IMLebanon

“التيار البرتقالي” و”الجنّة” الحكومية… و”الإبعاد المستحيل”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

لم يكن دخول “التيار الوطني الحرّ” إلى الحكومة عادياً، إذ إنه حظِي منذ دخوله الأول إلى “الجنّة الحكوميّة” بحصة وازنة ودسمة جعلته يتفوّق على بقية الكتل السياسية من حيث حجم المشاركة.

رفَع تكتل “الإصلاح التغيير” (لبنان القوي حالياً) شعار المشاركة الحقيقية في الحكم واستعادة حقوق المسيحيين، واستفاد من دعم “حزب الله” المُطلق له ودخل إلى الحكومات بعضلات وزاريّة كبيرة.

اليوم وبعد طرح حكومة تكنوقراط، سيعني هذا الأمر حكماً إخراج كل الأحزاب السياسية منها ومن ضمنها تكتل “لبنان القوي” الممثّل بـ11 وزيراً في آخر حكومة.

كان الدخول الأول للتيار “البرتقالي” وتكتله في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية العام 2008 بعد أحداث 7 أيار والذهاب إلى “إتفاق الدوحة”، وقتها تمثّل بخمسة وزراء هم: جبران باسيل للاتصالات، ماريو عون للشؤون الإجتماعية، عصام أبو جمرا نائب رئيس الوزراء، الياس سكاف للزراعة، آلان طابوريان للطاقة والمياه.

المشاركة الثانية لـ”التيار” كانت في حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى التي تألّفت بعد الإنتخابات النيابية وحصل “التكتل” فيها على 5 وزراء، وانتقل باسيل من الإتصالات إلى الطاقة والمياه، وشغل فادي عبود السياحة، شربل نحاس الاتصالات، إبراهيم دده يان الصناعة، وأخذ تيار “المردة” الذي كان ضمن تكتل “الإصلاح والتغيير” وزارة دولة للوزير يوسف سعادة.

أما الدخول الأقوى لـ”التيار الوطني الحر” وتكتله فكان خلال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كانت حكومة اللون الواحد وحصل فيها على 11 وزيراً، فبقي باسيل في الطاقة، وتوزعت الحقائب على “الإصلاح والتغيير” كالآتي: شكيب قرطباوي للعدل، عبود للسياحة، سليم كرم وزير دولة، فايز غصن للدفاع، غابي ليون للثقافة، شربل نحاس استقال في 23 شباط 2012 وعين مكانه سليم جريصاتي للعمل، نقولا صحناوي للاتصالات، فريج صابونجيان للصناعة، بانوس مانجيان وزير دولة، مروان خير الدين وزير دولة.

وعاد تكتل “الإصلاح والتغيير” إلى حجمه العادي في حكومة الرئيس تمام سلام، وحصل على 4 وزراء، وعيّن باسيل وزيراً للخارجية والمغتربين، روني عريجي للثقافة، الياس بوصعب للتربية والتعليم العالي، أرثور نزاريان للطاقة والمياه.

وبعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية غادر تيار “المردة” تكتل “الإصلاح والتغيير”، لكن نفوذ “التيار” إرتفع خصوصاً أنه تم الفصل بين حصة عون وحصة “التيار”، علماً ان الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية كانوا يشاركون في إجتماعات تكتل “التغيير والإصلاح” لذلك لا يمكن فصلهم عن بعضهم البعض.

وفي حكومة العهد الأولى حصل “التكتل” والرئيس على 10 وزراء، وعاد باسيل وزيراً للخارجية، وعيّن يعقوب الصرّاف وزيراً للدفاع الوطني، وتوزعت الوزارات كالآتي: وزير العدل سليم جريصاتي، وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل، وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، وزير المهجرين طلال أرسلان، وزير السياحة أواديس كيدانيان، وزير البيئة طارق الخطيب، وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، وزير دولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني.

أما في حكومة العهد الثانية فحصل تكتل “لبنان القوي” ورئيس الجمهورية على 11 وزيراً هم: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب، وزير العدل البير سرحان، وزير الطاقة والمياه ندى بستاني، وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، وزير دولة لشؤون المهجرين غسان عطالله، وزير السياحة أواديس كيدانيان، وزير البيئة فادي جريصاتي، وزير دولة لشؤون النازحين صالح الغريب، وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، وزير دولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد.

وفي عملية حسابية، فقد احتل “التيار” 46 مقعداً وزارياً خلال 11 عاماً وفي 7 حكومات متواصلة، وهذا الرقم هو الأكبر بين الكتل المسيحية وحتى بين بقية الكتل، إذ إن مشاركة “القوات” إقتصرت على11 وزيراً منذ العام 2008، في حين تمثل حزب “الكتائب” بخمسة وزراء.

وهنا تُطرح علامة إستفهام كبيرة حول قبول “التيار” بالخروج من “جنّة” الحكم والتسليم بحكومة تكنوقراط، بعدما احتل المرتبة الأولى مسيحياً من حيث حجم الوزراء من دون منافس بفارق 35 وزيراً عن ثاني أقرب حزب منافس وهو “القوات اللبنانية”.

لا يُنكر “التيار الوطني الحرّ” أنه احتل العدد الأكبر من المقاعد الوزارية، لكن مصادره تؤكّد لـ”نداء الوطن” أنه عكس ما يروّج البعض فإنه “غير متمسّك بالدخول إلى الحكومة الجديدة، فهو يؤيّد حكومة إختصاصيين تُرضي الحراك الشعبي وتوافق عليها الكتل السياسية لأنها ستنال ثقة البرلمان، في حين أن الثنائي الشيعي هو المتمسّك بحكومة تكنو- سياسية وليس التيار”.

وتشدّد المصادر على أن “كل الإنتقادات التي توجّه لـ”التيار” ليست في مكانها، فعندما إستلمنا وزارة الطاقة وضعنا خطة لتحسين التغذية وقرر الجميع الإتيان بالبواخر لتوليد الكهرباء، لكن كارثة النزوح زادت الطلب على الكهرباء، علماً أن تأمين الكهرباء لا يقع على عاتق الوزير المختص بل إنها مسؤولية الحكومة كلها”.

ومن جهة أخرى، تشير المصادر إلى أن كلاً من الوزيرين باسيل وصحناوي كشفا عندما تولّيا وزارة الإتصالات عن هدر يوازي 950 مليون دولار لكن الملف لا يزال نائماً في أدراج القضاء. وتؤكد أن “الأزمة الحكومية والسياسية لا تُحلّ إلا بالتوافق، لكن قرار الرئيس الحريري ليس معه وهو متردّد وبالتالي بات من الواجب حسم الأمور لأن وضع البلد لم يعد يحتمل”.

وتختم المصادر بالقول: “التيار ليس المعرقل كما يروّج البعض، فهو يسعى إلى حل المأزق الذي تغرق فيه البلاد، في حين أن القضاء يجب ان يلعب دوراً في المرحلة المقبلة لأنه الطريق الأسلم لمكافحة الفساد”.