IMLebanon

ملامح تشكيل الحكومة اللبنانية: أسماء جديدة لمسميات قديمة

يتابع المراقبون في لبنان ما يمكن للتصعيد الأميركي الإيراني، إثر اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، أن يكون له من تداعيات مباشرة على عملية تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب.

وفيما يرى البعض منهم أن الحدث قد يؤخر عملية التشكيل بانتظار انقشاع ضباب هذه المرحلة وتأثيراتها على موازين القوى في المنطقة، يرى آخرون أن الحدث قد يسرّع من عملية التأليف بغية قطع الطريق على أي بدائل قد تهدد قوة نفوذ حزب الله في لبنان.

وكانت المعلومات، بعد اجتماع دياب مع وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل، قد أوحت بالإيجابية، لاسيما أن باسيل نفسه كان قد أعلن قرب ولادة الحكومة.

ويلفت مراقبون إلى أن التسريبات حول هذا الشأن تفيد بأن رعاة دياب السياسيين قد اتفقوا على الصيغة المثلى لإرضاء التيارات السياسية المتحالفة مع حزب الله. وتسعى هذه الصيغة للحفاظ على حدود دنيا من التوازن الطائفي، على أن تشكل الوجوه الجديدة صدمة يراد لها أن تكون إيجابية علّها تخفف من احتقان الشارع المنتفض منذ أكثر من شهرين في لبنان.

وكانت المعلومات قد رجحت ولادة الحكومة قبل الاثنين المقبل، إلّا أن التطورات الدراماتيكية في العراق قد تدفع إلى تعديل في توقيت هذا الإعلان.

وتتخوف بعض المراجع السياسية أن تكون الحكومة الجديدة عنوانا للضغوط التي يمكن أن يمارسها المجتمع الغربي على إيران في حال تمدد التوتر العسكري الحالي باتجاه لبنان، ولو عن طريق التهديد.

رعاة حسان دياب السياسيون اتفقوا على الصيغة المثلى لإرضاء التيارات السياسية المتحالفة مع حزب الله
ويرى هؤلاء أن دياب الذي يعمل على تقديم تشكيلة حكومية تقبل بها الدول المانحة قد تجابه بعدائية كاملة من هذه الدول، خصوصا وأن هذه الحكومة لا تمتلك الحصانات الكافية التي تمكنها من حماية لبنان من أزمة دولية خطيرة من هذا النوع.

وكانت آخر المعلومات قد تحدثت عن أن الحكومة ستضم 18 وزيرا موزعين على الطوائف وفق التقليد النصفي بين المسلمين والمسيحيين، على أن تحتفظ بعض الطوائف بوزاراتها داخل تشكيلة حكومة سعد الحريري المستقيلة مع تغيير في وجوه الوزراء.

وقالت المعلومات إن حزب الله سيحتفظ بوزارة الصحة (على الرغم من المعارضة الأميركية السابقة على الأمر بما أثر على برامج التعاون الأميركي مع الوزارة)، لكنه سيستبدل الوزير الحالي جميل جبق، وهو طبيب، بطبيب آخر من منطقة البقاع وصف بأنه مستقل غير حزبي. وتضاربت المعلومات حول هوية وزير الحزب الثاني بانتظار حسم اسم حقيبته. وقالت المعلومات إن رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل سيتخلى عن توزير، مساعده للشؤون السياسية، الوزير علي حسن خليل لوزارة المالية، لصالح المختص في الشؤون المالية غازي وزني. فيما سيختار شخصية بقاعية لتولي وزارة الزراعة.

والظاهر أن دياب ذاهب إلى تجاوز الضغوط التي تمارسها مراجع الطائفة السنية وأن 3 شخصيات سنية (إضافة إلى دياب) ستدخل حكومته. وعلم أن من سيتولى وزارة الداخليّة هو القاضي فوزي فيما ستسند وزارة الاتصالات إلى عثمان سلطان الذي كان يتولى سابقا منصب الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الإماراتية “دو”، علما أن خبرته في هذا القطاع تعود إلى 30 عاما، وفي أكثر من دولة.

