IMLebanon

العاصفة “لولو” ووجع في صيدا القديمة

كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن”:

“كلنا على الحديدة في السنة الجديدة”، جملة تختصر هواجس ومخاوف تجتاح أذهان اللبنانيين وهم يمضون الأيام الأخيرة من العام 2019. بعضهم فقد الأمل في التغيير بعد أكثر من سبعين يوماً من الحراك الاحتجاجي الذي عصف بلبنان، مع تكليف الدكتور حسان دياب تشكيل الحكومة العتيدة، والبعض الآخر ينتظر خروج نور من النفق المظلم.

وتعتبر الطبقات الشعبية وذوو الدخل المحدود في مدينة صيدا، الأكثر تضرراً بالأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يرزح تحت وطأتها لبنان، نزلوا الى “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا” منذ اليوم الأول لاندلاع الحراك في 17 تشرين الأول، ونظّموا نشاطات وإضرابات واعتصامات، ولكنهم لم يحصدوا ثمارها لا بل غرقوا في أتون الغلاء وارتفاع الأسعار، وانعدمت القدرة الشرائية وفقدت السيولة المالية وكأن المطلوب أن يدفعوا ثمن “انتفاضتهم”.

يقول الناشط في الحراك عمر المغربي لـ”نداء الوطن”، إنّ “الاحباط بدأ يتسلل إلى نفوس البعض ولكننا لن نستسلم وسنبقى حاضرين في الساحات كلما تدعو الحاجة”، موضحاً أنّ “سبب تراجع المحتجين في “ساحة الثورة” يعود إلى عدة أسباب أولها العاصفة وبرودة الطقس والأمطار الغزيرة، وثانيها عطلة الأعياد المجيدة وقرب نهاية العام، وثالثها مرحلة انتظار تأليف الحكومة لمعرفة نوعها ولونها ومن فيها”، مؤكداً أنّها “استراحة المحارب وسريعاً ما ستعود لتنبض بالحركة والاحتجاج”.

ديون وانهيار

على مسافة مئات الأمتار من الساحة، تبدو آمال أبناء صيدا القديمة، “ولاد البلد”، كما يحلو للصيداويين مناداتهم، أكثر تفاؤلاً من ذي قبل، صحيح أنهم يردّدون أنّ “عدد سكان لبنان بات 4 ملايين مديون”، ولكنهم في الوقت نفسه يؤكدون أنّ “عقارب الساعة لن تعود الى الوراء”، وفق ما يقول الحاج علي الاسمر لـ”نداء الوطن”، الذي يضيف أنّ “الناس عرفت الطريق الصحيح للتغيير وهي في سباق مع الزمن، ورهانها على تشكيل حكومة انتقالية ووقف الهدر ومحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة وانقاذ البلد من الانهيار قبل فوات الأوان، أوان الافلاس”.

في أجواء العاصفة “لولو”، يبدو مشهد المدينة أكثر هدوءاً. يلزم أبناؤها منازلهم اتقاء للبرد، ولكنّ صوت الحاجة نفيسة عكرة التي تخطت العقد السابع من عمرها، له صدى الوجع المخيّم على الأحياء الضيقة التي تظلّلها قباب القناطر، وقد انهار جزء من سقف منزلها في محلة باب السراي وقد حالت العناية الإلهية دون وقوع إصابات.

وتؤكد أن المنزل الذي تقطنه يعاني الكثير من التشققات التي تجتاح جدرانه وسقفه، وقد ناشدت مرّات عدة المسؤولين والمعنيين والشركة الفرنسية التي قامت بترميم عدد من بيوت صيدا القديمة، لتقديم المساعدة لهذه العائلة ولكن من دون أي تجاوب.

خارج أسوار المدينة القديمة، حضرت العاصفة “لولو” بقوة، أمطار غزيرة وتدن في درجات الحرارة ورياح قوية وارتفاع في امواج البحر، ما أدى الى شل حركتي الملاحة في مرفأ المدينة ومرفأ الصيد البحري. غير أنّ الصيداويين لا يخفون فخرهم بأن البنى التحتية في المدينة تجتاز كل شتاء امتحاناً جديداً، تكاد تكون الأفضل بين المدن في لبنان، من دون أي مشاكل في المستنقعات أو انسداد المجاري وطوفان الشوارع.

وقذفت أمواج البحر العاتية حممه من الحصى والرمول على الكورنيش البحري القديم، وقد أدت ليلاً الى قطع السير لبعض الوقت، فعملت فرق بلدية صيدا على ازالتها سريعاً، فيما تولت قوى الامن الداخلي تنبيه المارة.

وبعيداً من برودة الطقس، حملت أعياد الميلاد دفئاً لافتاً، إذ جمعت صورة التهاني نائبي المدينة بهية الحريري واسامة سعد، إضافة الى النائب سليم الخوري وفاعليات روحية اسلامية وحزبية واجتماعية واقتصادية، خلال تقديم التهاني الى راعي ابرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الكاثوليك المطران ايلي الحداد، وراعي ابرشية صيدا ودير القمر للطائفة المارونية المطران مارون العمار، في مشهد لم يخلُ من دردشات جانبية وابتسامات.