IMLebanon

إستمرار حجز سفراء لبنانيين… “حركة بلا بركة” 

كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:

تطغى التطورات الإقليمية على الساحة اللبنانية، إذ إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال ماضياً في أسلوب المواجهة مع إيران على رغم نيّة طهران التهدئة وعدم الدخول في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة الاميركية.

لا شكّ أن عواصف المنطقة تؤثّر على لبنان، لكن العاصفة اللبنانية قدّ هبّت منذ 17 تشرين الأول ولم ينطفئ نارها بعد، خصوصاً أن السلطة الحاكمة لم تبادر إلى طرح حلول تُرضي الشارع وتنقذ الوضع من الإنهيار.

وعلى رغم الفتور الداخلي لدى الطبقة الحاكمة وعدم اكتراثها بالكارثة التي تضرب لبنان، لا يزال الإستنفار الديبلوماسي سيّد الموقف، إذ إنّ سفراء لبنان في دول العالم وعلى رأسهم سفراء الدول الكبرى لم يغادروا البلدان الموجودين فيها في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة بعدما وصلتهم برقية منذ أكثر من شهر من وزارة الخارجيّة اللبنانية تطلب منهم البقاء في مراكز عملهم في العواصم طوال هذه الفترة العصيبة التي يمرّ بها لبنان وذلك لملاحقة التطورات التي تجري والإبقاء على الجهوزية التامة.

وأمام هذا الإستنفار الديبلوماسي الحاصل في سفارات لبنان في العالم، لا بدّ من القول إنّ كل ذلك لم يترجم وقائع على الأرض، ولا يمكن فصل ما يحصل في الجسم الديبلوماسي عما يحدث على أرض الوطن.

ومنذ اندلاع شرارة ثورة 17 تشرين، يعيش البلد استنفاراً عاماً، ومن الطبيعي أن يتمّ حجز سفراء في مكان عملهم، مثلما تمّ حجز العسكر في كل لبنان وذلك لمواكبة التطورات الحاصلة لأن المرحلة إستثنائيّة وتتطلّب عملاً على نطاق واسع.

لكن هناك عدد من الملاحظات التي تطبع الأداء الديبلوماسي حسب بعض المتابعين لما يحصل، فمعروف مدى تأثّر لبنان بسياسات الدول الكبرى، وأي عمل جيّد يقومون به في عواصم القرار يصبّ في إطار المصلحة الوطنية.

 

لكنّ الحقيقة أن معظم الجسم الديبلوماسي اللبناني المنتشر في العالم لم يقم بأي عمل يذكر من أجل خدمة القضية اللبنانية والشعب، وذلك لأسباب عدّة حسب أحد الديبلوماسيين السابقين، وأبرز هذه الأسباب هي:

أولاً: ما حصل في لبنان هو إنتفاضة شعبية بوجه السلطة الحاكمة، والسلك الديبلوماسي يأخذ تعليماته من هذه السلطة، ويُعتبر السفير موظف دولة، ولذلك فان هامش التحرّك لديه هو قليل جداً ولا يستطيع الخروج عن الإطار المرسوم له.

ثانياً: إن الثورة التي قامت ضدّ الطبقة السياسية الحاكمة طالت في جزء منها وزير الخارجية جبران باسيل، وبالتالي فان المنطق يقول ان باسيل لن يعطي تعليماته للسفراء لشرح وجهة نظر الشعب مما يحصل، بل إنه يحرص على إيصال وجهة نظره.

ثالثاً: وجود انقسام في الجسم الديبلوماسي يشبه الإنقسام الداخلي اللبناني، وهذا الإنقسام ناتج عن أن السياسيين يوزعون السفراء في ما بينهم أثناء التعيينات على أساس طائفي، ولذلك اختلف أداء كل سفير حسب انتماءاته السياسية والطائفية، فمن جهة كانت بعض السفارات اللبنانية الموجودة في الخارج ترحّب بالمغتربين الذين يتظاهرون نصرةً للثورة، في حين أن عدداً من السفراء أبدوا امتعاضهم من التظاهرات، وأكبر دليل على ذلك ما حصل في روسيا وفرنسا، فبينما رحّب سفير لبنان في روسيا شوقي بونصّار بالمتظاهرين أثناء الثورة واستقبلهم واستمع إلى مطالبهم، أبدى سفير لبنان في باريس رامي عدوان إمتعاضه من المتظاهرين في باريس وذلك بسبب ميوله السياسية المعروفة.

رابعاً: تختلف تركيبة لبنان عن تركيبة الأنظمة الموجودة في دول الجوار، وبالتالي إن دور السلك الديبلوماسي مختلف تماماً، إذ إن دعوة البعض إلى حدوث انشقاقات لا يقدّم أو يؤخّر، لأنه لا يوجد في لبنان شخص حاكم أو نظام واحد موحّد، وأي إنشقاق لا يؤثّر على مجريات الوضع.

خامساً: هناك من يعتبر أن لبنان بلد يُحكم من السفارات، أي من سفارات الدول الكبرى الموجودة فيه، وبالتالي فإن هذه الدول ليست بحاجة إلى الإطلاع من السفراء اللبنانيين الموجودين في عواصمها عما يجري في لبنان، لأنها تعرف ما يدور من أحداث أكثر من بعض اللبنانيين أنفسهم، وبالتالي فإن تأثير السفير اللبناني في عواصم القرار محدود للغاية.

وبما أن لبنان دخل نفق الإنهيار، فان دور السلك الديبلوماسي المنتشر في العالم مهم من أجل تأمين النجدة الدولية، من هنا يُفهم الصراع على وزارة الخارجية التي تعتبر وزارة سيادية ويجب أن يتولاها منذ الآن وصاعداً وزير سيادي لا يتبع لأي محور.