IMLebanon

“ملاحظات” على هامش زيارة ديفيد هيل

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

 

بنت أطراف لبنانية الكثير من الآمال على زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل وأحاطوها بفيض تحليلات وأقاويل لا سيما وأنها جاءت مع تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، لكن المطلعين عن قرب على السياسة الأميركية الخارجية يشككون بوجود دور أميركي كبير ووازن في لبنان في الوقت الراهن. وما بين وجهتي النظر يمكن تسجيل جملة ملاحظات على هامش زيارة المسؤول الأميركي:

– حرصه على عدم استفزاز أي جهة خلال تلاوته لبيان مكتوب ومعد مسبقاً.

– لا خطة أميركية واضحة للبنان بدليل عدم وجود مبعوث خاص على غرار ما هو معتمد في سوريا والعراق ولبنان، بينما أتت زيارة هيل في سياق زيارته للعراق.

– لا صفة تقريرية للزائر الأميركي وهو حضر موفداً من وزير الخارجية مايك بومبيو ولم ينقل أية رسالة تُذكر.

– المفاجأة التي لم تكن منتظرة أن المسؤول الأميركي لم يتطرق إلى “حزب الله” في مواقفه وهو ما يمكن أن يفسّر الشك بوجود “قطبة مخفية” في مكان ما.

أما المفارقة اللافتة، فهي الزيارة التي قام بها هيل لما يزيد على ساعتين لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل والتي جاءت في أوج الحديث عن أن الولايات المتحدة في صدد فرض عقوبات عليه. ووفق تقييم مصادر مواكبة، غادر هيل مخلفاً وراءه “تكريساً واعترافاً بالعملية الديموقراطية التي أدت إلى تسمية حسان دياب رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة”. وكان شاهداً على اليوم الأول من الإستشارت النيابية. وفي ما يتعلق بزيارته باسيل، كانت الزيارة “أكثر من إيجابية شكلاً ومضموناً”.

وصل هيل إلى منزل باسيل في البياضة عند الواحدة إلا عشر دقائق وغادر عند الثالثة وخمس دقائق، ترافقه شخصية ديبلوماسية. طلب المسؤول الإميركي إجراء محادثات ثنائية مع باسيل وحضرت الشخصية الديبلوماسية ما يقارب الدقائق الأولى منها ثم استكملت ثنائية.

ونقلت مصادر وزير الخارجية أنّ “المحادثات تميّزت بالهدوء وبكثير من الصراحة واتساع مروحة المواضيع” التي كان أبرزها ثلاثة ملفات أساسية:

1 – تشكيل الحكومة، والإهتمام الأميركي بها من زاوية وجود حكومة تؤمن استقرار الوضع السياسي، وتحمل مشروعاً إصلاحياً يحوز على إجماع المجتمع اللبناني، أي أن تكون حكومة إصلاحات تستحق الدعم، وأن بلاده تولي أهمية واسعة لإنجازات الحكومة ونتائج عملها كشرط لأي مساعدة يريدها لبنان، ما معناه أن المساعدات الأميركية غير مرتبطة بإسم رئيس الحكومة أو هويته السياسية.

2 – ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل من منطلق مبادرة المبعوث الأميركي دايفد ساترفيلد، حيث كرر وزير خارجية تصريف الأعمال الموقف اللبناني المرتكز على إيجاد حل يثبت حقوق لبنان البرية والبحرية من دون انتقاص. وكان الاستنتاج أن أميركا ومن خلال ما عبر عنه هيل راغبة بتحقيق إنجاز ما في هذا الملف في سياق عمل الحكومة الجديدة.

3 – أزمة النازحين السوريين وانعكاساتها الضاغطة على لبنان اقتصادياً واجتماعياً حيث استمع إلى وجهة نظر لبنان حول هذا الملف الذي تعتريه الكثير من الأسئلة والتي تكونت بشأنها قناعة لبنانية باستحالة استمرار الوضع على ما هو عليه، خصوصاً وأن عدداً كبيراً من السوريين باتوا يغادرون إلى بلادهم. وإلى الملفات الثلاثة حضر الحراك الشعبي في الساحات حيث أعطى باسيل الحق للناس في التعبير عن رأيها وأن ما تقوله محق لناحية المطالبة بالإصلاحات التي يجب أن تنجز ولم تنجز بعد وأن الأزمة الراهنة مردها إلى تراكم أخطاء وسياسات مالية ونقدية خاطئة أدت إلى انفجار الوضع. وفق المصادر عينها، أظهر اجتماع هيل مع باسيل، أن “ثمة اعترافاً أميركياً بوجود باسيل كلاعب أساسي على ساحة القرار الوطني، حيث تم التعاطي معه بما يعكس الواقعية السياسية للأميركيين في التعامل مع الملفات”.

أبدى “الوطني الحر” ارتياحاً كبيراً للأجواء التي سادت زيارة هيل إلى باسيل، للوضوح الذي اتسمت به ولغة الحوار التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأميركية حول مجموع الأزمات اللبنانية. وكان لافتاً إصغاء الضيف الأميركي واهتمامه بتفاصيل الموضوعات التي طرحت على طاولة البحث.

رغم كل ما تقدم تقول المصادر المطلعة إنّ الأجواء الايجابية التي سادت بفعل زيارة الموفد الاميركي لا تعني وقف العقوبات الأميركية بحق مزيد من الشخصيات اللبنانية متحدثةً عن السياسة البراغماتية أو مدرسة الواقعية السياسية التي ينتمي إليها ديفيد هيل والتي لا تلغي وجود رأي آخر أكثر تشدداً حيال لبنان لدرجة رفض مساعدته، معربةً عن ثقتها بأنّ لبنان لا يحتل صدارة الاهتمام الاميركي في الوقت الراهن “وإلا لكنا رأينا الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتدخل مباشرة في المشهد اللبناني ولو بتغريدة على تويتر”.