IMLebanon

حكومة حسّان دياب من 18 اختصاصيّاً… خلال أيام

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

 

يقلّل رئيس الحكومة المكلف حسّان دياب من كلامه، ويُكثر في المقابل من مشاوراته، التي يبقى معظمها بعيداً من الإعلام. يفضّل عدم الدخول في سجالات منبرية قد تدخله في زواريب هو بغنى عنها في هذه اللحظات الدقيقة، ولذا تراه بعيداً من الميكروفونات، مركزاً جهوده على طبخة الحكومة، التي قد تسمح لها الظروف في دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية كأسرع حكومة أبصرت النور.

ولكن هذا لا يعفيه من دفع ضريبة الأكلاف السياسية التي سيتكبّدها دياب وحكومته، نتيجة الأزمات والعوائق التي تنتظره، والتي قد تجعل مسيرة حكومته، الأصعب، إن لناحية المعارضات التي ستواجهه، بشقيها السياسي و”الحراكي”، أو لناحية التحديات المالية والاقتصادية التي قد تؤدي إلى سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع… في ظل حالة لامبالاة دولية قد تحول دون مدّ يد العون من أي جهة خارجية مؤثرة.

عملياً، يحاول رئيس الحكومة المكلف، بالتكافل والتضامن مع القوى السياسية الداعمة له، الاستثمار في الوقت المستقطع الحاصل خلف الحدود حيث تتسارع وتيرة المشاورات والمفاوضات التي من شأنها أن تعيد رسم حدود المنطقة ومناطق النفوذ الدولية فيها.

وفق بعض من يلتقي دياب، فإنّ الرجل لا ينام على وسادة حريرية قد ترفع عن منكبيه أثقال المصاعب التي تنتظره، لكنه يتصرف بمعنويات مرتفعة، مثيرة للجدل، على أساس أنّ ثمة عيناً دولية تراقبه ولذا هو يدرس خطواته جدياً ويحسب حساباً لكل نقلة سيقوم بها. صحيح أنّه لا يملك ترف الدعم الخارجي، لكنه في المقابل لا يعاني من ممانعة دولية قد تجعل مهمته مستحيلة، ولو أنّ الإدارة الفرنسية تحاول التذكير دوماً بحرصها على تخطي لبنان أزمته المستعصية من خلال “حكومة فعالة تساعد على اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة وتتولى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة”.

إذاً، هو في منزلة بين المنزلتين. وسيحاول على هذا الأساس إحداث الخرق، خصوصاً وأنّ المنطقة تشهد حالة من الأخذ والردّ بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية.

على هذا الأساس يبدي الرجل استعجاله لوضع تشكيلته على طاولة رئيس الجمهورية ميشال عون لإصدار مراسيمها بأسرع وقت ممكن كي تبدأ مهمتها الصعبة، وهو المتأكد أنّ جبهة المعارضة التي ستواجهه في الداخل لا تقل صعوبة عن المناخات الدولية المعقّدة التي تحيط بالمنطقة.

في هذه الأثناء، يتحضّر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لتمضية عطلة الأعياد خارج البلاد، على أن يعود مطلع العام بعد أن يكون قد انتقل فعلياً إلى صفوف المعارضة، مكرهاً وليس بطلاً. لا خيارات أمامه سوى الارتماء في حضن طائفته لاستعادة بعض ما أضاعه في زواريب التسوية الرئاسية.

يصرّ تيار “المستقبل” على التأكيد أنّه ليس في وارد النزول إلى الشارع، لكنّ كل المؤشرات تدلّ على أنّ “التيار الأزرق” ملزم باللجوء إلى الضغط الشعبي كي يحصّن موقعه المستقبلي. صحيح أنّ دياب ليس من صنف الزعامات التقليدية التي قد تقضم من طبق الحريري، لكن الرجل أثبت أنّ طموحه بلا حدود، وقد يسعى من خلال توليه رئاسة حكومة المهمات المستحيلة إلى توثيق سجلّ نظيف قد يدخله نادي رؤساء الحكومات الثابتين، وليس الاحتياط… لعلّ وعسى. حتى أنّ رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يعيد ترتيب حساباته ويقيسها بميزان الجوهرجي بحثاً عن موقع يقيه شرّ العواصف الخارجية، وتقلّبات مناخها، في حال رست على تسوية ما، من شأنها أن تبدّل المشهد اللبناني رأساً على عقب.

ولهذا فإنّ الاختبار الأول لرئيس الحكومة المكلف يكمن في طبيعة الأسماء التي سيقدمها لحكومته، ليتفادى قدر الامكان اعتراض الحراك الشعبي الذي يقف له بالمرصاد، خصوصاً وأنّه سيكون مقدّراً لهذه الحكومة أن تتخذ قرارات غير شعبية استثنائية لتلافي الغرق في الانهيار الذي وقع…

سياسياً، يواجه دياب “الهوى السياسي” المطلوب للحكومة، لا سيما من جانب الثنائي الشيعي حيث عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري ولمّح إلى امكانية تسلل أسماء ذات لون سياسي إلى التشكيلة متسائلاً أمام زواره: “أين المشكلة في أن يكون الوزراء اختصاصيين وحزبيين في الوقت نفسه، كما يحصل في كل العالم… وفي أرقى الديموقراطيات يشترك حزبيون وتكنوقراط في مجلس الوزراء الواحد. ‏وتستطيع الأحزاب أن تقدم وجوهاً شفافة وخبيرة وقادرة على تولي إدارة الوزارات”. الموقف نفسه أيضاً قاله الوزير محمد فنيش الذي اعتبر أن “الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، وعليه، فإننا ندعو ‏إلى مشاركة واسعة من الجميع”.

وفق المعلومات، فإنّ رئيس الحكومة المكلّف نجح في الوصول إلى تفاهم مع الرئيس بري الذي التقاه أول من أمس بعيداً من الاعلام، وقد خرج الضيف مرتاحاً لنتائج اللقاء كما تفيد المعلومات، وتحديداً لجهة احترام المعيار الأساسي الذي يضعه للتأليف: وزراء اختصاصيون.

كما عقد دياب خلال الساعات الأخيرة سلسلة لقاءات مع شخصيات وقوى سياسية بغية التداول معها في بعض أسماء تشكيلته التي يبدو أنّها استقرت على 18 وزيراً (4 سنة، 4 شيعة، درزي واحد، 4 موارنة، 3 أرثوذكس، كاثوليكي واحد وأرمني واحد)، ويفترض أن تضم ست وزيرات. وسيكون من ضمن عديدها أربعة وزراء سابقون غير حزبيين ولكن ذوو تجربة سياسية، فيما تمّ حسم هوية الوزراء السياديين.