهورية ميشال عون، ترقباً لما ستؤول اليه التطورات بعدها، وذلك بعد ليل متوتر عاشته المدينة، حيث نزل المحتجون عند تقاطع “ايليا”، وأعادوا قطع الطريق وحاولوا نصب خيام، فوقع إشكال بينهم وبين الجيش، أدى الى سقوط ثلاث اصابات، تمّ نقلهم الى مستشفى صيدا الحكومي.

واعتبرت مصادر لـ “نداء الوطن”، أن ثلاثة أسباب تضافرت لاعادة الحراك الشعبي الى زخمه، الأول الاحداث التي وقعت في منطقة الشمال بين الجيش والمحتجين في العبدة، والثاني إنضمام أنصار “تيار المستقبل” الى المحتجين وحراكهم في شوارع المدينة دعماً للرئيس سعد الحريري بعد تقديم إستقالة حكومته، والثالث تعميم وزير التربية أكرم شهيب بفتح المدارس، ما اعتبروه دعوة لاستئناف الحياة الطبيعية والتفافاً على مطالبهم المحقة، في وقت لم تلقَ فيه آذاناً صاغية، الدعوات التي أطلقت عبر “مواقع التواصل الاجتماعي” للعصيان المدني على غرار ما حصل في طرابلس، لجهة إغلاق المؤسسات الرسمية والتأثير على السوق التجاري، بانتظار إنتهاء المهلة التي حددت للخطوة الثانية في حال تأخر البدء بالاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة العتيدة.

في حديقة “الناتوت”، عند تقاطع “ايليا”، أمضى بعض المحتجين ليلتهم في خيام نصبت بعد إعادة فتح الطريق وانتشار للجيش اللبناني لحفظ الامن والاستقرار، وشهدت حلقات نقاش وحوار أبرزها من طلاب الجامعات، حيث قالت الطالبة سارة، وهي في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية في صيدا، لـ “نداء الوطن”، إن “اللقاء هو بشكل سلمي وحضاري، للتأكيد على أهمية دور طلاب الجامعة في الحراك الشعبي ورفده بعنصر قوة لتحقيق المطالب”، قبل أن تضيف “إن دعوة وزارة التربية لاستئناف الدروس استفزت الجميع وكأنها تريد الايحاء بأن الحياة عادت الى طبيعتها، وهذا ما نرفضه قبل تحقيق مطالبنا وأبرزها ان يكون التعليم مجاناً في الجامعة اللبنانية، لأن البعض لا يستطيع حتى دفع رسوم التسجيل”.

بينما أكد أحد ناشطي الحراك عمر ترجمان لـ “نداء الوطن”: “نلتزم بالبيان الذي صدر عن الحراك في صيدا، ولن نقطع أي طريق، هناك مهلة 48 ساعة للبدء بالاستشارات النيابية لتشكيل حكومة إنتقالية، تكون من خارج أحزاب السلطة، وإلا سندعو الناس للنزول الى الشارع مجدداً”، مشيراً الى أن “أنصار المستقبل شاركوا في جزء من الحراك، ونرفض أي محاولة للإلتفاف على مطالب الناس”، قبل ان يضيف: “أهلاً وسهلاً بمن يريد النزول الى الشارع. فهو ليس حكراً على أحد، ولكن تحت سقف المطالب والاتفاق بين مجموعات الحراك”.

سياسياً، جدّد المنسق العام لـ”تيار المستقبل” في الجنوب ناصر حمود تأييد الرئيس الحريري، قائلاً: “نقدّر كل ما قام به من أجل اخراج لبنان من أزمته. وبأنه مع مطالب الناس وهمومهم ويشعر بوجعهم، بالقدر الذي كان فيه حريصاً على أمنهم وسلامتهم وعلى حرية التعبير التي يكفلها الدستور، نعتبرها كـ”تيار” من أهم الحقوق المدنية التي يجب أن نحافظ عليها”.

ولفت حمود الى أن “استقالة الرئيس الحريري أنهت التسوية التي أراد منها إنهاء الفراغ الرئاسي وانتظام عمل الدولة والمؤسسات، لكنه دفع ثمنها كثيراً من رصيده الشعبي وتحمل تبعاتها لوحده دون الأفرقاء الآخرين، فوصلت الأمور الى ما شهدناه من أزمات حياتية واجتماعية. بذل الحريري جهوداً جبارة من أجل إيجاد الحلول لها وحرص على تدوير الزوايا مع كل الأفرقاء، واضعاً نصب عينيه دائماً مصلحة البلد وما يريده الناس لكنه لم يلق التعاون والتجاوب، فخرج الناس ليعبروا في الشارع عن وجعهم ويطالبوا بالوظائف وبمحاربة الفساد وغيرها من المطالب التي رفعوها”، مشيراً الى أن “خطاب الوزير جبران باسيل قبل الحراك استفزّ اللبنانيين وكان أحد الأسباب التي جعلت الناس تنزل وتقول كفى”.