IMLebanon

“لقمة واعتصام” في النبطية

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

شدّ ثوار النبطية همتهم واستعادوا بعضاً من زخم حراكهم الشعبي، الذي حمل عنوان “لا للضرائب ولا للغلاء”. وجدّد “الثورجيون الجدد” شباب حراكهم الذي كان اقتصر في الايام الماضية على جلسات نقاش خجولة لم تثمر قوة شعبية على الأرض. ولم تغنِ واقع مطالبهم التي انطلقت اقتصادية شعبية ضد الفقر وتحولت نحو عناوين عريضة لا تمس المواطن بالمباشر.

وعلى غير عادته حمل أحد النبطية الكثير من رسائل شعبية باتجاه من هم في السلطة، مئات الموجوعين خرجوا الى الشارع للتأكيد انهم على العهد ماضون، فيما لازم آلاف المقهورين منازلهم يتابعون حال الثوار عبر الشاشات، ينتظرون التغيير الآتي حتماً، يثقون أن هناك من يملك رباطة جأش لن تسقط في حفرة الوعود الخادعة. علي اسماعيل احد الثابتين في ساحة حراك كفررمان يؤكد: “إننا أبناء وطن اسمه لبنان من حقنا بطبابة مجانية، مياه نظيفة، كهرباء، فاتورة واحدة، بيئة لا تجتاحها النفايات المتكدسة على الطرقات، فرص عمل، حقنا بالكثير، ولكن حقنا ضائع في غياهب الدولة ومزاريبها”.

من دوار كفررمان باتجاه سراي النبطية الحكومي انطلقت تظاهرة الحراك رافعة الاعلام اللبنانية، وغابت عنها الشعارات المطلبية. ولم تتردد فاطمة في الحضور للمشاركة في “أحد الوحدة”. فاطمة شابة جامعية حرمتها الواسطة من العمل، ودفعتها للبطالة المقنعة بالوجع والقهر والنقمة على سياسة جائرة تمارس ضد الشعب. وجعها كما وجع ايهاب الذي يسأل من يسقط الضرائب التي سقطت علينا هذه الأيام، وزيادة الأسعار من المسؤول عنها، كفى كذباً يصرخ بأعلى صوته، الوطن والمواطن موجوعان.

وحده العلم اللبناني شمخ في عمق تظاهرة النبطية، حيث وقف المتظاهرون أمام مصرف لبنان مردّدين “يسقط حكم المصرف”، قرأوا الفاتحة على مالهم المنهوب ودعوا لاستعادته، ومضوا في طريقهم باتجاه شوارع النبطية التي انتشر في داخلها عناصر الجيش اللبناني والقوى الأمنية وشرطة بلدية النبطية التي أمّنت حركة السير حفاظاً على سلامة المتظاهرين.

فالساحات اشتاقت للثورة التي خرجت من رحم الجوع والوجع، يقول حسين حمادي: “إننا استعنّا بالزخم ونبض الشارع، والايام المقبلة تحمل المفاجآت، فلن نخرج من الساحة قبل أن نصل الى الهدف والا يضيع تعب 18 يوماً هباء”. وأكد الدكتور رائد مقلد “هوية الحراك الشعبي وعدم انحرافه عن أهدافه المطلبية من إلغاء الضرائب، ليسقط حكم المصرف وتشكيل حكومة تحل أزمات الوطن”.

وألهب نشيد “ثورة وطن” حناجر الثوار ممن آلمهم مشهد النفايات التي تغرق العديد من قرى النبطية، وأزمة الحفر في الطرقات، وكابوس الغلاء الذي أوقعهم تحت رحمة جشع التجار.

والتأم شمل الاهالي الى مائدة الغداء القروي “لقمة واعتصام”، حيث أعدت السيدات ما تيسر من أطباق المجدرة والفتوش والفطاير والفلافل.

وعلى وقع “كلنا للوطن” تعاهد الثوار الحفاظ على ثورتهم سلمية، وأكدوا “أننا كلنا للوطن ولن نكون إلا له”، وتلا الدكتور عمران فوعاني بيان الثوار الذي ذكر بكل المطالب التي رفعت منذ اليوم الأول للحراك، مؤكداً أن حراك النبطية باق في الساحات وأن حلقات النقاش والحوار ستبقى.

ووجه الفنان خالد الهبر التحية الى ثوار كفررمان، ومدّهم بجرعة دعم ثورية مصحوبة بأغنية وطنية.

هكذا عاد حراك النبطية الى الواجهة مجدداً، جمع الثوار في ساحة واحدة، ولكن السؤال هل ستشهد الايام المقبلة تحركات مماثلة أم جاء الحراك “الأحدي” لمدّهم بجرعة دعم لا أكثر.