IMLebanon

ما موقف السنيورة إذا عُرضت عليه رئاسة الحكومة؟

أوضح رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن “منذ اتفاق الدوحة الذي حصل بعد اجتياح “حزب الله” مدينة بيروت، فقد لجأت الأحزاب اللبنانية إلى اعتماد أسلوب جديد في إدارة الحكم في لبنان وهو أسلوب الحكومات الائتلافية. هذا النوع من الحكومات هو ظاهرة موجودة في الأنظمة الديمقراطية في العالم. ولكنها ظاهرة استثنائية في النظام الديمقراطي. وهي يتم اللجوء إليها في ظروف استثنائية وعندما تواجه الدولة مأزقا معينا (مشكلات كبيرة، حروب، وباء، فيضان). مشكلات من هذا القبيل، عندها يصار الى اللجوء لتأليف الحكومات الائتلافية وبالتالي تجتمع غالبية الأحزاب الأساسية في حكومة واحدة. وهي حكومة موقتة لتعالج مشكلة محددة ولتستقيل بعدها. وعند ذلك تعود الأمور إلى طبيعتها أي إلى ما ينبغي ان تكون عليه الحكومات في النظام الديمقراطي، وذلك بأن تكون هناك أكثرية تحكم وأقلية تعارض”.

ورأى السنيورة، في حوار مع جريدة “الدستور” المصرية، أن “هناك حاجة حقيقية إلى حكومة من اختصاصيين مستقلين نزيهين في علاقاتهم مع الدولة ومع المواطنين وهؤلاء كثيرون. وبالتالي فإن القيام بتأليف مثل هذه الحكومة المؤلفة من الاختصاصيين المستقلين هي حالة استثنائية مثلها مثل الحكومات الائتلافية التي هي أيضا حالة استثنائية”.

وأضاف: “إن “حزب الله” لم يقدم المثل الصالح بأدائه خلال السنوات الماضية على انه يحترم الصيغ التي يتم التوافق عليها، وذلك كما جرى في حكومات الائتلاف الوطني. فلقد تم التوافق بين الجميع في تلك الحكومات السابقة على احترام صيغة النأي بالنفس عن الخلافات العربية. كذلك كان قد صدر إعلان بعبدا في إحدى جلسات الحوار التي دعا إليها رئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان وتم التوافق ما بين الجميع بمن فيهم “حزب الله” إصدار إعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان عن تلك الصراعات. لقد كان “حزب الله” أول من تنكر لذلك الإعلان ولتلك الصيغة. برأيي انه ينبغي على “حزب الله” العودة إلى احترام تلك القواعد. وباعتقادي أنه بناء على ذلك لربما يمكن التقدم على مسارات إعادة جسور الثقة مع الفرقاء كافة”.

وردا على سؤال حول موقف الرئيس سعد الحريري مما يجري الآن في لبنان، أجاب السنيورة: “الرئيس الحريري وبعد محاولات عديدة قام بها من أجل اقناع جميع الأطراف المعنيين بأن الوسيلة الوحيدة للخروج من هذه المآزق والمشكلات المتراكمة والمتفاقمة هي في الإقرار أولا بوجودها في لبنان. وبالتالي العمل على التجاوب مع مطالب شباب وشابات الانتفاضة الشعبية. إلا أنه وعلى ما يبدو ليس هناك من نية حقيقية حتى الآن لدى المعنيين في التجاوب مع مطالب أهل الانتفاضة. كذلك لا يبدو أن هناك استعدادا لسلوك الطريق الذي يؤدي الى القيام بالإصلاحات الحقيقية التي كان وما يزال يحتاجها لبنان. وبرأيي أن طريق الإصلاح هي الطريق الوحيدة التي تأخذ لبنان واللبنانيين نحو استعادة الثقة ما بين المواطنين اللبنانيين وبين دولتهم، وبينهم وبين المجتمع السياسي في لبنان. فالشباب والشابات من أهل الانتفاضة يطالبون بحكومة يكون أعضاؤها من غير الحزبيين. وبرأيي أن هذا الشرط يجب أن لا يسري على رئيس الحكومة العتيدة الذي ينبغي ان يكون سياسيا له تجربة في الحكم وفي العمل السياسي. والسبب في ذلك يعود لطبيعة الحكم في لبنان الذي ليس نظاما رئاسيا بل هو نظام ديموقراطي برلماني”.

وتابع: “في حقيقة الأمر، لقد أصبح واضحا أن هناك استعصاء وإصرار على أن تكون الحكومة العتيدة حكومة تكنوسياسية. وكذلك إصرار على حشر بعض الأسماء من السياسيين في الحكومة الجديدة. إلى جانب ذلك، عدد آخر من القيود والعراقيل التي لا تأتلف مع ما يشدد عليه أهل الانتفاضة من الشباب ولا تتلاءم مع دقة وحراجة الحالة التي أصبحنا عليها في لبنان. المشكلة أن الإصرار على تلك الشروط مستمر بالرغم من كل المحاولات التي بذلها الرئيس الحريري من أجل إقناع جميع المعنيين ابتداء من فخامة الرئيس، وكذلك مع قادة الأحزاب بأن تأليف الحكومة الجديدة يكون أعضاؤها من الاختصاصيين المستقلين هو الطريق الصحيح الذي يؤدي الى الإخراج التدريجي للبنان من الأزمة الخطيرة التي تعصف به”.

وأردف قائلا: “لذلك، وفي خضم تلك الشروط والاستعصاءات وجد الحريري نفسه في وضع غير قابل للمعالجة. ذلك ما دفعه إلى العزوف عن قبول اي تكليف. وبالتالي فقد أبدى الحريري أنه ليس مستعدا لأن يصار إلى تسميته وبالتالي تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة. لذلك، فإني أرى أن ما وصلت إليه الأمور الآن يدخلنا في نفق مشكلات جديدة في لبنان”.

وعن قبوله رئاسة الحكومة اذا عرضت عليه، قال: “بالنسبة لي، هذا أمر طويته، وأنا أرشح الرئيس الحريري. وهو قد اعتذر. والآن علينا ان ننتظر لنرى ماذا سيقول النواب. لأن لهم وحدهم الصلاحية حسب الدستور في ان يسموا من يقترحونه لتولي هذه المسؤولية. علينا ان نعود الى الكتاب الذي هو الدستور الذي ينظم علاقات الناس والدول فيما خص علاقاتها مع شعوبها. هذا ما ينبغي ان يقوم به رئيس الجمهورية وهو الذي تلكأ حتى الآن عن القيام بذلك وهو يخالف الدستور ويعمد الى محاولة اضاعة الوقت في هذا الشأن من أجل ان يصل الى تركيبة حسب ما يراها هو وهذا ما لا يتيحه له الدستور القيام به. بل عليه ان يبادر الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة وأن يقوم بها ويحترم نتائجها. وهذا الامر يتوجب على فخامة الرئيس أن يقوم به الآن. لبنان أحوج ما يكون الآن إلى هذا الدور الذي ينص عليه الدستور لما يستطيع ويجب ان يقوم به فخامة رئيس الجمهورية. هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وهو فوق كل السلطات وعليه ان يتصرف بهذا الشكل. ما نتمناه ان يكون الجميع قد استوعبوا هذه الدروس الهامة والخطيرة الآن وهذا ما نتمناه”.