IMLebanon

الإعلان عن الحكومة اللبنانية رهين التصعيد الأميركي الإيراني

يعكس تأخر تشكيل حكومة في لبنان أجواء توحي بأن الأزمة باتت مرتبطة مباشرة بمآلات العقد الإقليمية التي استجدت على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

وأعرب الرئيس اللبناني ميشال عون، الأربعاء، عن أمله ألّا تؤدي التطورات في المنطقة إلى أي تداعيات على الساحة اللبنانية. وقال عون، خلال استقباله وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للسلامة والأمن جيل ميشو في بيروت، إن “العمل قائم لتحصين الوضع السياسي عبر الإسراع في تأليف الحكومة والحفاظ على الأمن في الداخل وعلى طول الحدود”.

ويطرح عدم تسليم حزب الله وحركة أمل الأسماء النهائية لممثليهما داخل الحكومة الجديدة، أسئلة عما إذا كانت الثنائية الشيعية ما زالت متمسكة بحكومة تكنوقراط، وبرئاسة حسان دياب، أو أن التطورات الإقليمية لاسيما تلك المتجسّدة في الرد الصاروخي الإيراني على اغتيال سليماني، ستتطلب العودة إلى حكومة سياسية، وبرئاسة شخصية سياسية.

ولبنان دون حكومة عاملة منذ استقالة سعد الحريري من منصب رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي وسط احتجاجات تطالب بانسحاب جميع المكونات السياسية من السلطة وتشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية.

واعتبر مسؤول بارز بالأمم المتحدة في لبنان في وقت سابق، أن إبقاء لبنان دون حكومة عمل “غير مسؤول” في ضوء التطورات الإقليمية.

وتصاعدت التوترات في الشرق الأوسط بدرجة كبيرة منذ أن قتلت ضربة جوية بطائرة مسيرة أميركية القائد الإيراني البارز سليماني منسق استراتيجية إيران العسكرية في المنطقة، والتي يرتبط بها حزب الله اللبناني بشكل عضوي.

 

يان كوبيتش: على الزعماء اللبنانيين التحرك لتشكيل حكومة  من دون مزيد من التأخير
وقال يان كوبيش المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان على “تويتر”، إن “إبقاء لبنان دون حكومة تتسم بالكفاءة والمصداقية عمل غير مسؤول في ضوء التطورات في البلد والمنطقة”. وأضاف، “أحث الزعماء على التحرك دون مزيد من التأخير”.

ويتوقع مراقبون أن يطول انتظار تشكيل حكومة جديدة على ضوء تصريح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي قال “يجب تفعيل حكومة تصريف الأعمال لمعالجة الملفات الطارئة إلى حين تشكيل حكومة جديدة”.

وترجح بعض الأوساط أن المداولات الدولية التي “رتبت” صيغة الرد الإيراني على قاعدتي عين الأسد وأربيل اللتين تضمان قوات أميركية، قد تتدخل بشكل ما لترتيب مصير الحكومة في لبنان، وأن عملية تبادل الرسائل والأوراق الجارية بين واشنطن وطهران ستجعل من لبنان ساحة يصار داخلها تظهير تفاهمات المرحلة.

وتداولت الأوساط السياسية أنباء عن أن التيار الوطني الحر يسعى لأن يحصل مع رئيس الجمهورية على الثلث المعطل، وأن وزارة الخارجية والدفاع والطاقة يجب أن تكون من حصة التيار، علماً أن هوية وزير الخارجية بالذات يعود البت فيها إلى حزب الله الذي لا يريد وزيرا لا يلتزم بدقة بسياسة الحزب وأجندته كما سياسة إيران عامة.

وعلى الرغم من تداول أسماء الوزراء السنة المحتملين إلا أن اللائحة ليست نهائية ويراد لها أن تتوخى دقة التمثيل المناطقي بين بيروت والشمال وإقليم الخروب، كما أن حصة الدروز ما زالت غير محسومة بين وزير يرضي كافة التيارات السياسية للطائفة يتولى حقيبتين أو رفع الحصة الدرزية إلى وزيرين.

وقالت أنباء إن الوزير الأسبق سليمان فرنجية يطالب برفع تمثيل تياره من وزير واحد، كما كان الأمر في حكومة سعد الحريري المستقيلة إلى وزيرين.

ويشير متابعون إلى أن الاتفاق على الحصص والأسماء، بعد أن تم تجاوز العراقيل الأساسية في الأسابيع الماضية، كان يمكن تحقيقه خلال أيام قليلة، غير أن الحديث عن تأجيل قد يستغرق أسبوعا بعد اجتماع عون مع دياب في بعبدا، يوحي أن الأمر ليس لبنانيا، وأن نضوج الطبخة الحكومية بات يحتاج إلى توافقات جديدة إقليمية دولية. وقال بري إن “المرحلة تتطلّب حكومة لمّ شمل واسعة والوقت ليس للهو بشكلها”.

في المقابل، أوضح مصدر سياسي مطلع أن أمر الحكومة يقرره حزب الله، ومن خلفه إيران التي ستحدد فعليا ما إذا كانت حكومة بيروت المقبلة ستكون حكومة مواجهة سياسية تتسق مع التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصرالله لتحقيق هدف إخراج القوات الأميركية من المنطقة أو حكومة تقطيع المرحلة بانتظار انقشاع ضباب المرحلة الحالية.

ورأى المصدر أن الساعات التي تلت عملية الرد الإيرانية وردود الفعل الدولية عليها ما زالت غير كافية لتحديد الوجهة التي ستذهب إليها الأمور في مسألة الصراع الأميركي الإيراني.

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أنه على بيروت أن تقرأ جيدا الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دمشق، الثلاثاء، كما يجب أن ترصد تفاصيلها، خصوصا لجهة استقبال بوتين للرئيس السوري بشار الأسد (وليس العكس) في مقر قيادة القوات الروسية في دمشق.

وتقول المصادر إن بوتين يقول للعالم من دمشق إن “الأمر لي” في سوريا، وبالتالي فإن من يمسك بقرار سوريا يمسك أيضا بقرار لبنان، أو على الأقل له كلمة في مسار ومصير البلد، وبالتالي مسار ومصير حكومته.