IMLebanon

شبح الأزمة الاقتصادية يُخيّم على النبطية… العودة للأرض

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

تحولت الضائقة المعيشية إلى حديث يومي لأبناء النبطية، خصوصاً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية. فعدد من المغتربين فضل بناء القصور الفارهة على المصانع المنتجة، وعاد المواطنون إلى الأراضي، بدعوة من البلديات التي دقت ناقوس الخطر وأعلنت خطة طوارئ زراعية لمواجهة الأزمة الاقتصادية، حثت خلالها المواطنين للعودة إلى الارض وزرع الحبوب والخضر تحسباً للأسوأ، لكن الحل بالنسبة إلى الثوّار هو الصراخ في الساحات.

في الفرن تتعرف على معاناة الناس، على مواطن لم يعد قادراً على شراء منقوشة، وآخر يتخبط من قلة الحال. هناك تسمع ما يقلق المواطنين من توسّع الأزمة، فيقول أحدهم: “شو بعد ناطرنا؟”. فالغلاء ليس سهلاً على مواطنين لا يتعدى راتبهم الـ 600 أو 700 ألف ليرة شهرياً، فماذا عن الذين يتلقون راتباً يومياً 30 ألف ليرة؟ أكثر الناس معاناة أولئك الذين يعملون “باليومية”، يهندسون واقعهم المالي باليوم، ملامح البؤس تخرج من عيونهم الحزينة، ووجع المستقبل بدأ يرسم قلقاً على يومياتهم المعلقة “ببورصة الدولار”.

يحاول عبد أن يدوّر حياته كما يدوّر المنقوشة، لا ينجح، “فكل ما يحيط بنا مأزوم، حتى المنقوشة نفسها”، كان يطمح بتأسيس عائلة، وعمل “ولكن وقع المحظور، فهشاشة الوضع المزري غيّرت كل خريطة احلامنا، فخرج إلى الساحات يعوّل عليها لإصلاح ما افسدته الأحوال”.

تراجع واقع الحال في قرى النبطية، دبت الصرخة في كل القطاعات، لم يسلم أحد من الأزمة الاقتصادية، حتى جامع الخردة نفسه، فالخطر دهم الساحات كلها. غالبية البلديات: زوطر الشرقية، عيناثا وكفرصير، طرحت خطة زراعية لمواجهة الازمة الاقتصادية، ما يؤكد أننا اقتربنا من زمن القحط، تقول زينب وهي ربة منزل: “حتماً سنلجأ إلى الأرض، فكل السلع اليوم ارتفعت أسعارها بين الـ60 والـ70 بالمئة، ما يعني ان من يتقاضى 700 الف ليرة لن يتمكن من السير بحياته اكثر من يومين في ظل الفواتير والضرائب والغلاء، وهذا يتحمل تبعاته كل من حكم هذا الوطن”.

يقول فراس وهو صاحب محل سمانة: “لم أعد قادراً على شراء السلع، لأن فرق الدولار كسر ضهرنا وجيبتنا معاً، فكل شيء ارتفع سعره: الغاز، الطحين، المونة، الدجاج، إلا اللبناني ما إلو قيمة”.

لم يشهد الجنوب كما لبنان خطة اقتصادية تنموية رائدة، لم يُشجع على الاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية، بل اُفرغت القرى من كل مقومات الصمود الاقتصادي، حتى دخلت الحرب من دون أن يمتلك المواطن أسلحة لمواجهتها، يقول المزارع احمد الذي عاد قبل سنتين إلى الارض لأنه اعتبرها متنفسه من البطالة: “حركة البيع صفر، فالناس ما معها تاكل، والازمة لفت اعناق الناس من دون أن تترك لها مجالاً للهرب، والدعوة إلى العودة للأرض ناجحة لكنها أتت متأخرة، فالزراعة بترول لبنان الثابت ولكننا اهملناها، وفضلنا المستورد على البلدي، حتى هجمت علينا الأمراض من كل الجهات”.

وتزامناً مع المعاناة الاقتصادية، كانت النبطية تستعد للمواجهة مجدداً في قضية العميل عامر الفاخوري الذي سيمثل أمام قاضي التحقيق بلال وزني لاستجوابه، ويستعد الأسرى المحررون وحراك النبطية وكفررمان للاعتصام أمام قصر عدل النبطية، للضغط باتجاه إنزال أشد العقوبة بحقه.

الى ذلك كانت ساحات الحراك تشهد حلقات نقاش بين الشباب، لم تخرج عن حدودها السلمية، ولكنها تتحضر للاحتفال بالاستقلال على طريقتها. يريدون الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، نريد وطناً يستفيد من أبنائه، وليس وطناً سرق زعماؤه خيراته، وترك الشباب للمجهول.