IMLebanon

الثوار يتصدّون للسلطة: نرجع إلى منازلنا بالتوابيت فقط

لم يكن ينقص الثوّار في بلاد الرافدين بطش حكومتهم الفاشلة والمأزومة، إلّا ثلاثة تفجيرات متزامنة تقريباً نجمت عن دراجتَيْن ناريّتَيْن مفخّختَيْن وعبوة ناسفة، دوّت بالأمس في أحياء البياع والبلديات والشعب في بغداد، وتسبّبت بمقتل أكثر من 6 أشخاص وجرح 15 آخرين، في وقت قُتِلَ فيه متظاهران في كربلاء ووسط بغداد، الذي بات يشهد أعمال عنف بشكل شبه يومي، بينما تصاعدت أعمدة دخان أسود كثيف في مدن جنوب العراق، إثر إحراق المحتجّين إطارات بهدف إغلاق طرق رئيسيّة وجسور.

وفي وسط سحابة من الغاز المسيّل للدموع، وبينما كان يُحاول حماية نفسه، “سقط متظاهر قتيلاً إثر إصابته بطلق مطاطي في الرأس”، بحسب ما ذكر مصدر طبي، موضحاً أن المسعفين نقلوا 18 متظاهراً آخرين أصيبوا بالغاز والرصاص المطاطي عند جسر الأحرار في العاصمة. وعند هذا الجسر القريب من “ساحة التحرير”، مركز التظاهر الرئيسي، باتت مشاهد المواجهات العنيفة يوميّة.

وتُطلق قوّات الأمن النار في بعض الأحيان بالذخيرة الحيّة، ويردّ الثوّار الذين يرتدون خوذاً ويُغطّون وجوههم بشالات رقيقة برمي قناني المولوتوف والحجارة. وفي خضمّ الفوضى، يُجدّد المتظاهرون التأكيد على مواصلة تحرّكهم لإسقاط النظام الفاسد، وقال أحدهم لوكالة “فرانس برس”: “سنرجع إلى منازلنا بالتوابيت فقط”، فيما قال شاب آخر كان يحمل على كتفه العلم العراقي: “ليس لديّ عمل ولا مال، لذا أنا باق هنا في كلّ الأحوال”، مضيفاً: “بلا عمل وبلا راتب لن أكون قادراً على الزواج، لذا ليس لديّ عائلة ولا منزل”.

وتحصل أعمال عنف شبه يوميّة خلال التظاهرات المناهضة للحكومة المدعومة من إيران خلال الليل خصوصاً، عندما تُحاول شرطة مكافحة الشغب فضّ الاعتصامات وتفريق التظاهرات في “ساحات الثورة” باستخدام القوّة المفرطة، هذا فضلاً عن إحراقها لخيام المتظاهرين. ففي الحلّة جنوب بغداد، حيث يتجمّع المتظاهرون في الشوارع المقابلة لمبنى مجلس المحافظة بشكل يومي في اعتصام سلمي، بينما تستمرّ المدارس في إغلاق أبوابها، تبدّل المشهد ليُصبح عنيفاً مساء الإثنين، عندما حاولت قوّات الأمن للمرّة الأولى تفريق الاعتصام، فأطلقت قنابل الغاز المسيّل للدموع على المتظاهرين، ما أدّى إلى إصابة حوالى 60 شخصاً بجروح.

وفي الديوانيّة جنوباً، تمكّن المتظاهرون من إغلاق معظم الدوائر الحكوميّة والمدارس العامة خلال الشهر الماضي، فيما قاموا ليل أمس الأوّل بإغلاق الجسور الرئيسيّة وإحدى محطّات الطاقة الثلاث في المحافظة، كما أحرقوا إطارات على طول الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة النجف من الغرب، والسماوة إلى الجنوب، وفشلت شرطة مكافحة الشغب في إقناعهم بإنهاء اعتصامهم.

أمّا في كربلاء، المدينة المقدّسة لدى الشيعة، فقد قُتِلَ شخص بعدما تحوّلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة إلى أعمال عنف في المدينة. وأفاد شهود عيان بأنّ شرطة مكافحة الشغب تُطلق العيارات الحيّة في الهواء وعلى المتظاهرين مباشرةً. وأصبحت المناوشات الليليّة روتينيّة في المدينة.

وفي ذي قار (جنوب)، التي تضمّ ثلاثة حقول نفط مركزيّة في الغراف والناصريّة وصوبة، تُنتج مجتمعة حوالى 200 ألف برميل من بين 3.6 ملايين برميل في اليوم على مستوى العراق، أسفرت الصدامات ليلاً عن إصابة 13 من رجال الشرطة المسؤولين عن حماية الميدان.

ديبلوماسيّاً، اعتبر مساعد وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن “الوضع في العراق رهيب وفظيع في ظلّ استخدام القوّة بشكل مفرط”، مؤكّداً أن واشنطن “تُواصل تحقيقاتها في شأن تحديد المسؤولين عن أعمال العنف والفظائع التي تُرتكب في العراق، وستفرض عقوبات عليهم قريباً”.