وفيما أثيرت في الأيام الأخيرة عقدة التمثيل الدرزي، بحيث اجتمعت شخصيات سياسية متعارضة مثل وليد جنبلاط ووئام وهاب وطلال أرسلان وشيخ العقل على التنبيه من غبن قد يصيب الطائفة الدرزية، تحدثت معلومات عن اتفاق على تولي الدكتور رمزي مشرفيّة بصفته شخصية درزية مستقلة، مع رفض لوزارة البيئة التي تتجنّبها غالبيّة القوى السياسيّة.

ومع ذلك فقد غرّد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال وائل أبوفاعور، المقرب من جنبلاط، معتبرا أن “الحكومة المقبلة ستكون حفلة تنكرية بامتياز، أسماء جديدة لمسميات قديمة، العقل الاستبدادي الجشع نفسه يتحكم بالتأليف، يزيدون مكاسبهم بحقائب إضافية، يزدرون المكونات الوطنية المؤسسة بحقائب ثانوية، ويتذاكون على مطالب المواطنين بالحراك. أسقطنا محاولات التحجيم والإلغاء سابقا وسنسقطها في المستقبل”.

 

ووسط غموض يكتنف هوية التمثيل المسيحي تردد اسم رئيس جمعية الصناعيين السابق جاك صراف لوزارة الصناعة، كما تردد اسم رجل الأعمال وديع العبسي لدخول الحكومة. وجرى تداول أسماء عديدة في الساعات الأخيرة تمّ نفي بعضها من قبل التيار الوطني الحر، مع العلم أن التيار ما زال يروج بأنه داعم لوزراء اختصاص مستقلين. ويتمسك رئيس التيار جبران باسيل بهذه الحجة لتبرير موقفه قبل أسابيع برفض المشاركة في حكومة يترأسها الحريري واشتراطه خروج الأخير من الحكومة ليقبل الخروج من الحكومة الجديدة.

ولم يظهر حتى الآن من الذي سيتولى وزارة الأشغال التي سيحتفظ بها تيار المردة بزعامة الوزير الأسبق سليمان فرنجية. ورجحت المصادر أن يتمثل حزب الطاشناق الأرمني بسيدة هي فارتي كيشيشيان المتخصصة في علم الاجتماع لتولي حقيبتي الإعلام والثقافة.

وتقول بعض المصادر أن العراقيل الكبرى التي أثارتها أحزاب 8 آذار قد زالت، وأن ما قد يؤخر إعلان الحكومة هو حالة التريث التي فرضها الحدث العراقي بعد اغتيال سليماني. ورجحت المصادر جلاء الصورة خلال الساعات المقبلة بعد وضوح الصورة في طهران وواشنطن وكذلك وضوح المواقف الدولية بشأن الأزمة الحالية، وبالتالي تداعياتها اللبنانية.

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد عبرت، الجمعة، عن قلقها ممّا حصل في بغداد وأعلنت في بيان أنها “تدين عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها اللواء قاسم سليماني والحاج أبومهدي المهندس ورفاقهما، وتعتبرها انتهاكا لسيادة العراق وتصعيدا خطيرا ضد إيران من شأنه زيادة التوتر في المنطقة”.

‏وأكد البيان أن “لبنان يشجع دوما على تغليب منطق الحوار وضبط النفس والحكمة لحل المشاكل بدلا من استعمال القوة والعنف في العلاقات الإقليمية والدولية كما تدعو إلى تجنيب المنطقة تداعيات الاغتيال وإبعاد لبنان عن انعكاسات هذا الحادث الخطير، لأنه أحوج ما يكون إلى الاستقرار الأمني والسياسي لتأمين خروجه من الأزمة الاقتصادية والمالية ‏الخانقة”.