IMLebanon

إستنتاج موفد الجامعة العربية.. “الخلاف عميق”

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

من أسباب أزمة تشكيل الحكومة التباعد بين المكونات السياسية ممن غدا الحوار بينهم من خلال الشاشات أو عبر منصات “تويتر” في وقت انعدمت فيه المبادرات المحلية كما العربية. ولا يحتاج الأمر إلى كثير من الجهد كي يستنتج أي زائر للبنان حجم التباعد في الأفكار بين المسؤولين واختلاف نظرتهم إلى الأوضاع.

قبل أسبوعين تقريباً زار لبنان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي موفداً من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. جال على الرؤساء الثلاثة، والتقى قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ثم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.

كان هدف الزيارة “البحث مع المسؤولين اللبنانيين في التطورات التي يشهدها لبنان حالياً”. حاول موفد الجامعة العربية استطلاع إمكان مساعدة لبنان في أزمتيه الحكومية والمالية، حرص على الاستماع من كل شخصية التقاها الى أسباب الأزمة وما يمكن أن تساعد به جامعة الدول العربية من موقعها.

كانت زيارة مجاملة أكثر منها مساعدة. ذلك أن قدرة الجامعة على المساعدة محدودة إن لم تكن معدومة ناهيك عن التباعد بين الدول الأعضاء والذي يعطل دورها.

ورغم ذلك شكلت الزيارة خطوة تسجل إيجاباً، خصوصاً أنها المرة الأولى التي لا يجد فيها لبنان عوناً عربياً، أو دولة ما تبادر إلى مد اليد لانتشاله من أزمتيه السياسية والمالية، حتى الدول التي كانت حتى الأمس القريب الأقرب إليه، تغض الطرف عن مشاكله. وهذا ما يجعل أزمة لبنان مستعصية على الحل، وقد أثبت أهل هذا البلد بما لا يدعو الى الشك أنهم لم يبلغوا سن الرشد بعد.

لكن وبعيداً مما يمكن لجامعة الدول العربية أن تقدمه، لكن تسجل لها مبادرتها تجاه لبنان، إلا أن المفارقة اللافتة تمثلت في ما سمعه الموفد العربي من كل جهة التقاها على حدة والذي بيّن عمق الأزمة، ومن أهم أسبابها تعدد المرجعيات التي لا تلتقي على رؤية محددة ولا تصور واحد لتوصيف الأزمة وسبل الخروج منها. وهذا ما فاجأ موفد الأمين العام الذي استغرب كيف أن لكل جهة سياسية مطلبها الذي يتناسب ومصالحها.

فخلال استقباله، تمنى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لو تدرس الجامعة العربية إمكان الطلب من الدول الاعضاء مساعدة لبنان على تخطي أزمته المالية. لم يدخل عون في الأرقام ولا حدد آلية المساعدة وكيفيتها، فتولى تفصيلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي خصص اجتماعه مع زكي لاستعراض الوضع المالي، متمنياً لو كان بإمكان الدول العربية أن تقدم للبنان مبلغ خمسة مليارات دولار لمساعدته على تخطي أزمته المالية.

وخلال لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب إليه محاولة إقناع الرئيس سعد الحريري بحكومة تكنو – سياسية من 24 وزيراً، فيما طلب الحريري من زكي لو يقنع بري بحكومة تكنوقراط من 18 وزيراً للخلاص من الأزمة.

ومن قائد الجيش العماد جوزف عون إستفسر موفد الجامعة العربية عن صحة ما تم تداوله من أخبار حول تجميد الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني. طمأنه عون إلى أن المساعدات قائمة والولايات المتحدة لا تزال عند التزامها، وعند سؤاله عن الوضع الأمني والحراك أكد دور الجيش على مستوى حماية المتظاهرين وعدم المس بالممتلكات العامة ليتفق الجانبان على لقاء ثان يجمعهما.

غير أن الزيارة اللافتة كانت للرئيس فؤاد السنيورة، إن من حيث الوقت الذي استغرقته أو حفاوة اللقاء بين الطرفين. فقرابة الساعة تقريباً اجتمع موفد الجامعة العربية إلى رئيس حكومة لبنان السابق، الذي أصر على استقبال ضيفه وتوديعه حتى مدخل المنزل للدلالة على مكانته. إحتل موضوع الفساد الحيز الأكبر من الحديث بينهما وشكا كيف أن محاربته للفساد تعود إلى سنوات طويلة خلت من دون فائدة تذكر.

حمل السفير حسام زكي ما تلاه المسؤولون في الدولة على مسامعه وغادر. وكان الاستنتاج الذي أسرّ به لأحد أصدقائه “أن الخلاف في لبنان عميق، ليس محصوراً بتشكيل الحكومة فحسب بل هو خلاف بين المسؤولين أنفسهم”.