IMLebanon

“قطوع التأليف” يمر.. و7 خطوات متلازمة لوقف الانهيار!

كتبت صحيفة “اللواء”:

 

في مكان ما، وفي الغرف الضيقة، ثمة مَن يعتقد ان الإيراني (بوصفه طرفاً في الأزمة) نجح، في لحظة تراخٍ أميركي، أو مطالب للدولة الكبرى، التي أدخلت البلد في أتون، انهيارات وانفجارات، ومطبات مالية، نقدية، منذ ان فرضت على السلطات النقدية والرسمية اللبنانية تصفية «بنك جمّال»، الذي كان «المال الشيعي» إذا جازت التسمية يُودع فيه، ويتحرك في الداخل والخارج، فسقط المصرف، حتى أن شجرتا الزيتون المعمرتين عند مدخله، اصابهما اصفرار ويباس..

لم يكن أحد يدري، ان إصابة مصرف له من الملاءة ما له، وفيه عدد كبير، يحسب بالآلاف من أصحاب الحسابات، سيكون فاتحة حقبة لبنانية، كارثية، تذكر بحقبة «بنك انترا»، وربما أبعد اثراً، وأكثر اهتزازاً، ايذاناً بإنقلاب أشكال الحياة على الأرض اللبنانية، لدرجة ان الخبير الاقتصادي والمحلل في بنك «عودة» فريدي باز، لفت أنظار اللبنانيين إلى ان مرحلة من الرفاهية والازدهار طويت إلى غير رجعة، وعليهم التكيُّف مع أوضاع نقدية واجتماعية ومالية جديدة.

لم تتأثر الطبقة السياسية، التي غالباً، ما توصف بالفاسدة، والناهية، والثرية بالأزمة المالية، في أبعادها الحياتية المباشرة.. جلّ ما في الأمر، انها حوصرت داخل مقراتها وأبنيتها المحصنة، بعُصَب من الحراس، المدججين بالسلاح، وبالعوائق، التي تحول دون وصول المجموعات الجائعة، الثائرة، التي خرجت تشهر سيوفها، احتجاجات، وهتافات، وغضب غير مسبوق، حتى في عزّ أيام النضالات المطلبية منذ نهاية ستينات القرن الماضي، إلى وقت اندلاع الحرب الأهلية 1975 – 1976.

توصف الأزمة الراهنة، بأنها الأكثر سوءاً منذ 1975 – 1990، التي عصفت بالبلد، الذي تمكن من كسب منافع الإزدهار، عندما عادت بيروت، مع وصول الرئيس رفيق الحريري (اغتيل عام 2005) إلى ان تحتل مراكز الصدارة، بين عواصم المتوسط الشرقي، كإحدى أبرز المدن المشرقية، لتدخل مع احداث 17ت1 الماضي في واحدة من أشنع الأزمات التي تصيب عاصمة مزدهرة..

قبل ساعات قليلة من وصول ديفيد هيل، الدبلوماسي الأميركي إلى بيروت، دفع فريق 8 آذار، الذي يقوده «حزب الله»، بالاتفاق مع الرئيس ميشال عون إلى الواجهة، بشخصية غير معروفة، إلَّا على نطاق ضيّق، تولت وزارة التربية والتعليم العالي في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي (وغاب الرئيس ميقاتي عن استقبال الرئيس دياب، بداعي السفر)، هو الأكاديمي، في الجامعة الأميركية حسان دياب إلى الواجهة، كشخصية ممكنة لتأليف حكومة، تواجهها أصعب مهمة في تاريخ الحكومات اللبنانية: إنقاذ البلد من أزمة مالية غير مسبوقة.

قبل أقل من أسبوع مضى عندما قبل الوزير دياب، مرسوم تكليفه تأليف الحكومة  في 19 الجاري (الخميس الماضي)، أكد انه «سيسعى إلى تشكيل حكومة من إختصاصيين ومستقلين تحظى بدعم غربي كامل وتعالج الإنهيار الاقتصادي»، ولا تتعارض مع ما قاله هيل، بعد كل زيارة من زياراته التي شملت الرؤساء، الذين تطالب احتجاجات الشارع بالإطاحة بهم، (رئيس الجمهورية ميشال عون، ريس المجلس النيابي نبيه برّي، رئيس الحكومة سعد الحريري).

تجاوز وكيل الخارجية الأميركية للشؤون السياسية هيل، بعد لقاء الحريري، مشكلة الشخص الذي «يقود أو يؤلف حكومة في لبنان» فبلاده تقبل بدياب رئيساً مكلفاً، كما كان من الممكن ان تقبل بغيره، إذا ابتعد الحريري، أو أُبعد..

المهم في الموقف، الإستماع إلى الأصوات التي دعت إلى «انهاء الفساد المستشري الذي خنق امكانات لبنان الهائلة».

