IMLebanon

التكليف الاثنين بأكثرية بسيطة.. وطريق التأليف “سالكة”

من بين سطور “رسالة” تمني رئيس مجلس النواب نبيه بري على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عدم الخروج من الحكومة، بانت معالم اتخاذ “الثنائي الشيعي” قرار إنزال باسيل من قطار التكليف والمضي قدماّ نحو محطة التأليف، فكان لا بدّ من “تخريجة ما” للتدرج في إظهار هذا القرار وتعبيد الطريق أمام بلورته بصيغة تحفظ ماء وجه وريث العونية السياسية، على أن يتوّج الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هذا التوجّه اليوم بأسلوبه المعتاد في إعلاء شأن حليف “مار مخايل” وتأكيد وحدة المسار والمصير معه استراتيجياً بغض النظر عن بعض التباين في التكتيك تحت وطأة الاختلاف الطبيعي في وجهات النظر بين الحلفاء حيال ضرورات المرحلة وسبل مواجهة تحدياتها.

في الشكل والمضمون، بدا جبران باسيل “مجبراً لا بطلاً” في إعلان تنحيه عن المقعد الوزاري الذي أبى أن يفارقه منذ أن جلس عليه لأول مرة في العام 2008 حين كانت الحكومات تبقى معلّقة بين أرض التكليف وسماء التأليف على قاعدة الرابية الشهيرة “عمرها ما تتألف الحكومة كرمى لعيون صهر الجنرال”.

لكن بالأمس تحت وطأة هول الحدث، وإن سعى إلى تظهير نفسه بوصفه “رأس حربة” في الثورة ضد النظام، غير أنّ باسيل لم يستطع أن يكتم مجاهرته بالغضب العارم على رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، والعتب الواضح على الحلفاء إلى درجة استخدامه عبارات فيها نوع من استجداء “الشركاء” تغيير موقفهم القاضي بالتخلي عنه مقابل التمسك بالحريري قائلاً: “إذا أصر الحريري على “أنا أو لا أحد” وأصرّ “حزب الله” و”أمل” على مقاربتهما بمواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنو- سياسية برئاسة الحريري، فنحن لا يهمّنا أنّ نشارك”… ليستطرد متوجهاً إلى “الشركاء الحريصين على وجودنا في الحكومة”: “خلينا نرجع على طرحنا الأساس يلّلي تم رفضوا وخلّي الأفرقاء يعيدوا النظر بموقفهم”، وجدد في هذا المجال طرحه الهادف إلى إزاحة الحريري عن كرسي الرئاسة الثالثة وتأليف حكومة من دونه، مدغدغاً شعور “حزب الله” وضارباً على وتره الحساس بالإشارة إلى أنّ هكذا تشكيلة حكومية هي القادرة على أن “تحفظ المقاومة وضمانتها بتركيبتها وبتوازناتها وبالمجلس النيابي وبرئيس الجمهورية”، مقابل توعّده الصيغة الحكومية التي يتمسك الحريري بها تجاوباً مع تطلعات ثورة 17 تشرين بأنّ “مصيرها الفشل حتماً”.

وبعد إعلان رئيس “التيار الوطني الحر” انتقاله إلى جبهة “المعارضة” تحت سقف ما وصفها بمعادلة “الممانعة والمقاومة”، مدفوعاً بقوة دفع من جبهة “الممانعة والمقاومة” نفسها تحت وطأة تسليم الثنائي الشيعي بالحاجة إلى الحريري باعتباره الأقدر على قيادة دفة الإنقاذ المالي والاقتصادي وفي ظلّ ما رشح من عواصم القرار الدولي بأنّ “المراجع المعنية في الدول الأوروبية أكدت عدم استعدادها لدعم حكومة لبنانية تضم أسماء مستنسخة من الحكومات السابقة من مثل باسيل وعلي حسن خليل”، باتت الأنظار تتجه إلى قصر بعبدا لتلمّس كيفية تعاطي رئيس الجمهورية ميشال عون مع ملف التكليف والتأليف إثر قرار إقصاء رئيس “التيار الوطني الحر” خصوصاً إذا ما رست محصّلة استشارات الاثنين الملزمة على تكليف الحريري، وسط توقعات بألا يتّصف تعاطي عون بالليونة اللازمة لتعبيد طريق التأليف في ضوء الرسالة المشفّرة التي حرص النائب طلال أرسلان على تظهيرها من قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية قائلاً: “الميثاقية تعطي الشرعية المذهبية للشخص المكلّف، إنّما لا تعطيه تحت هذا الشعار حق تأليف الحكومة سواء كانت من 10، أم 14، أم 24، أم 30 وزيراً”.

لكن وكما تقاطعت الأفرقاء حول التسليم بفشل محاولة “شقلبة” عملية تكوين السلطة التنفيذية عبر فرض التأليف قبل التكليف، تؤكد مصادر مواكبة للمشاورات الحكومية التمهيدية أنّ وضع العثرات والعراقيل أمام طريق التأليف سرعان ما ستتم إزالتها لتكون “سالكة باتجاه تسريع ولادة التشكيلة الحكومية الإنقاذية”، معربةً لـ”نداء الوطن” عن اعتقادها بأنّ “استشارات الاثنين ستفضي إلى تكليف الحريري بأكثرية نيابية بسيطة بموجب لعبة توزيع الأصوات النيابية، بين مؤيد للحريري وداعم لنواف سلام باعتباره اختصاصياً، مقابل لجوء كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى خيار عدم التسمية وإيداع أصوات أعضائها في جعبة رئيس الجمهورية للوقوف على خاطر “التيار الوطني الحر”، في حين تلتزم كتلة “التنمية والتحرير” بالتصويت للحريري، بينما سيعمد تكتل “لبنان القوي” بحسب معطيات غير مؤكدة إلى ترك حرية التسمية لأعضاء التكتل بغية ضمان عدم إيصال رئيس “تيار المستقبل” بأكثرية وازنة في ميزان التكليف”.