IMLebanon

ثابتتان في النقاش الحكوميّ: الحريري وحضور “الحزب”

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

 

أن يعود رئيس “الوطني الحر” جبران باسيل ليكون وزيراً في الحكومة الجديدة أو لا يعود، فتلك مسألة لا تتعلق بـ”حزب الله” بقدر ما ترتبط برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. حين عرض الرئيس المستقيل سعد الحريري مسألة عودة باسيل إلى الحكومة من عدمه، وقبل استقالة الحكومة، سأل الحريري “حزب الله”: هل ترضون بحكومة لا يوجد في عداد وزرائها باسيل؟ كان الجواب: “لا تحاول إحراجنا، إسأل رئيس الجمهورية فـ”حزب الله” لا دعوة له بالموضوع”.

لكن ما يهم الحريري السؤال عنه، بعيداً من توزير باسيل أو غيره، هو ما إذا كان “الحزب” سيشارك في الحكومة أم لا؟ وهل سيسميه “الحزب” لرئاسة الحكومة الجديدة أو يسمي شخصية بديلة منه؟ هذه هي المسألة التي لم يحسم “حزب الله” موقفه بشأنها بعد. ويبدو أن “الحزب” يفضل أن يترك موقفه ليعلنه يوم الاستشارت النيابية وليس قبلها، وهو عادة ما يتجنّب حرق أوراقه في انتظار كشف الجميع لأوراقهم.

يتقصد “حزب الله” الغموض في الموقف، رغم كونه أحد أبرز القوى المشاركة في مفاوضات تكليف الرئيس العتيد، بل هو دخل في صلب المشاورات الدائرة. كان موجوداً بقوة خلال لقاء الحريري مع باسيل الذي وضعهم في تفاصيل اللقاء ونقاط البحث، وخلال جلسة وزير المال المستقيل علي حسن خليل مع الحريري أيضاً.

إذاً، من خلال باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري يشارك “حزب الله” في المشاورات، هذا فضلاً عن التواصل القائم مع الحريري ولو من خلال موفدين. لا يوجد ما يحول دون اللقاء المباشر إنما المهم هو الهدف والمفاوضات قائمة والسؤال الجوهري: إلى أين يمكن أن تفضي المفاوضات؟

وخلافاً لكل الأجواء السائدة والتسريبات اليومية والصيغ المطروحة والأحاديث عن لائحة مطالب وشروط، كلها لا تركن وفق مصدر سياسي بارز في قوى الثامن من آذار إلى وقائع موضوعية وثابتة، ذلك أن “العقد الأساسية كثيرة ولا تزال الأمور عند نقطة الصفر”.

يعتبر المصدر أن “لقاء الحريري – باسيل مثّل الحلقة الأولى لكسر الجمود الحكومي رغم كونه لم يفض الى نتائج فعلية. مجموعة أفكار تم عرضها واتفق الرجلان على أن يحمل كل طرف الأفكار التي بحثت ويراجع حلفاءه بشأنها ويعاود النقاش مجدداً”.

بعيداً من كل ما تم تداوله عن هذا اللقاء فإنّ المطّلعين عن قرب جزموا بأن أي أفكار جدية لم تطرح. هي أمور عمومية. وتذهب بعيداً إلى حد القول إن الدقائق الأولى أمضاها الرجلان في الحديث عن حال الطرقات المقطوعة، وما تبقى عتب متبادل، ومأدبة غداء ثم حديث عن أفكار عامة.

لكن كل ما يجري تداوله حول شكل الحكومة المقبلة يبقى خارج السياق الجدي والجوهري للأزمة. ذلك أن هناك ثابتتين في موضوع البحث المتعلق بالحكومة المقبلة أولاهما: هل سيكون الحريري رئيساً في الحكومة؟ والثانية، هل سيكون حزب الله موجوداً فيها؟

“الواضح أن الحريري لا يرغب بوجود أحد غيره على رأس الحكومة، وما يقال ويعلن عن تسمية غيره ليس إلا مجرد مناورة قد لا تقنع كثيرين” بحسب ما يضيف المصدر السياسي البارز في 8 آذار. ومن مصلحة الحريري أن يكون رئيساً للحكومة لاعتبارات عدة “كي لا نقول إنه مجبر على عودة يريدها الأميركيون” الذين يشترطون على أي حكومة مقبلة أن تكون مناصفة بين “8 و14 آذار” بحيث يكون تمثيل “القوات اللبنانية” و”الكتائب” موازياً لحصة “التيار الوطني الحر”، وفق المصدر نفسه.

منذ استقالته كان الحريري يتجه إلى كسر المعادلة السياسية القائمة والتي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية وأفضت إلى تمثيل أكثرية لمصلحة “حزب الله” و”أمل” و”الوطني الحر” وحلفائهم، عكست نفسها داخل مجلس الوزراء.

هناك من لاحظ أن الحراك السياسي للحريري حاول استثمار المطالب المحقة للحراك الشعبي في الساحات للتحرّر من القيود السياسية في أي حكومة مقبلة. يرغب الحريري في إعادة تكوين السلطة السياسية من خلال القول لـ”حزب الله” وحلفائه إن الشارع يتحرك عكس توجهاتكم ويجب التماهي مع مطالبه، بحيث يصار إلى تشكيل حكومة تكنوقراط أو مستقلين أو مقربين للأحزاب، ومثل هذا الطرح يمثل محاولة لإخراج “حزب الله” من الحكومة، لن يوافق عليها الرئيسان عون وبري وهما يعتبران أن أي معادلة حكومية أو سياسية لا يمكن أن تقوم من دون “حزب الله”. وهذا لا يعني أن “الحزب” سيرفض حكماً حكومة التكنوقراط أو أنه قد حدّد موقفه النهائي منها بعد، لكن أي طرح لحكومة من دون “حزب الله” سيضعها في صلب المشروع الأميركي الهادف إلى إخراجه من الحكومة، لا بل من المعادلة السياسية ككل إذا أمكن كي تكتمل خطة محاصرته.

وبالتالي، يرفض “حزب الله” كما حلفاؤه إحداث أي خلل في موازين القوى التي نتجت عن الانتخابات النيابية، والأحاديث المتداولة عن الحكومة والشروط التي يعلن عنها ليست ذات قيمة والأمور بالنسبة إليه مرهونة بخواتيهما.