والعبرة بـ «حكومة تتمكن من الإلتزام بصيحات الشارع.. والقيام بإجراء إصلاحات هادئة ومستدامة تعيد لبنان إلى مسار الإزدهار والامان».

في بعبدا، كشف هيل انه موفد من وزير خارجية بلاده إلى لبنان، من زاوية «قوة الشراكة بين بلدينا» لبحث الأزمة مع القادة اللبنانيين، وأن «مضمون المحادثة مع الرئيس ميشال عون… حان الوقت لترك المصالح الحزبية جانباً».

لوقت ليس بقصير، قد يكون من غير الممكن الإحاطة بمحادثات دبلوماسي أو مسؤول أميركي مع أحد أو كل المسؤولين، الذين التقاهم، إلَّا أن الواضح هو ما يلي:

1 – الزيارة هي نوعية من حيث إيفاد مسؤول أميركي إلى لبنان، في عزّ دين الأزمة.

2 – الزيارة تعكس الإلتزام الأميركي بالبلد: الشراكة بين الولايات المتحدة ولبنان.

3 – إعطاء الضوء الأخضر للخروج من الأزمة (تشجيع القادة اللبنانيين).

4 – الحل يكون عبر المؤسسات القائمة، والقيادات الرسمية المنتجة، بصرف النظر عن رأي الشارع..

من هذه الوجهة الثابتة يُمكن الاستنتاج ان الوقت حان لإنهاء حركة الشارع، والعودة   إلى المؤسسات. أدت الاحتجاجات دورها..

أمّا المعالجة، الثابت ان الولايات المتحدة، لن تكون بعيدة عن مراقبة وتائر المعالجة ومندرجاتها:

1 – حماية الرئيس المكلف الذي أكّد انه لن يتراجع عن تأليف الحكومة..

2 – المضي قدماً في التأليف، وهنا يفهم كلام الرئيس دياب، من سعيه لتأليف حكومة «من اختصاصيين ومستقلين تحظى بدعم غربي كامل وتعالج الانهيار الاقتصادي».

3 – معالجة الإشكالات المستمرة في الشارع من خلال معالجة ظاهرة لجوء مؤيدين للرئيس الحريري إلى التظاهر، والتراشق مع القوى الأمنية والجيش.. على أساس ان هذا «القطوع يُمكن ان يمر» وفقاً لما يرى مسؤول أمني لبناني.

4 – قد يكون ابتعاد القوى الحزبية والكتل كالتقدمي و«القوات» و«المستقبل» وغيرهم مؤشراً على عدم الرهان على النجاح، الا انه لن يندرج في إطار العرقلة، والا إمكانية لذلك..

كل المؤشرات توحي بأن الضوء الأميركي «المخضصفر» فعل فعله، من زاوية براغماتية الفعل  الأميركي: فإذا أبعدت الحكومة «حزب الله» عن التمثيل فيها، تكون خطوة عملية مفيدة..

وإذا تمكنت من فتح الباب امام إعادة تحريك دورة الحياة، تكون مهدت الطريق إلى شركاتها أو الشركات الدائرة في فلكها، من الدخول بقوة إلى لبنان: لإعادة هيكلة اقتصاده، ومنع تحويل الأزمة إلى خصوم في الإقليم (إيران – سوريا – المنظمات الجهادية المقاومة إلخ). ووضع اليد على استخراج نفطه وغازه، وتحويل الشركات الأميركية والبريطانية والغربية، إلى شركات جاهزة لإعادة اعمار سوريا، عندما يحين الوقت..

.. وبعد، فالسؤال، هل ينجح دياب، المراهن على دعم الأميركيين وحلفائهم الأوروبيين، في إنقاذ الوضع في لبنان، وليس إنقاذ بعبدا وحليفها القوى حزب الله، كما اتهم..

الإنقاذ يبدأ من البوابة الاقتصادية: كيف؟

1 – مساعدات دولية ملحة، توقف الإنهيار الكبير المحدق.. (سيدر وغيره).

2 – مواجهة أزمة السيولة، بحث المصارف على رفع مستوى الملاءة المالية والاحتياطي المالي..

3 – توفير ضخ الدولار بالأسواق..

4 – السيطرة على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

5 – وقف الفساد بكل أشكاله وأحواله.

6 – إعادة ضخ أموال اللبنانيين في الخارج إلى المصارف اللبنانية.

7 – وفي الواجهة الملحاحة، الوفاء بالتزامات 2020 المالية، لدفع ديون مستحقة بقيمة 10،9 مليارات دولار على مدار العام، بما في ذلك سندات دولية بقيمة 1،2 مليار دولار مستحقة في آذار المقبل.

خطوة الألف ميل اقتصادياً: إعادة هيكلة الدين الداخلي، واصلاحات مالية سريعة.. بعد خطوة واحدة: حكومة بثقة من الشارع أولاً!