IMLebanon

الحكومة أصيبت بعطب قبل التأليف باعتبارها من لون واحد

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

يخشى أن يؤدي تشكيل حكومة اللون الواحد والمؤلفة من القوى السياسية الرئيسية الثلاث المنضوية في إطار المحور الإيراني إلى ردّات فعل سلبية محلية وإقليمية ودولية

الحكومة الجديدة المرتقب تأليفها في غضون الأيام القليلة المقبلة إذا صحت التوقعات السياسية بهذا الخصوص، اصيبت بعطب كبير قبل عملية التأليف، ما يجعل انطلاقتها متعثرة ومسيرتها صعبة وغير قادرة على القيام بمهمة إنقاذ لبنان من أزمة الانهيار المالي والاقتصادي التي تتهدده حالياً.

لأن القوى السياسية الأساسية «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار العوني» التي ايدت تسمية الرئيس المكلف د. حسان دياب لرئاسة الحكومة في مواجهة القوى السياسية الأخرى التي عارضت وامتنعت عن التسمية اعطت صبغة اللون الواحد للحكومة الجديدة وهذا يعني انها حكومة تمثل هذه القوى السياسية المنضوية في الحلف «الايراني» المواجه للدول العربية والخليجية تحديداً والولايات المتحدة والغرب عموماً في المنطقة العربية في الوقت الذي كان يفترض فيه اشراك باقي القوى السياسية الأخرى أو القسم الأكبر منها في تسمية رئيس الحكومة الجديدة وعملية التأليف شكلاً ومضموناً ولالتزام سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن سياسة الاحلاف والصراع الإقليمي الدائر بالمنطقة على اشده.

فلبنان بحاجة في الوقت الحاضر إلى حكومة تضع في اولوياتها خطة متكاملة للانقاذ المالي والاقتصادي وترتكز على الحصول على سلّة من القروض والهبات والمساعدات الدولية والعربية السريعة لمساعدة الاقتصاد اللبناني على التعافي من جديد والخروج من حالة الجمود بالتزامن مع رفد الأسواق اللبنانية بالسيولة المطلوبة لإعادة الحركة المالية والمصرفية والتجارية إلى طبيعتها المعهودة.

ويخشى ان يؤدي تشكيل حكومة اللون الواحد والمؤلفة من القوى السياسية الرئيسية الثلاث المنضوية في إطار المحور الإيراني إلى ردّات فعل سلبية محلية وإقليمية ودولية، ما يؤدي إلى انكفاء الدول الصديقة والمجتمع الدولي عن تقبل مثل هذه الحكومة والتعاطي معها بحذر أو عدم تجاوب وانفتاح ورفض مساعدة لبنان، لا سيما وان تجربة حكومة اللون الواحد في العام 2010 لم تكن مشجعة إطلاقاً، وإنما أدّت إلى تكريس سياسة الانقسام الداخلي وتحريك الاضطرابات، وإلى مقاطعة لبنان عربياً وانكفاء المجتمع الدولي عنه، وما زالت مؤثرات وسياسة هذه الحكومة ماثلة للعيان حتى اليوم.

فلا تسمية رئيس للحكومة كونه نائب رئيس الجامعة ببيروت يغطي تحكم هذه القوى السياسية التي ايدت تسميته لرئاسة الحكومة، بمفاصل وسياسة الحكومة الجديدة، ومقدراتها أو منع انزلاقها في سياسة المحاور التي تنخرط فيها هذه القوى بالرغم من كل الوعود المنمقة التي ترافق عملية التكليف، ولا تبديل الوزراء يحجب تركيبة الحكومة الحقيقية وأهدافها في النهاية.

لذلك، يخشى ان تكون خطوة تشكيل الحكومة الجديدة على هذا النحو، خطوة لكسب مزيد من الوقت الضائع وباتجاه المجهول، في حين ان المرحلة الصعبة والحساسة تتطلب حكومة من لون مختلف ومن تركيبة  مختلفة بالشكل والمضمون، حكومة تحوز على ثقة الداخل والخارج على حدّ سواء، لأن هذه الثقة هي أساسية لتقبل الانفتاح والحوار وبدء المعالجات الفورية المطلوبة بأسرع وقت ممكن كسباً للوقت وتفادياً لمزيد من التدهور نحو الأسوء.

فالثقة المطلوبة يعني حكماً غياب الوجوه والواجهات لوزراء وجهات سياسية فاسدة وفاشلة في الأداء السياسي والسلطوي، والجهات الحزبية التي  تشكل استفزازاً للداخل والخارج معاً ولا سيما المنخرطة حالياً في الصراعات والاحلاف الإقليمية لـ«حزب الله» على وجه التحديد، والمرفوضة محلياً وخارجياً بفعل الأداء السياسي المنحاز «التيار العوني» وهو  ما ظهر بوضوح خلال الانتفاضة الشعبية التي عمّت لبنان منذ  السابع عشر من تشرين الأول الماضي، وبالطبع  فإن تسمية القوى السياسية الثلاث «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار العوني» لرئيس الحكومة الجديد وم شاركتها الفاعلة في تأليف الحكومة المرتقبة، يعني استمرار وجود  هذه القوى في التشكيلة العتيدة، الأمر الذي سينتج عنه حتماً الاعتراض عليها و التحسس بالانفتاح تجاهها والتعاطي معها بإيجابية، لا سيما بعد سلسلة من الملاحظات والاعتراضات المسبقة على استنساخ حكومة جديدة لا تحظى بالثقة ولا تبعث على الاطمئنان للمباشرة عملياً بعملية دعم ومساعدة الاقتصاد اللبناني والمقبل على أزمة كارثية.

فإذا استمر التشبث بهذا النوع من الحكومات القديمة الجديدة ولم يؤخذ بالمتغيرات والمطالب الملحة بتشكيل حكومة توحي بالثقة فعلياً وليس شكلياً، فإن الحكومة المرتقبة لن تستطيع القيام بالمهمات المنوطة بها، وستكون حكومة «معطوبة» بالفعل بتركيبتها والجهات التي دعمت تشكيلها وهذا بالطبع لن يكون في صالح إنقاذ لبنان من ازمته، بل سيطول الأمر أكثر مما هو متوقع في حسابات البعض.