IMLebanon

ملاحظات نادي قضاة لبنان على اقتراح قانون العفو العام

طرح نادي قضاة لبنان ملاحظاته حول اقتراح قانون العفو العام، المدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعية لمجلس النواب، المزمع عقدها يوم الثلثاء.

وذكر أنه “ورد في الأسباب الموجبة للقانون:

1- أن مبدأ الصفح يشكل وسيلة لتعزيز السلم الأهلي ويساهم في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن.
2- العفو العام إجراء استثنائي وخطير، يتخذ فقط في مراحل مفصلية من تاريخ الشعوب والأوطان، لطي صفحة الماضي، وفي يومنا الراهن، لسنا أمام صفحة يريد الشعب اللبناني طيها، ما يريد الشعب اللبناني طيه، هو زمن الفساد وعدم المحاسبة، زمن ضعف دولة القانون، والتعدي على القضاء والحكم بدوره.
3- أن تجاوز الآثار الناتجة، إما عن صراعات سياسية، وإما عن أزمات ذات طابع اجتماعي أو اقتصادي…يتطلب اتخاذ تدابير استثنائية.
4- اليوم لبنان يعيش ثورة تطالب بالمحاسبة وتطبيق القانون، وبالتالي الصراع الموجود اليوم، هو صراع بين الشعب من جهة، والطبقة السياسية من جهة أخرى، والتدابير المطلوب اتخاذها، تتمثل في مكافحة الفساد، وتكريس ثقافة المساءلة والمحاسبة وتطبيق القوانين والحكم بعقوبات رادعة، والنهوض من الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الوطن، لا ضرب مفهوم المحاسبة وتقويض القوة الرادعة للقوانين من خلال إقرار قانون عفو، لا بل هو وبشكل صريح، وإن كان ظاهره لا يشمل جرائم الفساد، كتبييض الأموال والإثراء غير المشروع وسواها، إلا أنه يشمل هذه الجرائم بتخفيض العقوبة، وهو ما يناقض توجهات الثورة في لبنان ومطالبها، فهو لا ينسجم مع متطلبات المرحلة، ولا تأثير له على معالجة الأزمة الاقتصادية.

وهو في هذا المجال:
– يأتي ليكمل استمرار القضم المبرمج والمستمر للقوة الرادعة للعقوبة خاصة في السنوات الأخرى، لا بل هو ينسف القوة الرادعة للعقوبة بالكامل، وهو يضمن للمعتدي إفلاته من العقاب، فيؤلف حافزا له لتكرار جرائمه، وفي الوقت عينه يضرب عرض الحائط حقوق الضحية والمجتمع في الاقتصاص من مرتكيي الجرائم، ويضعف ثقة العامة بالسلطة العامة المنوط بها حماية المجتمع والفرد معا.
– يشكل محاولة نسف إضافية لاستقلالية السلطة القضائية من خلال محو آثار أحكامها وجهودها الرامية إلى حماية المجتمع، وإضعاف دورها وضرب هيبتها وهيبة القانون في أذهان المجرمين.
– يزيد من منسوب التجرؤ على مخالفة القانون وارتكاب الجرائم، فالمجرمون أضحوا على يقين، ولبنان أقر /12/ قانونا للعفو منذ الاستقلال إلى اليوم، أنهم مهما ارتكبوا من أفعال شنيعة سيأتي قانون العفو ليعفيهم أو يخفض عقوباتهم.
– إن طرح قانون العفو اليوم خلال الثورة، مشابه لطرحه قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان، وتوقيت طرحه في هذا المجال، يدل على الغاية غير المعلنة المأمولة منه، والتي تتمثل في تحقيق مكاسب سياسية عبر استرضاء المخالفين للقانون، الذين تعتبرهم هذه القوى السياسية جزءا من جمهورها، وهو بالتأكيد وكما سلفت الإشارة، لا يهدف الى تصحيح أو تحسين أوضاع اجتماعية أو اقتصادية.
– بالإضافة إلى المآخذ المباشرة على القانون، فإن الظروف الواقعية الأخرى، لا تبرر إقراره لا سيما لناحية:

– أن المشرع اللبناني، قد سبق وخفض السنة السجنية فجعلها تسعة أشهر، بصرف النظر عن كيفية سلوك السجين في السجن، وعما إذا كان مكررا أو معتادا الإجرام، وبصرف النظر عن ماهية جرائمه وخطورتها.
– أن القضاة بشكل عام، وبالنظر للسلطة التقديرية، التي منحها إياهم القانون، وأخذا بعين الاعتبار لواقع المدعى عليهم، يلجأون إلى منح الأخيرين الأسباب التقديرية المخففة للعقوبة، وإلى إدغام العقوبات المحكوم بها عليهم، ولا يعتمدون تشديد العقوبات، مع العلم أن حد العقوبات في قوانين لبنان الجزائية متدن نسبيا، بالمقارنة مع سواه من البلدان.
– قانون العفو يطال أمورا تتعلق بالقضاء العدلي، لا سيما في المادة التاسعة منه التي تعدل شروطا للتمييز، لا بل تمنح للمحكوم عليه إمكانية إعادة تمييز حكم سبق ورد تمييزه شكلا، وبالتالي هذا الأمر يحتاج إلى موافقة مجلس القضاء الأعلى، سندا لنص المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي.
– إن تعليق قانون العفو الاستفادة منه على وجود إسقاط للحق الشخصي يؤدي إلى تمييز في أوضاع الأفراد المشمولين بنص القانون، بحسب وضع كل منهم، لا سيما مقدرته المالية على إرضاء المدعي بالحق الشخصي.
– قلب سلم القواعد المتعارف عليها والمعمول بها، فأصبح شمول العفو هو المبدأ والاستثناء هو ما ورد بشأنه نص يستثنيه”.