IMLebanon

التعامل الدولي الحذر مع الأزمة اللبنانية يربك أجندات إيران

أقر مراقبون بأن الموقف الدولي من الأزمة في لبنان ما زال دون المستوى المطلوب وأن الولايات المتحدة تراقب تطور الأوضاع اللبنانية بحذر شديد، متجنبة استخدام أي عبارات يشتم منها تدخل في شؤون لبنان أو في شؤون العراق.

وعزا المراقبون تحفظ واشنطن إلى تورط الجانب الإيراني في مواجهة احتجاجات لبنان وإلى حاجة واشنطن إلى عدم الغرق في التفصيل اللبناني، فيما تسعى الولايات المتحدة مع حلفائها إلى الاتفاق على استراتيجية مشتركة للتصدي للحالة الإيرانية عامة.

ويضيف بعض الخبراء أن طهران حاولت، منذ بدء حملة العقوبات الأميركية التي تلت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، جر العالم، وخصوصا الولايات المتحدة، إلى معارك أخرى تبعد عنها حتمية فتح ملفات البرنامج النووي مجددا، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، ونفوذها وسلوكها المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط.

ويلفت هؤلاء إلى أن فشل إيران في جرّ الولايات المتحدة وحلفائها إلى الخيار العسكري نزع من القادة في طهران خيارات الخروج من الأزمة عبر الهروب إلى الأمام.

ودعت مصادر دبلوماسية إلى قراءة مسار مجموعة من الأحداث بصفتها خطا بيانيا واحدا متعدد الأطراف سحب من إيران ورقة الذهاب إلى الصدام الكبير للاعتراف بها شريكاً كاملاً في التهدئة والسلم.

ورفض ترامب الرد العسكري على إسقاط إيران لطائرة مسيرة أميركية من أحدث طراز في العالم، ورفضت الإمارات توجيه اتهام رسمي لإيران بالوقوف وراء عمليات تفجير سفن تجارية قرب شواطئها، ولم تنجر بريطانيا إلى الوسائل العسكرية لتحرير إحدى ناقلات النفط التابعة لشركة سويدية تحمل العلم البريطاني، كما انتظرت السعودية انتهاء التحقيقات التي تشارك بها أطراف دولية بشأن الاعتداءات الخطيرة التي تعرضت لها منشآت أرامكو فوق أراضيها.

اعتبار خامنئي أن الغضب الشعبي في لبنان والعراق تحركه أجندات غربية يعكس رؤية إيران لميادين نفوذها في البلدين
وتؤكد مصادر دبلوماسية أميركية أن واشنطن تراقب عن كثب تطورات الأوضاع في لبنان، لكنها تضع الأمر في سياق أوسع مرتبط بتحولات المنطقة لاسيما في العراق وفي شمال شرق سوريا.

وتضيف المصادر أن تدافع القرارات المرتبطة بإعادة تموضع نوعي للقوات الأميركية شرق سوريا، يرجع إلى ديناميات التحولات التي تحدث في المنطقة بإيقاعات سريعة يصعب توقعها وتحتاج إلى ردود ميدانية ودبلوماسية عاجلة ومواتية.

وتحذر مصادر، قريبة من مستشارية الأمن القومي، من أن الولايات المتحدة تنظر بعين القلق إلى ما يمكن أن تسببه أي فوضى في لبنان من مخاطر على أمن إسرائيل.

وتقول المصادر إن حزب الله قد يسعى إلى توتير الجبهة اللبنانية الإسرائيلية من ضمن مساعيه لخلط الأوراق وإحداث أزمة إقليمية كبرى تهدف إلى تخفيف الضغط الداخلي عن الساحتين اللبنانية والعراقية.

وتشير المصادر إلى تلقي مستشار الأمن القومي الأميركي والبنتاغون تقارير إسرائيلية عن مخاوف من تحركات عسكرية يقوم بها حزب الله قد تكون ممهدة لتصعيد أمني خطير ضد إسرائيل.

 

ويرى خبراء في الشؤون الاستراتيجية أن حزب الله يسعى لجر العالم إلى دخول دائرة الصدام الكبير بعد أن فوت العالم هذه الفرصة على إيران خلال الشهور الماضية.

ودعا الخبراء واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد لاحتمال التموضع وفق هذا السيناريو. ولفت هؤلاء إلى أن دخول مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي شخصياً على خط الأزمة في العراق ولبنان واعتبار أن الغضب الشعبي في البلدين تحركه أجندات غربية إسرائيلية، يعكس رؤية إيران الكلية لميادين نفوذها في البلدين، ما يستدعي أن تقارب واشنطن الشأن اللبناني من ضمن المشهد العام المواجه لإيران.

وتكشف بعض المعلومات أن القنوات الخلفية ما زالت تعمل خلف الكواليس من أجل تأمين ظروف وشروط إقامة حوار مع إيران، وأن الوساطة التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وتلك التي سعى إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لفتح سبل الحوار مع طهران ما زالت تعمل بهدوء. وتضيف المعلومات أن طهران تلقت تحذيرات دولية من مغبة أن تسيء إيران حساباتها في لبنان، وذكّرتها بالخطوط الحمر التي يجب ألا تتجاوزها في هذا البلد، ناصحة المسؤولين الإيرانيين بضبط رد فعل حزب الله ضد الحراك الشعبي كما ضد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

وتتحدث بعض المصادر عن تدخل روسيا على خط الأزمة في لبنان لجهة تبريد الاحتقان ومحاولة إيجاد مخارج ترضي الشارع وتعيد الأمور في لبنان إلى سكة مسيطر عليها من قبل المنظومة السياسية للبلد. وتوضح المصادر أن موسكو تعارض الموقف الذي يتخذه حزب الله سواء في شأن المواجهة الميدانية للاحتجاجات أو في شأن وضع فيتو أمام خيارات جديدة خلاقة في مسألة تشكيل حكومة جديدة.

وتخشى روسيا أن يؤدي انفجار الوضع في لبنان، سواء داخلياً أو ذلك المتعلق بتوتر بين حزب الله وإسرائيل، إلى التأثير سلبا على جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تهيئة بنى تحتية لتسوية تنهي الحرب في سوريا.

ويعتبر مراقبون في موسكو أن روسيا نجحت في إطلاق أعمال اللجنة الدستورية السورية، كما نجحت في عقد اتفاق مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة شمال سوريا، وأنها تتواصل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للاتفاق على خارطة طريق ترعاها الدول الغربية لدعم الحل السياسي وإطلاق وتمويل ورشة إعادة الإعمار.