IMLebanon

“تابو” الحوالات… أكشفوا المستور!

باختصار… المطلوب لائحة مفصّلة بكل الحوالات المصرفية تفنّد الأموال التي خرجت من لبنان في الأشهر الثلاثة الأخيرة. ففي الوقت الذي تقطّر فيه المصارف المودعين حقوقهم بالقطّارة، وتدفعهم للوقوف في الطابور أسبوعياً بانتظار دفعة “الإعاشة”، تفيد المعطيات المتوافرة بأنّه جرى بالفعل تحويل مليارات الدولارات من المصارف اللبنانية إلى الخارج في الأشهر الثلاثة التي سبقت إنفجار الأزمة، وصولاً إلى إجراء بعض التحويلات خلال فترة إقفال المصارف لأسبوعين متتاليين مع اندلاع ثورة “17 تشرين”.

عملية التهريب الفاضحة التي استنزفت الإقتصاد الهزيل وأضعفت ميزانية المصارف وما تركت لصغار المودعين وأصحاب الرواتب الموطّنة سوى فتات الأموال، ما زال يجري التستر عليها بحجج واهية تستخفّ بعقول المواطنين، فيما الواجب الوطني بات يقضي أكثر من أي وقت مضى بأن يصار إلى كسر هذا “التابو” وكشف المستور، لا أن يخرج على المودعين من يُفترض أنهم مؤتمنون على جنى عمرهم بالقول لهم إنهم لا يعلمون شيئاً عن هذه التحويلات، وسط حملات مكشوفة لتسخيف الحديث عن عمليات تحويل أموال إلى الخارج، والاكتفاء بمحاولة تنفيس غضب الشارع عبر عبارة: “سنفتح تحقيقاً في الموضوع”.

عن أي تحقيق يتحدثون والكل يعلم أنه “بكبسة زر” في عصر المعلوماتية يمكن تبيان كل “سنت” تم تحويله من وإلى لبنان، لا سيما وأنّ اللبنانيين أُشبعوا طيلة العقد الماضي محاضرات ومؤتمرات وتصاريح عن قدرات المصارف وموافقتها أرفع الشروط والمواصفات العالمية، فضلاً عن التعاميم المتعلقة باقتصاد المعرفة… فما الذي يمنعكم من أن تكشفوا المبالغ المهربة وأصحابها والوجهات التي ذهبت إليها؟ التحويلات بطبيعة الحال لم تُحمّل في شنط جلدية ولم توضع في علب كرتونية أو صناديق خشبية وتخرج من الأبواب الخلفية للمصارف وتُهرّب في شاحنات مغلقة إلى خارج الحدود، بل بالتأكيد جرى تحويلها عبر نظام الكتروني يُظهر بدقة وبالتفصيل المملّ كل العمليات التي أجريت في الزمان والمكان والتوقيت؛ وهذه معلومة يعرفها أصغر موظف مصرفي.

إذاً، لماذا التذرع بحق المودعين بتحويل أموالهم إلى الخارج وعدم وجود قوانين تمنعهم، بينما على أرض الواقع تثار الشبهات حول عدم منح هذا الحق إلا لبعض النافذين والسياسيين والمقربين من أصحاب المصارف، في الوقت الذي يعاني فيه اللبنانيون والمقيمون، تحت طائل حظر التحويلات، من شحّ في الدواء والقمح، بينما تعجز الصناعة الوطنية عن تأمين المواد الأولية وتفقد المستشفيات المستلزمات الطبية، ويضطر الفقراء والمعدمون إلى شراء أبسط الحاجات بزيادة أكثر من 30 في المئة على فاتورة التسعير.

أيهما أحق بهذه الأموال بعض النافذين الخائفين على أموال جُمعت من السمسرات وعمليات الغش والفساد والمتاجرة، أم الشعب اللبناني الرازح منذ عشرات السنين تحت “لا رحمة” جشع السمسرات والغش والفساد والمتاجرة؟ الشفافية تقضي اليوم بكشف الحقيقة كاملة، والأولوية لأي حكومة يجب أن تنصبّ على إدراج وملاحقة واسترجاع الأموال المهرّبة، باعتباره يجب أن يكون البند الأول المفروض وضعه على رأس سلم أولويات أي بيان وزاري مقبل… هذا هو المطلب الأول للشعب اللبناني الثائر الذي يريد استرجاع أموال دولته المنهوبة.