IMLebanon

النبطية: “كلنا لبعض”… مبادرة إنسانية لمواجهة الجوع والصقيع

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

 

إحتلت الاوضاع المعيشية ساحة “حراك النبطية”، فالفقر طرق كل الأبواب، وباتت الشريحة الكبرى من اللبنانيين تعيش “القلّة”، بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية وانتشار البطالة واقفال العديد من الشركات والمؤسسات والمصالح أبوابها. كلها عناصر سيطرت على “حراك النبطية”، الذي اطلق مبادرة “كلنا لبعض” انطلاقاً من قاعدة “الانسان أخ الانسان”.

تنطلق المبادرة من تشجيع الناس على التبرّع بالملابس والأغطية لتوزيعها على الفقراء. وقد تحرك مالك وريم باتجاه جمع التبرعات من الملابس والأغطية، لمدّ الفقراء بجرعة “دفا”، لا سيما في ظل موجة الصقيع التي تضرب المنطقة.

فرضت الأوضاع نفسها على ساحة “حراك النبطية”، كما على كل بلدات المنطقة. فالأزمة ضربت الطبقة المتوسطة، وفاقمت حالة الفقر التي لامست الـ80 بالمئة، ووفق المعطيات، فإن “توقف تدفق الرساميل الاغترابية ساهم بتفاقم الازمة، إذ يعتمد اكثر من 40 بالمئة من الاهالي على تحويلات المغتربين”. الأمر الذي دفع بالمحتجين الى قطع طريق السراي لخمس دقائق احتجاجاً على تردّي الواقع المعيشي مطالبين المسؤولين بالتحرك للحد من تفاقم الازمة أكثر، “فالناس لم تعد تتحمل مزيداً من الضرائب”.

يحرص “حراك النبطية” الذي رفع خيمته الشتوية بمحاذاة سراي النبطية، على التركيز على الشق الانساني ضمن سلّة مطالبه المعيشية والاجتماعية، لانه بحسب رائد “تحركنا موجّه لحماية الفقراء، وللأسف دخلنا في نفق خطير، الناس لم تعد قادرة على شراء أبسط احتياجاتها”.

الى ذلك، حلّ الفنان أحمد قعبور ضيفاً على خيمة “حراك النبطية”، حمل أغنياته الوطنية والثورية الى مدينة المقاومة، ليؤكد أنّ المقاومة الاقتصادية ومواجهة الفقر لا تقلاّن أهمية عن مواجهة العدو، وصرخ بملء حنجرته “أناديكم”، فرد المحتجون “نشدّ على أيادي الوطن ليخرج من أزمة الفقر”.

لا يختلف اثنان على أهمية الأغاني الثورية في تحميس المحتجين، فهي الملهم لصمودهم في الساحات، وتحفّز الشباب على مواصلة حراكهم ضد الفساد والجوع، وفق ما تشير اليه سلمى التي تؤكد أنّ “بقاءنا في الساحة مستمر حتى تحصيل مطالبنا المعيشية، والحصول على حقنا بالعمل في لبنان”.

وكان حراك النبطية شارك في “قافلة الثورة”.

قبالة خيمة الاعتصام، تنتشر محال تجارية، رفعت على زجاجها تخفيضات 50 و60 في المئة، كونها تعاني من الازمة الاقتصادية، لكن أصحابها لم ينتفضوا، يعضّون على جروح خسائرهم الشهرية، ويقفون متفرجين على “الافلاس الحتمي”. أحد أصحاب المحال يشير الى تراجع الحركة التجارية نتيجة انحسار قدرة المواطن الشرائية، يواجه تقنين المصروف، وهذا يهدد الأمن الاقتصادي.

ثمة ما يشير الى تدهور اقتصادي سريع تشهده المدينة، لم يعد بمقدور التجار الصمود أكثر، حتى صغار الباعة من اصحاب “الدكاكين” بدأت صرختهم تعلو، فهم يعيشيون كل يوم بيومه ويواجهون ارتفاع اسعار السلع بالافلاس، وأزمة “الدولار” نتشت “ربحهم”، ودفعت بهم للسباق مع سرعة تفاقم الغلاء، الى حد “الاقفال”.

لا يستهان بالوضع الاقتصادي، فالتدهور بات حتمياً. خلف دخان سيجارته، يرصد ابو على الواقع، بات عاجزاً عن شراء السلع لدكانه، “نبيع بالليرة ونشتري بالدولار، ونحن باعة ع باب الله، كنا نشتري عالفاتورة، اليوم التجار يريوون “كاش”، كيف نؤمّن السيولة وما في بيع”.

يشكل” الدكنجية” 20 بالمئة من نسبة محال السوق التجاري في القرى، يلجأ اليهم كل فقراء المنطقة. يقول ابو هادي “الوجع كبير، التجار يتحكمون بنا، يضربوننا على اليد التي تؤلمنا، لم نعد قادرين على الشراء، والحال مش ماشي”.

ولم يشهد “الدكنجية” واقعاً مماثلاً حتى في ظل الاحتلال. يؤكدون انهم باتوا على شفير الافلاس والاقفال، كحال علي وهبي الذي يتجه لاقفال دكانه الذي كان مصدر رزقه. ويؤكد وهبي انه نتيجة التلاعب بالدولار، تغيّرت الأسعار، نبيع باللبناني، وندفع بسعر الدولار الجديد، ما أوقعنا بالدين والعجز، واليوم نقفل المحل”.