IMLebanon

نصف رواتب وإجازات إلزامية للعمال اللبنانيين

كتبت جويل رياشي في صحيفة الأنباء:

تداعيات عدة ترخي بظلالها في الأزمة المفتوحة في لبنان، بعد اندلاع تظاهرات غير مسبوقة في تاريخ البلاد اعتبارا من 17 أكتوبر الماضي «هل سنقبض رواتبنا هذا الشهر (عن نوفمبر)؟ وهل سيصيبنا الحسم؟ وما هي النسبة؟»

أسئلة عدة يطرحها العاملون في القطاع الخاص في ضوء الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ ما قبل اندلاع التظاهرات.

وازدادت الخشية عند العاملين في القطاع الخاص بعد التوقف القسري عن العمل جراء قطع الطرقات، إضافة الى تعثر تحصيل الشركات عائداتها المالية من الأسواق، والشلل الذي أصاب القطاع المصرفي، من فرض قيود على المودعين وإقفال أبواب المصارف وقصر التداول المالي للمودعين عبر ماكينات الصراف الآلي وفق سقوف محددة للسحوبات وبالعملة الوطنية.

وزير الاتصالات السابق جان لوي قرداحي، الذي يرأس مجلس ادارة شركة المقاولات الكبرى العائدة لوالده الراحل لويس قرداحي وتضم شركات فرعية عدة، دق ناقوس الخطر أثناء تقديمه واجب العزاء في منطقة الفنار بقضاء المتن الشمالي.

وتحدث قرداحي أمام عدد من الحضور «عن التفكير جديا بالاقفال، وليس خفض الرواتب»، متناولا التعثر الكبير منذ ما قبل التظاهرات، ووقف المصارف إمداد الشركات بالسيولة وباعتمادات ائتمانية وتسليفات، وأسهب قرداحي في الحديث عن واقع شركته، وعن حالات مماثلة لشركات كبرى.

قبله فجرت موظفة تعمل في شبكة مخابز «بول» العالمية الوضع باعتراضها على خفض راتبها وزملائها بنسبة 40%.

وكذلك حسمت مؤسسات إعلامية عدة من رواتب العاملين لديها بنسب وصلت الى 50%، في حين امتنعت وسائل إعلام اخرى مكتوبة ومسموعة عن تسديد الرواتب واكتفت بمنح سلف مالية ضئيلة.

ما بات محسوما بالنسبة الى دانيال، العائد من الكويت والمقيم في قرية حدودية لبنانية، والملتحق بشركة تتعاطى شؤون العلاقات العامة في العاصمة بيروت، «اننا سننال نصف راتب في نهاية نوفمبر في أحسن الأحوال».

وبين التعثر الاقتصادي والركود الذي تعانيه البلاد ودخولها دوامة التظاهرات وقطع الطرق، جاءت الارتدادات المباشرة على عامة الشعب والعاملين في القطاع الخاص عموما.

ويعود هؤلاء بالذاكرة الى العدوان الإسرائيلي على لبنان (حرب يوليو 2006)، يوم سارعت مجمعات سياحية ومطاعم عدة الى صرف قسم كبير من العاملين لديها، والاكتفاء بتسديد اقل من نصف راتب.

الا ان هؤلاء يتوقفون في المقابل على سابقة في الحياة المالية اللبنانية، عبر الاقفال الطويل للمصارف تحت ذريعة خشية موظفيها على أنفسهم، جراء هجمة المودعين على الصناديق لسحب مدخراتهم، وعدم تلبية حاجاتهم من قبل الفروع.

ويقارنون بين الاقفال الطويل حاليا واستمرار عمل المصارف طوال أيام حرب يوليو 2006، على رغم تعطل حركة السير جراء فقدان الوقود بسبب الحصار البحري الإسرائيلي للموانئ اللبنانية، وقصف الطيران الحربي للجسور التي تربط المناطق اللبنانية ببعضها.

وعلى رغم دعوات عدة وجهتها جمعيات حقوقية عبر منصات رقمية الى الموظفين لرفع الصوت اعتراضا على الحسم من رواتبهم او اعتبار تعطيل العمل من أيام إجازاتهم السنوية، الا ان كثيرين يحاذرون الدخول في نزاع مع مؤسساتهم في ضوء تجارب غير مشجعة مع أجهزة الرقابة في وزارة العمل اللبنانية ومجالس العمل التحكيمية الناظرة في دعاوى الصرف التعسفي وبت التعويضات.

فوق الضائقة المالية التي تمر بها البلاد، يواجه اللبنانيون من ذوي الدخل المحدود تهديدات جدية تطول لقمة عيشهم، وتزيد من حالة البطالة في البلاد. ويعضون على الجرح، آملين اعتبار ما يجري «مرحلة مؤقتة وستمر».