IMLebanon

قلق في لبنان بعد تهديدات نصرالله.. وباسيل يستغل تخبط حزب الله

لم يستفق حزب الله بعد من صدمة اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني وهذا ما انعكس بشكل واضح على أدائه حيال الأزمة الداخلية في لبنان. وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن الحزب توقف في الأيام الأخيرة عن التدخل في شأن تشكيل الحكومة مفسحا بذلك المجال للاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف حسان دياب في هذا الشأن.

وأضافت المصادر أن رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، يسعى في غياب تدخل حزب الله إلى محاولة التأثير مباشرة على شكل وطبيعة الحكومة العتيدة، وأن ما يتم تداوله عن خلاف مع الرئيس المكلف حول وزارتي الخارجية والطاقة، ليس سوى نتيجة لغياب السلطة الناظمة التي لطالما مارسها الحزب لحسم الأمور.

وكانت معلومات تحدثت عن محاولات دياب الاتصال بحزب الله لاستمزاج رأيه في العقبات الحالية التي تحول دون ولادة الحكومة، وأن عدم وجود رد من الحزب أعطى انطباعا بأن الحزب في حالة تريث، وربما تخبط، بانتظار ما ستقرره إيران من تموضع بعد مقتل قائد فيلق القدس الجنرال سليماني.

وتقول تسريبات إن باسيل يعوّل بعد خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأخير، الأحد، والذي هدد فيه برد من قبل “محور المقاومة” لإخراج الوجود الأميركي من المنطقة، على إسقاط الحزب لحكومة التكنوقراط المستقلين التي يريدها دياب باتجاه “حكومة مواجهة” سياسية.

وتضيف تلك التسريبات أن حكومة من هذا النوع تتيح لباسيل استعادة موقعه الحكومي كما حضور تياره السياسي على حساب حضور التيارات السياسية المنافسة، والتي قد تدرج هذه الأيام في خانة التحالف مع واشنطن.

وعلى الرغم من ورود معلومات أكدت أن الحزب أكد لدياب أن لا تغيير في موقف الحزب والثنائية الشيعية لجهة دعم جهوده في تشكيل الحكومة التي يسعى إليها، رأى مراقبون إن إطلاق يد باسيل، الحليف المخلص للحزب، يؤشر بأن حزب الله ليس مستعجلا على تشكيل الحكومة وليست من أولوياته في الأجل القصير، وأن تعقد الأمور إقليميا ودوليا لا يدفع إلى ولادتها إلا إذا حصلت مفاجآت في الساعات المقبلة.

وترى مصادر دبلوماسية في العاصمة اللبنانية أنه لا يمكن استشراف الأمور في لبنان دون متابعة حثيثة لما يجري وسيجري في العراق، خصوصا بعد تصويت مجلس النواب العراقي الأحد على قرار يحث الحكومة على إنهاء العمل بالاتفاقيات التي تقنن وجود القوات الأجنبية في البلد. وتضيف المصادر أن تشكيل حكومة في لبنان قد لا يتسق مع السياق الحالي الذي تمر به المنطقة لجهة التخوف من نشوب حرب كبرى بين إيران والولايات المتحدة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الخلاف حول حقيبتي الطاقة والخارجية قد لا يتعلق فقط بطموحات باسيل وحصة تياره، بل أن الحقيبتين أساسيتان في مقاربة العلاقة مع المجتمع الدولي في هذا الوقت بالذات في ما يتعلق بوزارة الخارجية، وفي مقاربة ملف الغاز الذي بات الشغل الشاغل لدول شرق البحر المتوسط قاطبة. وتخلص المصادر إلى أن من يمسك بالحقيبتين يمسك بمفاتيح أساسية دولية راهنة.

ويسود تخوف داخلي لبناني من تداعيات التهديدات التي أطلقها نصرالله ضد الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. صحيح أنه دعا “محور المقاومة” في كل المنطقة للرد، إلا أن صدور التهديد عن مسؤول لبناني ومن لبنان يسلط المجهر على ما يمكن أن يقوم به حزب الله نفسه، كمثال يحتذى، ضد الحضور العسكري للولايات المتحدة في المنطقة، وربما في لبنان نفسه.

ويزداد التوتر في هذا السياق من خلال أنباء تحدثت عن أن واشنطن تحرك قوات لها من إيطاليا إلى المنطقة، وأن البنتاغون سيرسل قوات أميركية قد يصل تعدادها إلى 700 ضابط وجندي إلى لبنان، تحت مسوغ حماية السفارة الأميركية في منطقة عوكر في لبنان. وسيضاف هذا العدد إلى حضور عسكري أميركي آخر متواجد في قواعد رياق وحامات وعمشيت بغرض تدريب الجيش اللبناني على استخدام أسلحة قدمتها واشنطن للجيش اللبناني.

ولا تريد الإدارة الأميركية تكرار كارثة تفجير السفارة الأميركية في عين المريسة في بيروت والذي جرى في أبريل عام 1983، كما لا تريد تكرار كابوس تفجير ثكنة لقوات المارينز في أكتوبر من نفس العام. وفيما تمت التفجيرات في ذلك العام بواسطة انتحاريين، فإن نصرالله في خطابه الأخير أثار مسألة وجود الآلاف من الانتحاريين الجاهزين للرد على مقتل الجنرال سليماني.

ويرى خبراء أن واشنطن التي لطالما آثرت التراجع أمام التهديدات الإيرانية، تعمل هذه الأيام على انتهاج استراتيجية هجومية من خلال إرسال قوات إلى المنطقة وإلى لبنان، لتأكيد استمرارية حضورها ومواصلتها ممارسة أقصى الضغوط على طهران وأذرعها.

وتعتبر مصادر برلمانية لبنانية أنه لا يمكن للبنان أن ينأى بنفسه عن هذه التطورات التي قد تغير المشهد الإقليمي برمته، وأنه بالتالي سيكون سرياليا تشكيل حكومة تلبي حاجات حزب الله وحلفائه كما حاجات الشارع المنتفض، وأن تأخير تشكيل الحكومة قد يكون بات مطلوبا من الخارج قبل الداخل بانتظار اتضاح معالم العاصفة ومآلاتها.