IMLebanon

لبنان أمام حكومة جديدة في مطلع العام؟

كتبت أنديرا مطر في صحيفة “القبس”:

بعد يومين على تكليف الوزير السابق حسان دياب تشكيل الحكومة اللبنانية، وعلى وقع رفض الشارع السني لهذا التكليف، انطلقت أمس الاستشارات النيابية غير الملزمة تمهيداً للتشكيل، حيث التقى الرئيس المكلف معظم الكتل النيابية، تزامنا مع مواصلة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل جولاته على المسؤولين اللبنانيين لليوم الثاني على التوالي، موفدا من وزير الخارجية مايك بومبيو للاطلاع على الأوضاع الناشئة بعد اندلاع الاحتجاجات في أكتوبر الفائت.

في حين اوجزت مصادر دبلوماسية المعايير الدولية المطلوبة لتشكيل الحكومة كأن تكون حكومة موثوقة تتمتع بالمصادقية، قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ليست من لون واحد، ترضي الشعب وتوحي الثقة للخارج، تأتي بوجوه جديدة من الاختصاصيين ممن لم يتربعوا سابقا على العروش السياسية، والاهم ان تكون اجندتها وقرارها لبنانيين غير خاضعين لسيطرة اي حزب او فريق سياسي أو محور خارجي، تنأى في بيانها الوزاري بالنفس وتمارسه فعلا، على ان يكون هذا البيان مزيجا من بيانات مجموعة الدعم الدولي وورقتي بعبدا الاقتصادية والحريري الاصلاحية، بحسب وكالة المركزية. وفي السياق، اكتسبت زيارة هيل أهمية استثنائية غداة تسمية دياب الذي وصفته الصحافة العالمية بمرشح حزب الله لتشكيل الحكومة، علما ان مواقف الموفد الأميركي يمكن اختزالها بعنوان «الحكومة شأن داخلي لبناني»، وبالتالي لا فيتو أميركيا على أي مرشح، لكنه في المقابل شدد على ان تكون الحكومة الجديدة شريكة للمجتمع الدولي وتلتزم الاصلاحات المستدامة ومكافحة الفساد ووقف الهدر وتنظيم الموازنة العامة. لقاء إيجابي مع باسيل والتقى هيل امس وزير الخارجية جبران باسيل لأكثر من ساعتين خرج بعدها من دون الادلاء بأي تصريح.

لكن مصادر الوزير باسيل وصفت الاجتماع بالايجابي جدا، لافتة الى ان الاميركيين ليس لديهم أي فيتو على أي اسم لكنهم ينتظرون تشكيل الحكومة وبيانها الوزراي. ولفتت المصادر الى أهمية اللقاء من حيث الشكل، حيث تم في منزل الوزير باسيل وليس في وزارة الخارجية، وتخلله غداء وخلوة طويلة بين الرجلين تناولا فيها الشأن اللبناني من كل جوانبه، وهذا يدحض كل ما اشاعه البعض في السابق عن امتعاض أميركي من باسيل او عن نية لإدراج اسمه ضمن لائحة العقوبات على مقربين من حزب الله، بحسب هذه المصادر. من جانبه، أوضح جعجع بعد لقائه هيل، ان بيت القصيد هو في تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، أي ألا يكونوا تحت سلطة أو سيطرة الأحزاب التي كانت تكوّن السلطة في الفترة السابقة معلنا ان القوات لا تريد شيئاً في هذه الحكومة. وعما إذا كان من الممكن أن تتشكّل حكومة مماثلة، قال جعجع: هنا التحدي الكبير امام الفرسان الثلاثة الذين أتوا بالرئيس المكلّف.

