IMLebanon

كرة السلة اللبنانية في زمن الثورة: “إنكشاف المعروف”!

دانيال عبود – 

تعيش كرة السلة اللبنانية، على غرار جميع الرياضات، واقعاً لا خلاف على الإتفاق بأنه صعب وغامض. صحيح انّ الجهات الامنية طلبت عدم إقامة مباريات بحضور الجماهير في الوقت الحالي، إلا انّ ذلك لا يخفي حقيقة انّ الأندية تمنت، بمعظمها، على إتحاد كرة السلة تأجيل الدوري حتى إشعار آخر تفادياً للازمات “الصامتة – المعروفة” التي كانت تعيشها قبل إندلاع الإحتجاجات في 17 تشرين الاول.

المُتابع للامور يدرك تماماً انّ أحداث 17 تشرين الاول لم تكن السبب الرئيسي، إنما القشة التي قصمت ظهر البعير واظهرت “عجز” الاندية – ولكي نكون منصفين مع بعض الإستثناءات كون بعض الاندية كانت تعيش واقعا مقبولا كبيروت والشانفيل والرياضي بدرجة اقل.

وبناء على ما تقدم، أي واقع ينتظر كرة السلة في المستقبل القريب والبعيد في ضوء الصعوبات والتحديات والتي يمكن تلخيصها بالتالي:

  • الدعم السياسي: نالت اندية كرة السلة على مدار سنوات وتحديدا بين العامين 2007 و2015 دعما سياسيا – ماديا بملايين الدولارات من قبل احزاب وشخصيات سياسية ومرشّحين محتملين ، فعاشت اللعبة إنتعاشا “غير دائم” تُرجم بإرتفاع اسعار اللاعبين المحليين والاجانب والمدربين، وتطوّر مستوى الدوري. هذه المرحلة تلت مرحلة أنطوان الشويري الذهبية التي أسّس لمنتج إسمه كرة السلة استفاد من “كرم” الشويري وسعيه لبناء إمبراطورية إسمها نادي الحكمة..وكرة سلة.
  • الدعم الرسمي – الرعائي: الى جانب الدعم السياسي، وفّرت شركات تابعة للدولة دعما وسندا للاندية من شركات إتصالات على وجه الخصوص وغيرها، إلا انّ الأزمة الإقتصادية الاخيرة وضعت هذا الدعم في دائرة الشكوك، مع إتجاه عام للتقشف وتخفيض النفقات. فاستفادت اندية عدة من دعم شركات إتصالات كتاتش وألفا وأوجيرو، وهو ما استدعى تحرّكا سريعا من رئيس الإتحاد أكرم حلبي في المؤتمر الشهير الذي دعا فيه حينها لعدم “ذبح كرة السلة والرياضة” لا سيما انّ هذا القرار سيضرّ بمنتخب لبنان على حدّ سواء.

 

هاتان النقطتان الاساسيتان كانتا سببا واضحا في السنوات الاخيرة “بإفلاس مبطن للاندية” التي اضطرت في احيان كثيرة الى مواجهة سلسلة دعاوى لدى الإتحاد الدولي لكرة السلة، فحلّ لبنان مركزاً متقدماً، بين اكثر الدول التي تملك دعاوى في محكمة الـ BAT بعد ان عجزت الاندية عن تأمين إيرادات لمواجهة حجم نفقاتها المرتفعة من رواتب ضخمة للاعبين. عاشت الاندية حالة إنكار، فكانت تدخل البطولة من دون موازنة واضحة، ومع ذلك عمدت الى بناء فرق تكلّف مئات آلاف دولارات من دون وجهة واضحة لناحية قدرتها على تأمين هذه الاموال في نهاية المطاف.. الى ان اندلعت الإحتجاجات في 17 تشرين الثاني، فتبيّن واضحا انّ هذه الاندية بحاجة للخروج بسرعة من إلتزاماتها. في حالات كهذه، من الصعب تحميل المسؤوليات، فالوضع الإقتصادي والمادي منهار، وسوق الإعلانات ضعيف، فكان غريبا على سبيل المثال لا الحصر، خلو ملعب نادي الحكمة (من اكثر الاندية ذات قدرات تسويقية) من اي إعلان خلال بداية الموسم.

لن تكون كرة السلة بعد 17 تشرين كما قبلها، فالمرحلة المقبلة تحتاج الى إدارة جديدة وتضحيات لن تكون سهلة، فعصر تدفق المال انتهى حتى إشعار آخر… مع ضرورة لإعادة هيكلة اللعبة وتحديد مرحلة إنتقالية ريثما يستعيد الإقتصاد عافيته. كذلك، فمن الصعب رمي المسؤوليات في ظل وضع صعب على مستوى البلد ككل، فلا يمكن فصل واقع اللعبة عن الواقع العام، إلا انّ ذلك لا يعفي ايضا حقيقة وجود خلل بنيوي قديم – جديد، يحتاج الى عناية وتدقيق، فزمن المال السياسي انتهى … واصبح لازما بناء ثقافة سلوية جديدة وعصرية لن تكون بهذه السهولة لكنها ستكون مطلوبة بإلحاح للخروج من الازمة.