IMLebanon

الثورة بين فكّي كمّاشة… “سلطة الهراوات” و”بلطجة المخرّبين”

تأكيداً على كونها “تتحكّم ولا تحكم”… تواصل السلطة مسار التعنّت والمكابرة والتخاطب مع الشارع المنتفض بلغة الأنظمة القمعية التي لا ترى من بين صفوف المتظاهرين سوى مجموعة مندسين مشاغبين تبيح لها استخدام كل الوسائل الآيلة إلى فضّ التظاهرات بمختلف أدوات مكافحة الشغب والشعب على حد سواء. فإذا كانت الريبة مبررة في مكان ما حيال مشهد نهاية الأسبوع الحافل بعلامات الاستفهام والتعجب إزاء تدهور الأمور دراماتيكياً على الأرض، انطلاقاً من “غارة الخندق الغميق” المباغتة على القوى الأمنية عصر السبت، مروراً ببعض “الانغماسيين” بين الثوار الذين يحرصون على استفزاز القوى الأمنية بالمفرقعات والحرق والتكسير، وصولاً إلى “غزوة” حرق الخيم في ساحة الشهداء ليل أمس بمؤازرة من “عنصر غير منضبط” في حرس المجلس النيابي، فإنّ ما زاد طين الريبة بلّة هو الازدواجية المفضوحة في التعاطي الأمني والعسكري مع التطورات الميدانية بين ليونة مفرطة في التعاطي مع المجموعات التخريبية واستخدام مفرط للقوة بالهراوات والقنابل المسيّلة للدموع ضد المتظاهرين السلميين.

وعلى وقع محاولات إخماد الثورة والإطباق على سلميّتها بين فكّي كمّاشة “سلطة الهراوات” و”بلطجة المندسّين والمخرّبين”، يلتئم اليوم شمل أهل السلطة في قصر بعبدا لطيّ صفحة الاستشارات النيابية الملزمة والانتقال في كتاب الأزمة المفتوحة من فصل التكليف إلى فصل التأليف. وتحت سقف شرط “تشكيل حكومة خبراء” الذي وضعه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أمام كل من يريد تكليفه بالتشكيل، تتجه الأنظار إلى مواقف الكتل النيابية والنواب المستقلين لتحديد ما سيرسو عليه مشهد التكليف ولو كان في مجمله بات شبه محسوم “على الورقة والقلم” لصالح الحريري، على أن تبقى العبرة بما إذا كان سيعبر بتشكيلته الاختصاصية إلى برّ التأليف، وسط توقعات بألا تكون “معمودية التوقيع الرئاسي” برداً وسلاماً على هكذا تشكيلة في ظل إعادة تشديد رئيس الجمهورية ميشال عون على رفضه لولادة أي حكومة لا تكون ذات صبغة “تكنو – سياسية”.

وإثر لقاء قصر بعبدا السبت بين عون والحريري، أكدت مصادر القصر لـ”نداء الوطن” أنّ “الاستشارات النيابية قائمة في موعدها” اليوم، مشيرةً إلى أنّ “شكل الحكومة لم يُبحث خلال اللقاء لأنّ الرئيس عون لم يرغب ببحث هذا الموضوع قبل التكليف لئلا يُتّهم بالتأليف قبل التكليف كما ادعى رؤساء الحكومات السابقون”، وآثرت عدم استباق تسميات الكتل النيابية مع عدم استبعادها في الوقت عينه أن تخلص النتيجة بحسب المعطيات المتوافرة إلى تكليف الحريري “بأكثرية متواضعة”.

من جهتها، أكدت مصادر مطلعة على أجواء “بيت الوسط” لـ”نداء الوطن” أنّ اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري برئيس الجمهورية “كان جيداً وإيجابياً على الصعيد الشخصي ولكنه لم يسجل أي خروقات في ما خص تشكيل الحكومة”، ناقلةً عن الحريري أنه “ما زال متمسكاً بتشكيل حكومة من أخصائيين وأنه جدد لعون نظرته القائمة على كون حكومة الاختصاصيين هي الوحيدة القادرة على إنقاذ البلد في ظل الوضع الراهن والضغط الدولي”.

وتوازياً، جزمت مصادر نيابية متقاطعة لـ”نداء الوطن” أنّ الحريري سينال في الاستشارات نسبة “جيدة نسبياً” لتكليفه تشكيل الحكومة بعدما بات من المرجح أن يحصد دعم “القوات اللبنانية” التي يجمعها مع الحريري هدف تأليف حكومة اختصاصيين، إضافة إلى “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي عدل عن قراره السابق بعدم المشاركة في الاستشارات وبات متجهاً نحو تسمية الحريري، فضلاً عن تسميته من قبل الكتل التي جاهرت بذلك ونواب مستقلين، علماً أن ما رشح حتى الساعة يؤكد أنّ 4 نواب من تكتل “لبنان القوي” سيسمون الحريري أيضاً ولن يلتزموا قرار التكتل بعدم التسمية.

وتقول المصادر، إنّ الحريري يبدو جاداً في إصراره على عدم تشكيل حكومة إلا إذا كانت مؤلفة من خبراء اختصاصيين، كاشفةً في هذا المجال أنّ المعطيات المتوافرة تشي بأنه “قد يلجأ حتى إلى الإسراع في إعداد تشكيلته الاختصاصية ويسمي هو بنفسه مختلف أعضائها دون انتظار تسميات الكتل السياسية على أن يتيح لنفسه فترة بسيطة لاستمزاج الآراء والتسميات بشكل يؤكد انفتاحه على أي إسم يناسب تصوّره الحكومي ويأتي مطابقاً للمواصفات الاختصاصية المنشودة”.