IMLebanon

الثورة في طرابلس: عصيان مدنيّ نهاراً… هتاف لرحيل السلطة مساءً

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

لا تزال مدينة طرابلس تعيش الثورة الشعبية بكل تفاصيلها منذ 19 يوماً، حتى تحقيق المطالب. وفي اليوم التاسع عشر على الثورة، وفي خطوة من المعتصمين لفرض العصيان المدني في المدينة ومؤسساتها الرسمية والمصارف التي فتحت أبوابها، أغلق عددٌ من المحتجّين مدخل نقابة المهندسين في طرابلس وإغلاق أبواب المصارف وكذلك مركزي المالية وإدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، في محاولة من المعتصمين لفرض العصيان المدني بالكامل وشلّ الحركة، للضغط على السلطة التي تتلكأ في الإستجابة مع مطالب الثوار. إذ لم تبدأ الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة وتشكيلها.

واستمرت المدارس والجامعات والمعاهد بالإقفال في طرابلس وعلى امتداد مناطق الشمال. وأقفلت كل الطرقات العامة في مناطق الشمال صباح أمس لمنع الموظفين والعمال من الوصول إلى أعمالهم. حتى الطرقات الداخلية ضمن القرى والبلدات الشمالية طاولها الإقفال هي الأخرى كما حصل على طريق (الساحل- الجرد) في عكّار. واستمر طريق المحمرة الذي يربط عكار بطرابلس مقفلًا طوال اليوم.

إنه العصيان المدني الذي لفّ كل مناطق الشمال، فمدينة طرابلس بدت خالية تماماً من أي حركة إقتصادية، باستثناء بعض المحال التجارية التي فتحت أبوابها لبيع المواد الغذائية وغيرها من الحاجيات الأساسية. وانسحب الأمر على معظم مناطق الشمال التي استجابت بالكامل لمطالب الثورة والثوار في كل لبنان الداعية “إلى الإقفال العام للمؤسسات وعصيان مدني على كل الأراضي اللبنانية”.

ولدى محاولة الجيش اللبناني صباح الإثنين فتح طريق البحصاص حصل اشتباك مع المعتصمين ما اضطر الجيش إلى إطلاق الأعيرة المطاطية، ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى بينهم أحمد الفوال صاحب فكرة الهجرة الطرابلسية الجماعية إلى كندا. في هذه الأثناء استمر بعض التجار والباعة استغلال الأوضاع القائمة ورفع الأسعار، وبدأ المواطنون يشعرون بالأمر ويعيشونه يومياً مع محاولتهم شراء البضائع والحاجيات.

كتب أحد المواطنين من عكّار على فيسبوك: “كيلو الرز صار بـ 3000 ليرة… كلن يعني كلن وجارنا ومحلو واحد منن”، بينما كتبت ناشطة طرابلسية: “بتعاونية قاديشا الأسعار بعدها متل قبل الثورة… لحقوا حالكن”. هذا مع الإشارة إلى أن بيانات يومية توزع من توقيع ثوار عكار، ثوار الضنية، ثوار طرابلس … لتشرح وتحدد الطرقات التي سيتم إقفالها اعتباراً من صباح اليوم التالي من أجل فرض العصيان المدني في مختلف مناطق الشمال.ساحة النور

وتبقى ساحة النور أو كما يحب الثوار الطرابلسيون تسميتها بساحة الثورة، على تألقها. لقد باتت تستقبل المعتصمين يومياً من مختلف مناطق الشمال (عكار- المنية – الضنية – الكورة – زغرتا – البترون – بشري…) في مشهد وطني منقطع النظير.

وشارك مساء الإثنين وفد موسّع من قطاع التعليم المهني من الأساتذة المتعاقدين وحضروا إلى الساحة “لرفع مطالبهم وتبيان الغبن اللاحق بهم من هذه السلطة الفاشلة” كما أشار المتحدث باسم الوفد.

لا أحد يتخيّل كيف لهذه الساحة التي كان الحائط الحجري عند دوارها، مسرحاً لكل أشكال الصور واليافطات الحزبية والدينية الشاهدة على تنوع الولاءات السياسية في هذه المدينة الفقيرة، أصبحت هي اليوم وبتسعة عشر يوماً فقط ساحة الولاء للوطن لبنان، لا يرفع فيها إلا راية لبنان “العلم الوطني”. إلى ذلك تبقى ليالي الإعتصام في ساحة النور الساحرة بكل المقاييس في عروس الثورة، تثير الدهشة والإعجاب، حيث أن عشرات الآلاف من المواطنين المنتفضين، يتجمّعون كل يوم مساءً ومنذ 19 يوماً، يحملون الأعلام اللبنانية ويهتفون للثورة، مطالبين برحيل السلطة ووقف الهدر والفساد في لبنان.