IMLebanon

الزوق… نار الثورة تحت الرماد؟

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

في 17 تشرين الأول إنطلقت رحلة نضال قسم كبير من الشعب اللبناني في الشارع، هذه الرحلة لم تتكلّل بالنجاح التام لأن الطبقة السياسية الحاكمة باشرت هجومها المضاد واستعملت نقاط القوة التي تحتكرها.

بات الجميع اليوم على علم أن لا خير سيأتي من هذه الطبقة السياسية التي ما زالت تختلف في ما بينها على تقاسم الحصص فيما البلاد تنهار، والملاحظ في الأيام الأخيرة أن قسماً كبيراً من الشعب الذي لم يناصر الثورة أو حتى كان ضدّها بات يسأل اليوم: أين هم الثوّار، ولماذا لا ينتفضون من جديد؟

والجدير ذكره، أن جحيم الإنهيار المالي وصل إلى الأشخاص الذين يعملون في مؤسسات تابعة لأحزاب السلطة، وهذا الأمر سيرفع مؤشّر الإنهيار، خصوصاً أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أعلن بصراحة أن حجم الفقر في البلد سيرتفع.

ويسأل البعض أين اختفت الساحات الثائرة، ولماذا لم يتمّ التحرّك بعد خصوصاً في المناطق التي انتفضت وشكّلت بريق أمل للناس بعد فقدان الأمل من هذه الطبقة السياسيّة.

ومن أبرز مناطق الثورة التي خفّ وهجها هي منطقة الزوق التي اندفعت منذ الأيام الأولى من أجل المطالبة باستعادة الحقوق، وتحقيق ولادة لبنان الجديد.

ولا يمكن، حسب ثوّار الزوق، فصل الواقع في منطقتهم عن بقية مناطق لبنان إذ إن الثورة في مسار تراجعي على رغم كل الآمال المعلّقة عليها. لكن هذا الأمر لا ينفي وجود واقع خاص في الزوق، أدى إلى تراجع الثورة وهو يتلخّص ببعض النقاط:

أولاً: عدم وجود ساحة في الزوق من أجل التظاهر الشعبي فيها، أما إستحداث ساحة جديدة فمكلف جداً، ولا أحد يملك الإمكانيات من أجل القيام بهذا العمل.

ثانياً: وجود قرار جازم وحازم في منع قطع الطريق هناك من قبل قيادة الجيش اللبناني وبقية الأجهزة الأمنية، وهذا الأمر أثّر على الثورة، إذ إن قطع الطرق كان من أهم وسائل الضغط على السلطة الحاكمة.

ثالثاً: الإضطهاد والعصا الأمنية التي واجهت بها السلطة ثوّار الزوق، إذ إن مشاهد العنف ماثلة أمام أعين اللبنانيين والعالم، وبالتالي فإن هذا الأمر ساهم في الإنقضاض على الثورة من دون أن ينهيها.

رابعاً: إنشغال ثوّار الزوق مرّات عدّة بإطلاق سراح من يتمّ اعتقالهم وتوجيه إهتمامهم إلى هذا الأمر، بدل التركيز على المطالب التي رُفعت في أول أيام الثورة، والجدير ذكره أن الطريق في الزوق وجونية قطعت مرّات عدّة من أجل المطالبة باطلاق سراح الموقوفين.

خامساً: إنسحاب بعض الجهات المنظمة التي شاركت في الثورة خلال أيامها الأولى، ما أدّى إلى فقدان نقاط قوّة كانت تتمتّع بها، علماً أن السلطة تحتاج إلى قوّة منظمة تقف في وجهها لأن التحركات العفويّة لا تؤثّر بها.

ومعروف أن تحركات الزوق لم تقتصر على أبناء الزوق فحسب، بل شكّلت ساحة لكلّ أبناء كسروان، حتى للقاطنين في المنطقة، كذلك، فان تلك المنطقة تتأثر برأي البطريركية المارونية والجيش والأحزاب السياسية.

وفي تشريح للوضع السياسي الكسرواني، فإن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ماض في دعمه للثورة، لكن هذا الأمر لم ينعكس تحركات على الأرض في كسروان.

من جهة ثانية، فإن من يتأثّر برأي الجيش في كسروان يقف على الحياد بعد الحملة التي شنّت على قائد الجيش العماد جوزف عون واتهامه بتسهيل قطع الطرق، في حين أن قرار الجيش تغير منذ فترة وهو لا يتساهل مع المتظاهرين.

أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية الأساسية، فإن “التيار الوطني الحرّ” يناهض الثورة ويعمل على قمعها باستعمال أدوات السلطة، في حين أن شباب حزبي “القوات” و”الكتائب” لا يتحركون بقرار حزبي.

وعلى رغم كل هذه الوقائع، يؤكّد الثوّار في الزوق أن نار الثورة تبقى جمراً تحت الرماد، وهي تنتظر الفرصة للتحرك مجدداً، لأن السلطة السياسية لا تقدّم حلولاً، كما أن الوضع الإقتصادي يتجه نحو الأسوأ، وبالتالي فإن الثورة الثانية ستكون أعنف ولن ترحم أحداً.

ويؤكّد شباب الثورة أن خطة التحرّك التي كانت في البدايات يجب أن تتغيّر لأن متطلبات المرحلة تبدّلت، وبالتالي فإن هذا الأمر لا يحصل بمعزل عن بقية المناطق، من هنا، فإن أحداً لا يعلم كيف سيكون التحرّك المقبل. ولا يلغي الثوّار من حساباتهم إمكانية قطع الطرق مجدداً وصولاً إلى إعلان العصيان المدني الشامل في كل لبنان، لأن السلطة تستكمل مخططاتها ولا ترحم شعبها الذي يرزح تحت خطّ الفقر.

ولا يهتمّ ثوار الزوق لفاتورة المواجهة مع القوى الأمنية لأنهم يرون أنّ “النزلة” هذه المرّة ستكون مختلفة عن كل المرّات، فليس لدى المواطن شيء يخسره بعد الإمعان في التعطيل والسرقات ونهب المال العام، في حين يعتبرون أن العسكري الذي يوضع في وجههم هو من الشعب ولديه المطالب نفسها لكن لا قدرة له على التعبير.