IMLebanon

الحريري لن يقود “التايتنك”

كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:

مع استمرار سير البلد ومصيره بإتجاه المجهول، تتعدد السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة يوماً بعد آخر مع تضاؤل الايجابيات، لا سيما في ظل عدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون النواب حتى الساعة للاستشارات النيابية الملزمة بعد ان كان الحديث عن اجرائها هذا الأسبوع.

وإزاء تكرار إطلاق عدد من أسماء الشخصيات السنية لتولي منصب رئاسة الحكومة، ورغم البيان الواضح الذي أصدره الرئيس سعد الحريري حول موقفه من اعادة تسميته، فإن الخيار الأكثر منطقية يبقى، بحسب مصادر سياسية، عودة الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة. من هنا، ترى مصادر قيادية في تيار «المستقبل»، انه في حال جرت الاستشارات النيابية وتم اختيار الحريري كرئيس للحكومة، عندها سيشكل حكومة بطريقة تناسب قناعته وقناعة الناس وتناسب المرحلة المقبلة. وتشدد المصادر على أنه من المفروض ان تكون الحكومة من أصحاب الاختصاص في مختلف المجالات، وغير مصبوغة بصبغة حزبية، رافضة اجراء اتفاقات مسبقة لاقتراح اسماء معينة.

وتعتبر المصادر «انه ليس صحيحاً أن الحريري يرفع شروطه ليحسن وضعه»، ولكن حسب المصادر فإن خبرته على مدى الاسابيع والسنوات الماضية، بالنسبة الى حكومات الوحدة الوطنية كما تسمى، تبين له انها مجرد حكومات تعطيل. وتشير المصادر الى ان الرئيس الحريري اتخذ خياره، معتبرة ان «كل المناورات لم تعد تنفع، والحكومة الوحيدة التي يمكن ان يتم السير بها هي حكومة تضم وجوه مستقلة من اختصاصيين الذين من المفترض ان يكونوا بعيدين كل البعد عن تأثيرات الاحزاب السياسية التقليدية عليهم، سواء ترأسها هو أو غيره من الشخصيات السنية».

وتؤكد المصادر بأن «الحريري لم يطرح سوى اسمي السفير نواف سلام وسمير حمود لتولي منصب رئاسة الحكومة، باعتبارهما غير استفزازيين، وليسا محسوبين على خط سياسي معين»، وتعتبر ان «كل الأسماء الأخرى التي طرحت هي محاولة لدغدغة شعور الحريري»، وترى المصادر المستقبلية ان «مجرد لقاء الوزير جبران باسيل مع أي اسم مقترح سيسقط بشكل مباشر باعتبار أن باسيل هو الشخصية الاستفزازية الاولى للناس، وهذا الامر يؤدي حكماً الى سقوط الاسم تلو الاخر».

وتعتبر المصادر أن «ما يريده أهل الحكم هو عودة الحريري ليكون نوعاً من المتراس داخلياً لمواجهة الناس على المستوى المذهبي، ودولياً بإعتباره شخصية تستطيع التواصل مع المجتمع الدولي».

وعن امكانية تشكيل حكومة من لون واحد، تؤكد المصادر ان «حزب الله» بالذات بغض النظر عن فريق رئيس الجمهورية وعلى رأسه باسيل، يعتبر ان دفعه لتأليف حكومة من لون واحد هو جزء من المؤامرة عليه، لان ما كان يصح في عام 2011 أصبح اليوم انتحاراً، خاصة وأن الحزب يعلم ان المجتمع الدولي لا سيما الأميركي، إذا كان لديه تحفظات على وجوده في أي حكومة، فكيف اذا كان الحزب هو من يسيطر عليها؟ لذلك تكشف المصادر ان «حزب الله» يتحاشى تشكيل حكومة اللون الواحد بل هذا الخيار، بالنسبة إليه، مستبعد.

أما خيار الحكومة المختلطة فالمشكلة فيها هي في التفاصيل، كما ترى المصادر لأنه عندما تريد الاتيان بوجوه معينة في الحكومة المختلطة حتى لو كان هناك اربعة وزراء سياسيين من اصل 20 او 22 وزيرا، فان المشكلة ستكون باسماء الاختصاصيين والمقترحين من قبل الاحزاب والتيارات، وتعطي المصادر مثالا على ذلك الوزيرة ندى بستاني والتي رغم اعتبارها من الوزراء الاختصاصيين فمرجعها الاول والاخير هو التيار الوطني وباسيل تحديدا، لذلك تعتبر المصادر ان الوزراء الاختصاصيين يجب ان لا يكونوا ينتمون الى اي حزب او تيار سياسي.

وترى المصادر ان السياسة الانتحارية التي مورست من قبل الزعيم الأول للتيار الوطني الحر عام 1989 تتكرر سياسياً الان على يد باسيل.

وتعتبر ان «الكرة اليوم اصبحت في ملعب رئيس الجمهورية، لا سيما وان موقف «تيار المستقبل» واضح وضوح الشمس، وذلك من خلال البيان الاخير، داعية القوى السياسية المستمرة في ادارة السلطة إلى حسم خياراتها».

اما مصادر حزب «القوات اللبنانية» فتعتبر لـ«اللواء» ان «ما يطرحه ويشترطه الرئيس الحريري واقعي، لانه يعتبر ان المرحلة الراهنة غير مسبوقة منذ انشاء لبنان الكبير 1920 وتستدعي حكومة اختصاصيين، لذلك  فان الحريري يتحدث عن المرحلة المالية والاقتصادية، وليس السياسية التي تستدعي تشكيل مثل هكذا حكومة تكون على قدر تطلعات اللبنانيين  الموجودين في الشارع والرافضين لكل القوى السياسية، وهو اعتبر نفسه من ضمن القوى السياسية المرفوضة». في الوقت نفسه فان الرئيس الحريري يعتبر، وحسب المصادر، ان «الثقة هي الاساس داخلياً وخارجياً  من اجل الحصول على مساعدات ودعم لضخها في الجسم الاقتصادي اللبناني لاعادة انعاشه ووقف انهياره وتراكمه».

اما الطرف الآخر، حسب المصادر، فهو «يريد أن يشكل الرئيس الحريري حكومة بشروطه، بينما الحريري واضح بأنه لا يريد تأليف حكومة بشروط احد لكي لا يكون مصيرها الانهيار والفشل، والواقع الاقتصادي لا يمكن ان ينهض في ظل الطابع السياسي نفسه حتى لو اختلفت الاسماء وضمت شخصيات غير استفزازية، باعتبار ان هذه القوى فشلت في اخراج لبنان من أزمته»، مشيرة الى أن «المرحلة الاستثنائية الوطنية يجب مواجهتها بشكل استثنائي، ولا يمكن الخروج من الأزمة الا وفق خارطة طريق. لذلك فالرئيس الحريري لا يريد قيادة سفينة «التايتنك» وهو يعلم ان مصيرها الغرق الحتمي».

وتشدد المصادر القواتية على انه في حال لم يتم الاخذ بما يطالب به الرئيس الحريري وايضاً حزب «القوات»  فإنه من المتوقع ان يذهب لبنان الى مزيد من الانهيار، رغم اننا الان في صلب الانهيار، والوصول الى مرحلة لا يمكن ضبط الشارع  نتيجة الواقع الصعب والدقيق وانعدام فرص العمل، داعية إلى وجوب الاسراع بتشكيل حكومة انقاذية.