حصيلة استشارات دياب في محصلة لقاءات الرئيس المكلف بالكتل النيابية، بدا ان لبنان مقبل على تشكيل حكومة اللون الواحد بعد امتناع كتل «المستقبل» و«القوات اللبناينة» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «الكتائب» عن المشاركة فيها واجماع هذه الكتل على مطلب «حكومة مستقلين». مصادر مقربة من فريق 8 آذار اعتبرت في حديث لـ القبس ان دياب بات يحظى بغطائين محلي وخارجي بعد تجاوزه الفيتو الأميركي وعدم قيام الحراك الشعبي بأي احتجاجات جدية واسعة على تكليفه رغم بعض التجمعات لمحتجين تحت منزله هاتفين: «انت ما بتمثلنا وما بتمثل طائفتك»، وبالتالي فإن مسار التأليف لن يشهد عقبات كبيرة وسيكون للبنان حكومة جديدة في مطلع العام. في المقابل، حذّر مصدر نيابي من عدم الاستهانة بالعقد المحلية، لا سيما العقدة السنية التي تمثلت ليل الجمعة بحركة احتجاجية في بيروت تجاوزت في شكلها ومضمونها واتساعها اي تصرف شهده هذا الشارع في استحقاقات مماثلة سابقا. وأشار المصدر في اتصال مع القبس ان حكومات الائتلاف الوطني اثبتت فشلها فليشكلوا حكومة أكثرية وليعارض من يريد المعارضة عوضا عن بدعة الموالاة والمعارضة تحت سقف واحد.

ولدى سؤاله عما اذا كانت هذه الحكومة قادرة على النهوض بالبلد من ازماته الاقتصادية قال المصدر:«فليقدم حزب الله رؤيته الانقاذية، لا سيما انه انتقل الآن من كونه اللاعب الأكثر نفوذا وقدرة في الحكومة الى صانع الحكومات». تخفيض تصنيفات البنوك اقتصادياً، غرّد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد امس قائلا: «45 في المئة هو تراجع الحركة التجارية وبيع التجزئة في شهر الأعياد. مؤشر خطير قد لا تصمد إثره المؤسسات. أخشى الكارثة في يناير وفبراير» واعتبرت وكالة التصنيف العالمية «ستاندرد اند بورز»، ليل الجمعة، انّ تعميم مصرف لبنان الذي طلب من المصارف تسديد 50 في المئة من الفوائد المستحقة على الودائع المقوّمة بالدولار الأميركي بالعملة المحلية، هو خطوة تضاف الى عدد من التدابير الحديثة التي تقيّد وصول المودعين إلى أموالهم، ما يضع مصارف لبنان في خانة التعثر restricted default. Volume 0%   وعشية الأعياد، تتوالى الاخبار السيئة المرتبطة بتقويم الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان، بعدما خفضت وكالة ستاندرز اند بورز، تصنيف 3 مصارف لبنانية الى درجة «التعثّر الافتراضي»، ووضعتها في خانة «الأعلى خطراً» في العالم.

وفي سياق متصل، نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية صحة ما يتم تناقله في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ان اجتماعا عقد في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تم خلاله اتخاذ اجراءات مالية ومصرفية تتصل بالواقع المالي في البلاد، واضعا الامر في خانة التضليل الاعلامي. الانتفاضة مستمرّة.. اعتصام أمام المرفأ وقطع طرقات واصلت مجموعات الحراك الشعبي في لبنان انتفاضتها لليوم الـ 66 على التوالي، وانضمت في بعض المناطق تحرّكات مؤيدة لرئيس الحكومة سعد الحريري، رافضة تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة. وأمس، نفَّذ ناشطون اعتصامًا أمام مرفأ بيروت، في حين بقي السير مقطوعًا في محلة كورنيش المزرعة من قبل مناصرين لتيار المستقبل، والرافضين تسمية دياب خارج إطار الأكثرية السنية، وكانت المنطقة شهدت ليل الجمعة مواجهات عنيفة بين هؤلاء المحتجين والقوى الامنية، تخللها رشق بالحجارة والمفرقعات النارية. وفي الشمال، أُعيد فتح الطريق الدولي في المنية، بعد مفاوضات مع الجيش، في حين قطع محتجّون من الحراك في «خيمة اعتصام حلبا» طريق عام حلبا بالكامل، في حين عاد الهدوء إلى مدينة طرابلس، بعدما شهدت ليل الجمعة حوادث أمنية متفرِّقة.