IMLebanon

“رنا” غرقت في البحر.. وعائلة أحمد ابن ببنين في خطر

كتبت مايز عبيد في “نداء الوطن”:

تشكّل قصة أحمد مصطفى الصياد الفقير من بلدة ببنين العكّارية التي نسردها في هذا التقرير، عيّنة واحدة عن عشرات بل مئات القصص اليومية المشابهة، التي تحصل وستحصل، خصوصاً في أيام الشتاء والعواصف، لصيادين يعملون في بحر العبدة في عكّار في ظل أسوأ الظروف.

إستيقظ أحمد مصطفى، إبن بلدة ببنين – (بلدة عكارية تعدّ 40 ألف نسمة ) – صباح يوم أمس الجمعة على غرق مركبه والمسمّى “رنا” في بحر العبدة جرّاء العواصف والأمطار التي حصلت. والمركب هذا كان بحاجة إلى تصليحات قبل ذلك، لم يستطع الصياد أحمد الفقير القيام بها، لأنها كانت تحتاج إلى مبلغ بسيط قدره 100 ألف ليرة لبنانية. وعلى رغم حالة المركب يقول أحمد: “كنت عم نمشي الحال بالمركب على حاله حتى الله يفرجها”، لكنّ الفاجعة بالنسبة إليه حلّت عندما استيقظ صباح الجمعة فرأى مركبه يغرق في عرض المياه.

ويعيش أحمد إبن العقد الرابع في حي البستان في ببنين. وهذا الحي من أكثر الأحياء فقراً. حياة اقتصادية صعبة يعيشها وهو أب لـ 4 أولاد يعمل في صيد الأسماك كما الأغلبية من أبناء البلدة، ولا يملك سوى هذا المركب ليؤمن من خلاله قوت يومه له ولعائلته.

الصيادون في مرفأ “ببنين- العبدة” من زملاء أحمد في المهنة، وبعد جهد جهيد وسط الأمطار استطاعوا سحب المركب الغارق رغم ارتفاع منسوب الترسّبات على مدخل حوض المرفأ، بينما قدّرت الخسارة بنحو 4 ملايين ليرة لبنانية. وهو مبلغ كبير على صياد سمك مثل أحمد يعمل أحياناً بـ 20 ألف ليرة لبنانية وأحياناً أخرى لا يعمل، فلا شك أن مبلغ 4 ملايين ليرة قد تمر سنة كاملة ولا يستطيع صياد مثل أحمد تحصيله.

ويقول لـ”نداء الوطن”: “تعرّضت هذا اليوم إلى نكسة كبيرة بكل معنى الكلمة. تخيّل أنه في هذه الأوضاع المعيشية الصعبة الراهنة وفي ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة التي نمر بها وفي موسم الشتاء حيث من المعروف أن صيد الأسماك يتراجع بشكل كبير، تأتيني هذه المصيبة. فالمركب بحاجة الآن بحسب الكشف إلى أكثر من 4 ملايين ليرة لإعادة إصلاحه وتشغيل محركه وأنا قبل مدة لم أقدر على تأمين مبلغ 100 ألف ليرة لتصليحه”.

أضاف: “نحن الصيادين متروكون من الدولة ومن كل المعنيين. ليس هناك من يهتم ولا من يسأل كيف يستطيع أولئك المواطنون أن يؤمنوا حياتهم اليومية في ظل غياب كل أشكال الدعم والتقديمات وأي اهتمام رسمي من الدولة. صيد الأسماك بالنسبة إلينا هي مهنة ورثناها ونعمل فيها منذ سنوات وهي حيلتنا الوحيدة لكي نعتاش… لكننا كل يوم من سيئ إلى أسوأ. لا أحد يهتم كيف نستطيع تأمين أوضاعنا مع عائلاتنا؟”. وأضاف: “للأسف أيام حرب مخيم البارد تخرّبت شباكنا ومراكبنا ولا من اهتم أو عوّض. لم تعد لنا أي ثقة بأي مسؤول في هذه الدولة”.

من جهته، دعا رئيس تعاونية صيادي الأسماك في ببنين العبدة عبدالرزاق حافظة المعنيين إلى “التعويض على الصياد مصطفى وكل صياد متضرر”، وأبدى أسفه لما آلت إليه أوضاع الصيادين من التردّي نتيجة سوء حال مرفأ ببنين – العبدة. وطالب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال يوسف فنيانوس بالإيفاء بوعوده ووعود أسلافه “بترميم المرفأ قبل أن يخسر الصيادون كل مراكبهم، وهي مصادر رزقهم الوحيد في ظل ضيق حال معيشية غير مسبوقة تعيشها عكّار وأهلها بشكل خاص وعموم اللبنانيين”.

يشار إلى أن بلدة ببنين من كبريات البلدات العكارية وتعيش فيها أكثر من 1300 عائلة من صيد الأسماك فهي المهنة الأساس التي تشكّل مصدر الدخل الوحيد لهذه العائلات واقتصاد البلدة وأهلها بأغلبيتهم يقوم عليها. ويعيش الصيادون حالة صعبة في السنوات الأخيرة بسبب غياب الدعم والإهتمام وعدم القيام بتحسين أوضاع المرفأ رغم كل الوعود المتكررة من المسؤولين والمعنيين.